مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كنيسة تفتح أبوابها في مركز تجاري وسط زيورخ

swissinfo.ch

الكنيسة التي فتحت أبوابها حديثا بمركز سيهل سيتي التجاري العملاق بزيورخ، هي عبارة عن واحة للهدوء والسكينة وسط متجر يعجّ بالحركية والنشاط.

وهذا المعبد المسكوني، هو أيضا تجربة نموذجية تدل على أن بإمكان المؤسسة الدينية أن تقترب أكثر من حياة الناس.

ثلاثة طلبة في المرحلة الثانوية، من عشّاق موسيقى الهيب هوب يستوقفهم باب المعبد، المطلّ على المدخل، ويهمس أحدهم: “لم أر من قبل كنيسة عصرية مثل هذه”.

هذه الشلّة من الشباب خرجوا لقضاء وقت الفراغ، الذي تتيحه لهم عطلة عشية الأربعاء، وهم اليوم من بين مائة زائر قادتهم الخطى لهذا المعبد، الذي يقع أعلى نادي ستاربوكس، الذي يقدم لرواده القهوة والمشروبات الأخرى في جو من الموسيقى الصاخبة.

ويقول القس البروتستانتي يعقوب فيتش، المداوم بالمعبد: “أصناف كثيرة من الناس يأتون إلى هنا، بما في ذلك طبعا الفضوليون والراغبون في مجرد الإطلاع”، ويضيف زميله الكاثوليكي غيدو شفيتر: “انتشر خبر المعبد ليس بين عمال المركز التجاري الذين يعدّون 2.300 عامل فقط، بل وأيضا بين المتسوّقين، إنهم يأتون ليشعلوا شمعة وليؤدوا بعض الصلوات أو لطلب استفسار”.

مشروع مشترك

فتح هذا المعبد، الذي يُـعد تتويجا لفترة طويلة من العمل المشترك بين الكنيستين، البروتستانتية والكاثوليكية، المعتمدتين رسميا من طرف الدولة، لكن هذه هي المرة الأولى التي تنضم فيها الكنيسة الكاثوليكية القديمة، وهي أيضا تحظى بالاعتراف الرسمي، إلى مشروع جماعي مثل هذا المشروع.

ويعتقد القسيسان أن هذه الخطوة تصلح نموذجا يمكن أن ينسج على منواله في المستقبل لمزيد من العمل المشترك.

“هذا دليل بسيط على أنه بإمكان الكنائس التعاون في ما بينها وإبراز التكامل في أنشطتها”، يقول القس فيتشر، الذي داوم بالمعبد من الساعة التاسعة صباحا حتى الرابعة بعد الظهر، والذي سيترك مكانه الآن إلى زميله القس شفيتّر من الرابعة حتى التاسعة ليلا.

الباب مفتوح للجميع

في هذا المعبد “قاعة الصلاة” تستقبل روادها من مختلف الأديان. فهناك في الزاوية سجادتان للصلاة للرواد المسلمين، وعلى رفوف المكتبة كتب دينية مختلفة، كالنصوص البوذية والهندوسية، وفي أحد المطويات، الموجهة للزائرين التي عثرنا عليها في المكان، نقرأ: “سواء كنت تفضل الصمت أو الكلام، فأنت على الرحب والسعة”.

ويقول فيتشر، الذي يشغل وظيفة الكاهن منذ 27 سنة: “الذين يأتون للاستفسار والحوار، بإمكانهم عدم الكشف عن هوياتهم، ولا يهمنا معرفة حتى مِـن أي الديانات هم”، ثم يضيف: “نحن هنا في خدمة الجميع، وللردّ على كل الطلبات”.

وتنتشر في المحل طاولات للجلوس على انفراد أو للحوار وتبادل أطراف الحديث، وأيضا غرف معزولة للحوارات الخاصة خلف أبواب صلبة، لا تشي بما يدور وراءها ولا يُُسمع لها همسا.

ويعقِّـب فيتشر: “هذا التعدد وهذا الحياد يساعد الناس على التخاطب براحة أكبر، ولكن لا جديد في الأمر، فحتى أثناء الحج، الناس يتحدثون إلى رجال الدين من دون أن يعرفوهم”.

الكنائس حيث وجد الناس

هل يشير نموذج سهيل ستي إلى طريقة جديدة لتقريب الدِّين من عامة الناس بعدما تخلى هؤلاء على عادة الذهاب إلى الكنائس أيام الآحاد؟ هذا أمر يعتبره القسّان غير صحيح.

“كانت الكنائس باستمرار قريبة من الناس، وفي السابق، وجدت دور العبادة حيث كان الناس يعملون ويسكنون، خاصة في القرى”.

ويضيف فيشّر: “لقد تغيّر المجتمع مع الزمن واختفت الأسواق العامة في الأماكن المفتوحة، واليوم، توجد الكنائس حيث يوجد الناس. إن هذا المعبد ليس بديلا عن بقية الكنائس، بل هو إضافة نوعية لها”. فلهذا المكان وظيفة خاصة، إذ هو يسد فراغا، حيث لا وجود لأي كنيسة أخرى تقدم خدمات بين أيام الاثنين والسبت.

وعلى الرغم من أن هذه المبادرة قد وجدت الاستحسان على نطاق واسع، إلا أن أصواتا قد ارتفعت مُـندِّدة بالخلط بين الدين والتجارة، لكن القسيسان اللذان يُـشرفان على هذه المؤسسة، مقتنعان بجدوى الخطوة وسلامتها.

ويقولان: “في هذا المكان الذي يمكن للإنسان أن يشتري بالمال كل شيء، من المفيد جدا أن يوجد فضاء يدل على أن هناك شيئا آخر لا يمكن بيعه أو اشتراؤه”.

سويس انفو – ألكسندرا ستارك

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

هذا المعبد هو الأول من نوعه في المراكز التجارية في سويسرا، وتشرف عليه الكنائس المسيحية الثلاثة المعترف بها رسميا: الكنيسة الكاثوليكية الرومانية والكنيسة الكاثوليكية القديمة والكنيسة البروتستانتية، وهو مفتوح لاستقبال كل أتباع الديانات بدون استثناء وعديمي الديانة أيضا، ويشرف على إدارته ثلاثة من القساوسة.

تشترك الكنيسة الكاثوليكية الرومانية والكنيسة البروتستانتية في إدارة أماكن للعبادة في مطار زيورخ وفي محطات القطار الكبرى في سويسرا، بالإضافة إلى مرافق مخصصة لتقديم المساعدة وبعض الخدمات كالإنترنت والرسائل الإلكترونية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية