مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تحت المطرقة الأوروبية

وزير المالية السويسري كاسبار فيليغر مع المفوض الأوروبي لشؤون الجباية فريدريك بولكشتاين Keystone

"الاتحاد الأوروبي لم يوجه تهديدات لسويسرا" دعما لمطالب بروكسيل المتعلقة بتبادل المعلومات حول مواطني الاتحاد المتهربين من دفع الضرائب في بلدانهم.

هذا ما أكده المتحدثون بلسان المفوضية الأوروبية التي تطالب برن بمدها بالمعلومات الضرورية لمكافحة تهرب مواطني دول الإتحاد من الضرائب.

يرجع عدم القلق على الجانب السويسري للمواقف التي أعرب عنها وزراء مالية البلدان الخمسة عشر الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في العاصمة الدانمركية كوبنهاغن لسببين اثنين: أولهما هو أن هذه الضغوط على سويسرا ليست جديدة في الواقع، وثانيهما أن بلدان الاتحاد منشقة على نفسها حول مشاكل داخلية شبيهة بالمشكلة مع سويسرا بالذات.

فالمعروف أن بروكسل قد حاولت في أواخر العام الماضي تقنين التبادل للمعلومات الضرائبية بين الدوائر المعنية في مختلف البلدان الأعضاء، لكن هذه المحاولات لم تتكلل بالنجاح حتى الآن بسبب تحفظات عدد من البلدان الأعضاء التي لا ترى جدوى من هذه الخطوة، ما لم تطبق أيضا في بلدان خارج الاتحاد الأوروبي، كسويسرا على سبيل المثال.

ومنذ ذلك الحين تعتبر سويسرا تحفظات لوكسمبورغ وبلجيكا والنمسا (الأعضاء في الاتحاد الأوروبي) إزاء تبادل المعلومات الضرائبية، كمبرر للتمسك بالسرية المصرفية السويسرية التقليدية التي لا تعتبر التهرب من الضرائب أمرا يقع تحت طائل القوانين الجنائية وإنما “هفوة” تقع تحت طائل القوانين الإدارية.

علاوة على ذلك فان سويسرا ليست “الجنة” الوحيدة التي تمارس فيها السرية المصرفية في المجالات الضرائبية خارج الاتحاد الأوروبي. إذ هنالك “جنان” أخرى في القارة الأوروبية للمتهربين من دفع الضرائب في بلدانهم، مثل إمارة موناكو وأندورا أو جزر Channel Islands القريبة من السواحل النورماندية في بحر القنال.

الجديد ليس جديدا !

إن الضغوط الدولية، خاصة الأوروبية والأمريكية على سويسرا بهدف إقناعها بطريقة ما بالتخلي عن السرية المصرفية بشكل أو بآخر، ليست جديدة في حد ذاتها. كذلك أيضا هو شأن مقاومة سويسرا لهذه الضغوط مع ضمان التعاون في التحقيقات الدولية لمكافحة الجريمة والإرهاب، بشرط الحصول على مستندات ووثائق تبرر رفع السرية المصرفية في هذه الحالات.

لكن العنصر الجديد في المطالب الأوروبية القاضية بضم “التهرب من دفع الضرائب” إلى هذه الجنايات أو الجرائم، هو أن بروكسل لم تعد تطالب سويسرا بتبادل أوتوماتيكي للمعلومات عن أرصدة وودائع مواطني الاتحاد الأوروبي في البنوك والمؤسسات المالية السويسرية، وإنما بمدها بهذه النوعية من المعلومات الجبائية عند الطلب، أي في حالات معينة.

وقد وصف وزير مالية سويسرا كاسبار فيليغير هذه الإنعطافة بالـ”إيجابية”، لكنه أصر على الموقف القائل بأن السرية المصرفية ليست موضعا لأي جدل، وأن برن على استعداد للمساعدة في مكافحة التهرب من الضرائب عن طريق حسم نسبة محددة من دخل استثمارات مواطني بلدان الاتحاد في سويسرا من المصدر، أي لحظة تحصيل الدخل أو الفائدة.

جدير بالذكر أن القوانين السويسرية تميّز بين التزييف أو الاحتيال الضرائبي الذي يعتبر جناية وبين التهرب من دفع الضرائب الذي لا يعتبر جناية وإنما هفوة إدارية. وفيما يتعلق بالتزييف فإن القانون لا يسمح برفع السرية المصرفية إلا على أساس الإثباتات المادية على حصول مثل هذا التزييف.

إن لعبة شد الحبل بين سويسرا والخارج حول الفوارق في الأنظمة الضرائبية ستتواصل ولا شك، باعتبار أن وزراء الاتحاد الأوروبي سيعودون لهذا الملف الشائك في أوائل أكتوبر تشرين ـ الأول المقبل، تمهيدا لاتخاذ القرار النهائي المتوقع في أواخر هذا العام.

سويس إنفو

في تعقيب أولي للحكومة الفدرالية على تهديدات وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، قال وزير الاقتصاد باسكال كوشبان إن سويسرا لا تعتبر هذه التطورات “العابرة” على حد وصفه، نقطة من النقاط الرئيسية والحاسمة في المفاوضات الثنائية مع الاتحاد.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية