مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قواعد جديدة للأجانب في ليبيا

يستخدم آلاف الأجانب الاراضي الليبية تمهيدا للهجرة غير القانونية إلى أوروبا، في الصورة مئات المهاجرين العرب في زورق قبالة سواحل جزيرة لامبيدوسا الإبطالية في منتصف مارس 2005 Keystone swissinfo.ch

بدأت السلطات الليبية منذ منتصف أغسطس الجاري في اتخاذ إجراءات جديدة لمراقبة دخول العرب والأجانب إلى البلاد.

وتأتي هذه التحركات بعد أن زاد عدد المهاجرين إلى ليبيا بشكل لافت للنظر، أثروا على فرص العمل المتاحة لليبيين، واختلط بينهم عدد كبير من الراغبين في التسلل عبر المنافذ البحرية إلى أوروبا.

المتجول في مدينة طرابلس التاريخية وراء القلعة العثمانية المطلة على البحر تفاجئه وجوه إفريقية سمراء، تطل من الأبواب أو تدخل إلى البيوت بشكل يدل على أنها تقيم هناك.

قليلا ما تشاهد مواطنا باللباس الليبي يغادر بيتا أو يسير في الشوارع الضيقة، عدا الأسواق القريبة من الأسوار التي مازال يسيطر على محلاتها تجار ليبيون. ويشرح لك بمرارة الشيخ مبارك العبيدي الجالس في متجره كيف أن الأفارقة اجتاحوا المدينة القديمة بعدما غادرتها الأسر الطرابلسية العريقة إلى فلل في ضواحي العاصمة.

استفاد المهاجرون الأفارقة من أسعار الإيجار الزهيدة، خصوصا في ظل قلة الفنادق وغلاء أسعارها، لينتشروا في البيوت القديمة التي افتقدت للصيانة وباتت حالتها متداعية.

لكن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الليبية اعتبارا من الإثنين الماضي لا ترمي لترضية “الطرابلسية” الغيورين على بيوت الأجداد والمتذمرين من “زحف” الأفارقة، وإنما وُضعت تحت عنوان ضبط دخول العرب والأجانب إلى البلد وإقامتهم فيه.

مليون مهاجر

وتمثلت الخطوة الليبية الجديدة في فرض رقابة مشددة على دخول العرب والأجانب في المنافذ البرية والبحرية والجوية، تقضي بمطالبة الداخل بأن يكون حاملا لمبلغ لا يقل عن 500 دينار (400 دولار) بإحدى العملات القابلة للتحويل بعنوان تغطية نفقات إقامته، أيا كانت جنسيته حتى لو كان معفيا من التأشيرة.

وواضح أن البلدان التي يعفى مواطنوها من التأشيرة، هي أولا البلدان العربية والإفريقية المجاورة أي مصر وتونس والسودان والنيجر وتشاد ومالي، إضافة للمغرب والتي كانت منذ مطلع السبعينات المصدر الرئيسي للعمالة الوافدة على ليبيا.

ويقدر حجم تلك العمالة حاليا طبقا لمصادر ليبية غير رسمية بأكثر من مليون مهاجر في بلد يقل عدد سكانه الأصليين عن خمسة ملايين ساكن، مما يعني أن نسبة العمالة الوافدة تصل إلى واحد من كل خمسة ليبيين. وساهمت سياسة العقيد القذافي المتجهة إلى إفريقيا، بعدما تخلى عن مشروعه العروبي، في استقطاب أعداد كبيرة من الأفارقة إلى ليبيا على نحو بات يشكل عبئا على الإقتصاد والمجتمع في آن معا.

إعادة المتسللين إلى بلادهم

وتنفيذا للقرار الجديد الذي بدأ العمل به منذ منتصف الشهر، باشرت الأجهزة الأمنية الليبية حملات للقبض على المتسللين، وهي تقوم بترحيلهم إلى بلدانهم التي هي عادة البلدان العربية والإفريقية المجاورة. ووزعت أمانة الأمن العام (وزارة الداخلية) تعميما على الوزارات والمنشآت العمومية وكذلك على مؤسسات القطاع الخاص، حذرت فيه من تشغيل الوافدين الذين لم يدخلوا البلد بصورة شرعية، أي الذين لم يستجيبوا للتراتيب الجديدة.

وعزا مصدر مسؤول ، رفض الكشف عن هويته في اتصال هاتفي مع “سويس انفو”، الإجراءات الجديدة إلى الحد من التدفق غير الشرعي للعمالة الأجنبية، والذي ضايق الشباب الليبي، وقلل من فرص العمل المتاحة أمامه، مما تسبب في زيادة نسبة العاطلين مع ما تفرزه ظاهرة البطالة من مخاطر اجتماعية وسياسية. ومعلوم أن أمين اللجنة الشعبية العامة (رئيس الوزراء) شكري غانم قدَر مؤخرا عدد العاطلين عن العمل ب270 ألف شخص.

كذلك تفسَر الجهات الرسمية الليبية الإجراءات الجديدة بانتشار مشاكل اجتماعية وصحية عديدة في المدن الليبية، وفي مقدمتها انتشار تجارة المخدرات وتزايد جرائم القتل والسرقات، خصوصا في طرابلس وبنغازي، نتيجة تدفق العمالة الوافدة من دون رقابة.

إلا أن الحكومة استثنت من الإجراءات الأخيرة أفراد المجموعات السياحية التي تغطي الشركات نفقات إقامتهم، والحاصلين على تأشيرات دخول لأداء مهمات رسمية أو للدراسة. كما استُثني الزوار الذين يرغبون في الإلتحاق بمقيم شرعي لغرض الزيارة، شريطة التزام هذا الأخير بتحمل نفقات إقامة الزائر وعلاجه.

ضغوط أوروبية؟

غير أن مصادر مطلعة أكدت أن القرارات الجديدة أتت استجابة لضغوط أوروبية ترمي لحمل ليبيا على الحد من الهجرة غير المشروعة من سواحلها نحو الجزر الإيطالية. وأوضحت المصادر أن تلك الضغوط أتت في ضوء الإحصاءات الأوروبية التي أثبتت أن غالبية المهاجرين غير الشرعيين الوافدين على جنوب إيطاليا، والذين تم ضبطهم في المياه الدولية أو على سواحل جزيرة “لامبيدوزا”، أتوا من بلدان الساحل الإفريقي عبر ليبيا. وضبط حراس السواحل الإيطاليون مهاجرين غير شرعيين من تونس والمغرب على متن زوارق منطلقة من ليبيا وبخاصة من ساحل مدينة زوارة القريبة من طرابلس.

وكان الإتحاد الأوروبي حض ليبيا أكثر من مرة على فرض رقابة على سواحلها ومنع تسلل مراكب المهاجرين غير الشرعيين، وكان هذا الموضوع المحور الرئيسي للمحادثات التي أجراها وفد من الإتحاد برئاسة مفوض شؤون العدل والأمن الإيطالي جان فرانكو فيني الشهر الماضي في طرابلس مع مسؤولين ليبيين. وأفيد أن بروكسيل عبرت عن ارتياحها للإجراءات الليبية الأخيرة لكونها تشكل خطوة على طريق فرض رقابة على الهجرة غير المشروعة، إلا أنها اعتبرتها غير كافية انطلاقا من مطالبتها بتشديد الرقابة الأمنية على السواحل الليبية القريبة من أوروبا، والتي مازالت تؤرق المسؤولين في الإتحاد.

رشيد خشانة – تونس

بدأت السلطات الليبية منذ 15 أغسطس الجاري في فرض رقابة مشددة على الأجانب المقيمين في البلاد والوافدين عليها.
تطالب السلطات الوافدين بضرورة اثبات وجود ما لا يقل عن 400 دولار لدى دهوله البلاد لتغطية نفقات الإقامة.
تحظر السلطات تشغير العمالة الأجنبية المقيمية بشكل غير شرعي في البلاد.
تقوم السلكات الليبية بترحيل المقيمين بشكل غير مشروع وإعادتهم إلى دولهم الأصلية.
يبلغ عدد الأجانب في ليبيا أكثر من مليون شخص طبقا للتقديرات غير الرسمية.

تبلغ مساحة ليبيا 1,759,540 كم²
تعداد السكان 5,882,667 نسمة
إجمالي الناتج القومي: 41 مليار دولار
أهم الصادرات: النفط والغاز الطبيعي
الصادرات: 11.8 مليار دولار
الواردات: 6.3 مليار دولار

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية