قوات النظام السوري تواصل معركتها للسيطرة على آخر أحياء المعارضين في حلب

تواصل قوات النظام السوري مدعومة من مجموعات مسلحة موالية الخميس تقدمها نحو الاحياء الاخيرة التي لا تزال تحت سيطرة مقاتلي المعارضة في شرق حلب، في محاولة لتحقيق “تحول في مجرى الحرب”، بحسب وصف الرئيس السوري بشار الاسد.
ومن شأن استكمال النظام المدعوم من روسيا وإيران، سيطرته على ثاني المدن السورية ان يشكل نكسة كبيرة للمعارضة المدعومة من الغرب ودول عربية عدة. وسيشكل ذلك أكبر إنجاز عسكري للنظام استراتيجيا ورمزيا منذ بدء النزاع في 2011.
في موازاة استمرار العمليات العسكرية الكثيفة والتقدم السريع لقوات النظام على الارض، يبقى الافق الدبلوماسي مسدودا، إذ فشل وزيرا الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف خلال لقاء بينهما الاربعاء في المانيا في التوصل الى اتفاق على وقف لاطلاق النار في حلب حيث يعيش المدنيون المتبقون في الاحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة تحت وابل من القصف من دون مقومات الحياة.
واشار وزيرا الخارجية الى انهما سيعاودان الاتصال صباح الخميس في حين قال مسؤول اميركي “لم يحصل تقدم حول مسالة حلب”.
الا ان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت لوكالة فرانس برس ان “لا لقاء مرتقبا” بين الوزيرين في هامبورغ الخميس، من دون استبعاد ان يلتقيا بشكل وجيز من دون موعد.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان الخميس بان المعارك تتركز الخميس في احياء صلاح الدين وبستان القصر، وان مقاتلي المعارضة يردون بقصف الاحياء الغربية بالقذائف.
واشار الى ان “قوات النظام تحاول استعادة السيطرة على مناطق جديدة عبر اتباع تكتيك قضم المناطق وإشعال جبهات عدة في وقت متزامن”.
– غارات كثيفة.. ورعب-
وتزامنت المعارك وفق المرصد مع قصف مدفعي وجوي لقوات النظام على أحياء عدة بينها السكري وبستان القصر والفردوس والزبدية والكلاسة.
واشار مراسل لفرانس برس في شرق حلب الى حالة من الرعب والذعر عاشها السكان في حي الكلاسة بعد سقوط برميل متفجر.
وبث التلفزيون السوري الرسمي مشاهد مباشرة من اطراف حي بستان القصر، تظهر تصاعد سحب من الدخان بعد تعرضه للقصف.
وباتت قوات النظام وفق المرصد، تسيطر على اكثر من 85 في المئة من الاحياء التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين.
وقال الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة مع صحيفة “الوطن” السورية نشرت الخميس ان حسم المعركة في حلب سيشكل “محطة كبيرة باتجاه” نهاية الحرب.
واضاف “صحيح أن معركة حلب ستكون ربحاً، لكن لكي نكون واقعيين لا تعني نهاية الحرب في سوريا..”، معتبرا ان الحرب لا تنتهي “إلا بعد القضاء على الإرهاب تماماً، فالإرهابيون موجودون في مناطق أخرى”.
كما اعتبر ان فشل مقاتلي المعارضة وداعميهم في معركة حلب “يعني تحول مجرى الحرب في كل سوريا، وبالتالي سقوط المشروع الخارجي سواء كان اقليميا او غربيا”.
واستبعد الأسد تطبيق هدنة في حلب. وردا على سؤال عما “اذا انتهت الهدن اليوم”، قال “عملياً غير موجودة طبعاً.. هم ما زالوا مصرين على طلب الهدنة وخاصة الأميركيين، لأن عملاءهم من الإرهابيين أصبحوا في وضع صعب”.
وتعتبر حلب حاليا الجبهة الرئيسية في نزاع تسبب على مدى أكثر من خمس سنوات بمقتل اكثر من 300 الف شخص وتشريد أكثر من نصف السكان.
وانتقد الائتلاف السوري المعارض الخميس في بيان “عجز المجتمع الدولي عن القيام بواجبه تجاه حماية المدنيين”.
وكانت الفصائل المقاتلة في حلب اقترحت الاربعاء ما سمته مبادرة من اربع نقاط، تنص على وقف “فوري” لاطلاق النار واخلاء الجرحى والمدنيين الراغبين الى ريف حلب الشمالي.
– نداء من “الخوذ البيضاء” –
ووجهت منظمة “الخوذ البيضاء”، الدفاع المدني السوري الذي يعمل في الاحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب، الخميس نداء الى المنظمات الدولية طالبت فيه “بتوفير ممر آمن بشكل عاجل لجميع متطوعي الإنقاذ وعائلاتهم والعاملين الآخرين في المجال الإنساني ضمن المدينة”.
وابدت مخاوفها من ان يتم “التعامل مع جميع متطوعي الدفاع المدني والعاملين في المجال الإنساني باعتبارهم مجموعات إرهابية”.
وجددت الأمم المتحدة الخميس دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار في شرق حلب حيث ينتظر مئات من الأطفال المرضى أو المصابين إجلاءهم من مناطق المعارك.
وقال رئيس مجموعة العمل حول المساعدات الإنسانية في سوريا يان إيغلاند خلال مؤتمر صحافي في جنيف “يجب أن تكون هناك هدنة”.
وأضاف “في الوقت الحالي أولئك الذين (…) يحاولون الفرار يجدون أنفسهم في مرمى تبادل إطلاق النار والتفجيرات وقد يشكلون أهدافا لقناصة معزولين”، مشيرا إلى أن “مئات الأطفال والمرضى والجرحى (…) يجب أن يخرجوا ” من الأحياء الشرقية لحلب التي تسيطر عليها فصائل المعارضة وتحاصرها قوات النظام السوري.
وتم ليل الاربعاء الخميس إجلاء أكثر من 150 مدنيا، غالبيتهم مرضى او من ذوي الاحتياجات الخاصة، من مركز طبي في حلب القديمة إثر سيطرة قوات النظام عليها، بحسب ما اعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر.
وتسببت المعارك في حلب منذ نحو شهر بنزوح ثمانين ألف شخص من الاحياء الشرقية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
على جبهة اخرى في سوريا، احصى المرصد مقتل 34 عنصرا على الاقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، “خلال هجمات عنيفة ومتزامنة نفذها تنظيم الدولة الاسلامية في محيط حقول جزل والمهر وشاعر النفطية” في منطقة تدمر في حمص (وسط).
وكانت حصيلة سابقة اشارت الى مقتل 26 عنصرا.