مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لجنة تحقيق أممية تعدد انتهاكات إسرائيل في لبنان

أشار تقرير لجنة التحقيق الأممية إلى أن التدمير "لم تسلم منه حتى أماكن العبادة" Keystone Archive

أقرت لجنة التحقيق التي عينها مجلس حقوق الإنسان الصيف الماضي في تقريرها أن "إسرائيل ارتكبت انتهاكات صارخة" لبنود القانون الإنساني الدولي أثناء حربها ضد حزب الله في لبنان.

وطالبت لجنة التحقيق الأممية بضرورة إقامة آلية لتلقي شكاوى الضحايا من أجل تقديم تعويضات لهم.

نشرت لجنة التحقيق الأممية المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان والمكونة من ثلاثة مقررين خاصين، تقريرها حول انتهاكات إسرائيل للقانون الإنساني الدولي أثناء حربها ضد حزب الله في لبنان ما بين 12 يوليو و 14 أغسطس من هذا العام.

التقرير المكون من 125 صفحة، والذي نشر يوم 21 نوفمبر الجاري على موقع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أقر بأن “إسرائيل استعملت القوة بشكل غير متناسب وبدون تمييز بين المدنيين والعسكريين”، ووصل إلى خاتمة “أن استعمال القوة بشكل مُـفرط وبدون مبررات عسكرية هو بمثابة عقاب جماعي”.

عدم احترام القانون الإنساني

في تقييمهم للصراع الذي خاضته إسرائيل ضد قوات حزب الله على كامل التراب اللبناني على مدى 33 يوما، يرى الخبراء الثلاثة الذين سهروا على إعداد تقرير مجلس حقوق الإنسان “أن هذا الصراع يُـعتبر بحق، صراعا دوليا يستوجب تطبيق بنود القانون الإنساني الدولي”، لكن الخبراء شددوا في خلاصتهم على أن “هذا الصراع كان يفتقر لاحترام بنود هذا القانون”.

ومن بين ما ينتقده الخبراء الثلاثة في خلاصة تحرياتهم “أن الاستعمال المفرط للقوة يذهب الى أبعد من التبريرات التي قدمتها قوات الدفاع الإسرائيلية، من أن ذلك كان بدافع الضرورة العسكرية”.

وبصريح العبارة، يقول التقرير “إن القوات الإسرائيلية أظهرت تجاهلا تاما لأي احترام لأدنى مبادئ قيادة الصراعات المسلحة”.

استهداف المدنيين

وقد خصص التقرير عدة فقرات لعمليات استهداف المدنيين من قبل القوات الإسرائيلية، إذ يقول “إن استهداف المدنيين كأهداف عسكرية مشروعة، لأنهم يكنون تعاطفا أو لهم صلة قرابة بعناصر حزب الله، يتعدى التأويل القانوني لمبدأ التفريق بين المدني والعسكري، ويشكل انتهاكا واضحا لاحترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”، وذهب إلى أن اعتبار إسرائيل “لكل أنصار حزب سياسي على أنهم إرهابيون، يقود الى تأويل غير مقبول للقانون”.

ويعتبر التقرير “اختطاف مدنيين لبنانيين ونقلهم خارج التراب اللبناني بطريقة خارجة عن القانون واحتجازهم في السجون الإسرائيلية وتعريضهم لمعاملات مخلة ولاإنسانية، يتعارض ومبادئ القانون الإنساني الدولي”.

وعن استهداف المنازل والبنية التحتية، بل حتى المنشآت، ذات الاستعمال المشترك العسكري والمدني في مناطق نائية عن منطقة الجنوب، يقول التقرير إنه “لا يوجد له تبرير من الناحية العسكرية، وأنه غير متناسب مع المزايا العسكرية التي يمكن جنيها منه”.

وقد أشار التقرير الى استهداف القوات الإسرائيلية للقوافل المدنية، بل حتى الى قوافل الصليب الأحمر اللبناني وسيارات الدفاع المدني.

ومن العمليات التي يرى التقرير أنها غير مبررة، والتي تمت بطريقة متعمدة “استهداف أماكن العبادة من مساجد وكنائس”، كما تطرق التقرير الى استهداف المناطق الأثرية المحمية من قِـبل اليونسكو، كمعالم أثرية عالمية في كل من بعلبك وصور، والمعالم التي لها أهمية بالنسبة للبنانيين، مثل شمعة وخيام وتبنين وبنت جبيل.

أما الانتهاك الخطير في نظر تقرير لجنة التحقيق الأممية فيتمثل في “استهداف المدارس، الذي لم نجد له أي مبرر عسكري”.

وحتى في حال إشعار المدنيين بضرورة مغادرة المنطقة قبل قصفها، يقول التقرير إن المهلة التي كانت تقدم لهم، لم تكن كافية، وأن بعض القوافل استُـهدفت أثناء مغادرتها للمنطقة.

كما تطرق التقرير الى عرقلة إسرائيل لعمليات وصول الإغاثة للمتضررين المدنيين والمرحلين، وفرضها منع التنقل على قوافل الإغاثة، معتبرا تلك الإجراءات بأنها “انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي”.

وعن الحصار الذي فرضته إسرائيل على لبنان، بحرا وجوا، يقول التقرير إنه كان له تأثير سلبي على وضع المدنيين وعلى اقتصاد البلاد، كما الحق اضرارا بالبيئة.

الأسلحة والقنابل العنقودية

وعن الأسلحة التي استعملتها إسرائيل في حربها ضد حزب الله، يرى التقرير “أن أيا من تلك الأسلحة لم يكن محرما، ولكن الطريقة التي استعملت بها، هي التي أثارت عدة تساؤلات”.

ولدى تطرقه إلى الأسلحة العنقودية التي استعملتها إسرائيل، يشير التقرير الى “أنها لم تكن ذات منفعة عسكرية، وقد استهدفت المدنيين وممتلكاتهم، مما الحق أضرارا كبيرة حتى بعد نهاية الصراع”.

ويشير التقرير أيضا إلى “أن الاستعمال المكثف للقنابل العنقودية خلال الـ 72 ساعة الأخيرة من الصراع، وبالأخص خارج المنطقة التي يمكن منها إطلاق صواريخ الكاتيوشا الى الشمال من الليطاني، لا يمكن تبريره عسكريا، وأنه يتعدى مجرد هدف إبطال مفعول المقاتلين، خصوصا وان المنطقة زراعية ويصل الى حد العقاب الجماعي”.

ومن بين توصيات اللجنة في هذا الصدد “ضرورة مواصلة فحص وتحليل آثار الأسلحة الجديدة المستخدمة في حرب لبنان والتوصل الى مدى شرعية استخدامها، وفقا للقانون الإنساني الدولي”.

وطالب التقرير إسرائيل بتقديم خرائط للحكومة اللبنانية ولقوات حفظ السلام الأممية في جنوب لبنان، لتوضيح مناطق إسقاط القنابل العنقودية للتسريع بعملية التطهير.

المطالبة بالتعويض

ومن بيت التوصيات التي ضمنها أعضاء لجنة تحقيق مجلس حقوق الإنسان في التقرير، “ضرورة إقامة آلية لمتابعة عملية إعادة إعمار لبنان، وقبل هذا وذاك، ضرورة تعويض الضحايا المدنيين اللبنانيين”.

كما بررت اللجنة عدم تطرّقها إلى انتهاكات حزب الله لمبادئ القانون الانساني الدولي أثناء قصفه للتراب الإسرائيلي، بأن المهمة التي أوكلت لها “لا تنص على ذلك”.

ولكن رغم ذلك، تطرق التقرير في بعض فقراته الى الرد على اتهامات باستخدام حزب الله لدروع بشرية بقوله “إن الحزب استخدم بعض المناطق السكنية لاطلاق صواريخه، ولكن بعد مغادرة المدنيين لها”، وأنه استخدم بعض مواقع قوى حفظ السلام أيضا.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

تم في 11 اغسطس 2006 أثناء انعقاد الدورة الخاصة الثانية لمجلس حقوق الإنسان حول الحرب في لبنان، اعتماد قرار “لتشكيل لجنة تحقيق على وجه السرعة وإرسالها للمنطقة”.

تم تعيين ثلاثة مقررين خاصين كأعضاء في هذه اللجنة، وهم المقرر الخاص المكلف بالحق في السكن ميلون كوتاري، ونائب الأمين العام المكلف بملف المرحلين فالتر كيلين، والمقرر الخاص المكلف بالحق في الصحة بول هونت.

مهمة اللجنة تمثلت في التحقيق في استهداف اسرائيل وقتلها للمدنيين في لبنان وفحص وتحليل أنواع الأسلحة المستخدمة في هجمات إسرائيل ومدى مطابقة ذلك لما ينص عليه القانون.

تقرير اللجنة المنشور على موقع مفوضية حقوق الإنسان والمكون من 125 صفحة سيناقش أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته العادية التي ستفتتح يوم الاثنين 27 نوفمبر 2006.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية