مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تشارك في وداع غاندي البلقان

شيع عشرات الآلاف من ألبان كوسوفو في صمت رهيب جثمان رئيسهم الراحل إبراهيم روغوفا إلى مثواه الأخير في العاصمة بريشتينا صبيحة الخميس 26 جانفي 2006 Keystone

شاركت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي في مراسم تشييع جثمان إبراهيم روغوفا إلى مثواه الأخير يوم 26 يناير تعبيرا عن حزن الكنفدرالية لفقدان الرجل الذي تعاونت معه في محاولات نشر السلام في البلقان.

من ناحيتهم، أعرب ألبان كوسوفو في سويسرا عن قلقهم من الفراغ السياسي في مرحلة ما بعد روغوفا.

بوفاة روغوفا يكون أحد رموز حركة استقلال كوسوفو قد رحل، وهو الرجل الذي كانت الخارجية السويسرية ترى فيه الشخصية المحورية لإقناع مواطنيه بالحلول الوسط التي يمكن أن تمهد الطريق إلى انفصال كوسوفو عن صربيا، خصوا في ظل الإفتقار لبديل له يمكن أن يواصل لعب دور حلقة الوصل بين المفاوضين والرأي العام في الإقليم.

وقد نعت الكنفدرالية على لسان رئيسها موريتس لوينبرغر إبراهيم روغوفا، فور الإعلان عن وفاته يوم السبت 21 يناير الجاري، وقال بأنه رجل فيلسوف وكاتب تحمل مسؤولية ومنصبا سياسيا دون أن يتخلى عن منهج الاعتدال في مسيرته لحل النزاع حول إقليم كوسوفو.

وكانت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي قد أكدت أمام وسائل الإعلام أثناء زيارتها للعاصمة النمساوية فيينا في 23 يناير الجاري، ضرورة مواصلة مفاوضات الوضع النهائي لإقليم كوسوفو بوتيرة أسرع، لأن الأوضاع هناك غير مستقرة.

وأكدت كالمي راي على أن سويسرا ترحب بكوسوفو مستقلة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الوضع النهائي في الإقليم يجب أن يتحدد من خلال المفاوضات والحوار بين الجانبين.

مخاوف المرحلة المقبلة

من ناحيتها تعتقد سويسرا أن إقليم كوسوفو يمكن أن يتعرض الآن إلى نوع من عدم الاستقرار، حيث يرى جان فيليب جانريه المتحدث باسم وزارة الخارجية بأن روغوفا “كان شخصية محورية ولعب دورا هاما في مفاوضات الوضع النهائي”، ولذا يعتقد جينيريه بأن “الوضع الآن أصعب”، ومع ذلك يرى بأنه “لا يجب ألا يكون المرء متشائما، فجميع الأطراف تدرك أن الوصول إلى الحل النهائي يجب أن يمر دون حدوث أية معوقات”، مثلما جاء في تصريحه إلى سويس انفو.

في المقابل، يتوقع البرلماني السويسري أوللي لوينبرغر عن حزب الخضر، ومؤسس ومدير الجامعة الألبانية الشعبية في جنيف حتى عام 2002، حدوث نوع من الصراع على خلافة روغوفا لاسيما بين أعضاء حزبه “الرابطة الديمقراطية” أقوى الأحزاب شعبية في كوسوفو، وبين القوى السياسية المختلفة المتواجدة في الإقليم.

ويعتقد لوينبرغر أن هاشم تاشي زعيم الحزب الديمقراطي، ثاني أكبر كتلة حزبية هناك، سيلعب دورا في هذا الصراع، لاسيما وأنه ينحدر من أسرة عريقة ذات نفوذ واسع في الإقليم وأسس جيش تحرير كوسوفو (المعروف اختصارا باسم UCK) منذ أن كان يدرس في زيورخ.

ويتمنى الخبير المتخصص في شؤون كوسوفو، أن تمر المفاوضات الجارية حول الوضع النهائي للإقليم بسلام، ولكن دون أن يغيب عنها التوصل إلى ضمانات لحصول الأقلية الصربية على حقوقها. ويرى أنه “إذا ما أدت المفاوضات إلى تقسيم الإقليم بين الصرب والألبان، فسوف يقود ذلك إلى نشوب حرب”، مثلما جاء في حديثه إلى سويس انفو.

حزن وقلق الجالية

من ناحيتها أعربت المنظمات الهيئات السياسية والثقافية لألبان كوسوفو المقيمين في سويسرا عن بالغ أسفها لوفاة روغوفا وتعلقها بالرئيس الراحل. وقال الصحفي هيفزي كريزيو لسويس انفو بأن رحيل روغوفا قد أثر فيه بشكل خاص، لأن رحيل رجل السلام هذا ليست فقط خسارة لإقليم كوسوفو ولكن أيضا لكل البلقان.

ويتخوف كريزيو من أن تتبدل حالة البناء المتوازنة التي يعيشها الإقليم الآن إلى مرحلة من الفوضى في مرحلة ما بعد روغوفا، حيث يرى بأن مؤسسات الدولة وإداراتها تسير إلى الآن بشكل جيد، كما يتوقع حدوث فراغ سياسي في الإقليم، لأن كل سياسي أصبح يدرك الآن بأن تسلم منصب ليس نوعا من الرفاهية، بل تحمل جزء من المسؤولية تجاه الإقليم.

ويأمل كريزيو من جهة أخرى في أن تواصل سويسرا دورها في دعم كوسوفو وصولا إلى الاستقلال.

أما ممثلو المعلمين ومجالس آباء التلاميذ من ألبان كوسوفو المقيمين في سويسرا، فيأملون في تطور سلمي نحو حرية واستقلال إقليم كوسوفو، لأن ذلك سينعكس على صورة ألبان كوسوفو المقيمين في سويسرا وسيؤثر على اندماجهم في المجتمع.

من جهته يرى شوكت شاكولي من الجميعة الثقافية الألبانية في فينترتور (القريبة من زيورخ) بأنه لا يوجد على المدى البعيد بديل لشخصية روغوفا السياسية، ولكنه يأمل في الوقت نفسه في تطور سلمي مشيرا إلى “وجود أقلية من الأشخاص في إقليم كوسوفو، ترفض أي حوار، في مقابل أغلبية واسعة تسعى إلى السلام والحرية”، على حد تعبيره.

جون ميشال برتو – سويس انفو

(نقله إلى العربية: تامر أبو العينين)

في عام 1998 بلغ عدد أبناء كوسوفو من الألبان المقيمين في سويسرا 160 ألف شخص، ارتفع عددهم في موفى العام الماضي إلى 200 ألف، أي ما يوازي 10% من إجمالي سكان إقليم كوسوفو.
تشارك سويسرا في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الإقليم بوحدة سويس كوي المتمركزة في مدينة سوفاريكا.
سياسيا يتبع إقليم كوسوفو اتحاد صربيا والجبل الأسود، لكنه يوجد إداريا تحت وصاية الأمم المتحدة.

توفي إبراهيم روغوفا عن 61 عاما يوم السبت 21 يناير 2006 إثر صراع مرير مع مرض السرطان.
بدأ في عام 1989 مقاومته السلمية للحصول على إستقلال إقليم كوسوفو من خلال تشكيل حكومة موازية بمؤسسات ومدارس ومستشفيات.
تبلور نشاطه السياسي في 1999 وتم انتخابه مرتين رئيسا للمرحلة الانتقالية في كوسوفو، وفاز حزبه الرابطة الديمقراطية بنسب عالية في الانتخابات.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية