مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مستقبل محفوف بالمخاطر!

يعتقد الصحفي سيب مُوزر أن اتخاذ اجراءات تقشفية هو المخرج الوحيد للمأزق غير المُعلن الذي تواجهه "سويس" Keystone

قبلَ بضعة أيام من كشفِ شركة الطيران السويسرية الجديدة "سويس" عن نتائج نشاطاتها خلال النصف الأول من هذا العالم، يتوقع المُراقبون أن تكون الخسائر جسيمة.

ويرى الصحفي سيب مُوزر الذي تنبأ سابقا بانهيار شركة “سويسر اير”، وأصاب، أنه من الطبيعي أن تسجل “سويس” المزيد من الخسائر لأنها ترتكب نفس أخطاء الشركة التي تأسست على أنقاضها.

ليس بسبق إعلامي القول إن قطاع الطيران السويسري يمر بفترة عصيبة. فقد كان انهيار شركة الطيران الوطنية “سويس اير” في نهاية العام الماضي من الأزمات التي عكرت الجو لشهور في الكنفدرالية وخلقت متاعب للحكومة وكبريات المصارف ودافعي الضرائب إلى أن تم التوصل إلى حل تأسست بموجبه شركة الطيران الوطنية الجديدة “سويس” باندماج شركة “كروس اير” المحدودة الحجم و”سويس اير” المُفلسة.

وقد لا يحملُ الصحفي سيب مُوزر الجديد عندما يقول إن قطاع الطيران السويسري ليس بخير على الإطلاق، لكنه بالتأكيد يُقدم أسلوبا جديدا وصريحا للحديث عن شركة الطيران “سويس” الجديدة وما تواجهه من مشاكل حاليا. فهو يقول بصوت عال ما يتهامس به عدد كبير من المُُشرفين على شؤون هذه الشركة الفتية والعاملين بها وحتى بعض الخبراء عندما يُصرح أن “سويس” قامت على أسس خاطئة منذ البداية وأنها كبيرة ومُكلفة جدا مُقارنة مع حجم سويسرا، كما كان الشأن بالنسبة لشركة “سويس اير”.

انطلاقة خاطئة

ويعتقد الصحفي مُوزر أن المشاكلَ التي تعترض “سويس” حاليا نشأت مع ميلاد الشركة التي أراد أصحابُها أن يثبتوا للرأي العام السويسري والدولي أن الكنفدرالية مازالت تتوفر على قطاع طيران كُفء وآمن يتمتع بالجودة والدقة اللتين تشتهر بهما سويسرا. ولترسيخ هذه الصورة الإيجابية حرصت “سويس” على توفير أجود الخدمات لركابها الشيء الذي يُكلفها نفقات تفوق طاقتها حسب الصحفي مُوزر.

وبالإضافة إلى مُشكلة التكاليف الباهظة، يرى مُوزر أن أسلوب إدارة شركة “سويس” والخلافَ الجلي بين “عقليات وثقافات” المُوظفين السابقين في “سويس اير” و”كروس اير” الذين أجبروا على العمل سويا تحت مظلة “سويس”، وقلقَ الشركة المُتواصل من المردودية، كُلها عوامل تصب في خانة تخوفات واحدة: مُستقبل شركة “سويس” للطيران لا يخلو من اضطرابات.

جنونُ العظمة

ويرى الصحفي مُوزر أن المشاكل الحاسمة التي تعترض “سويس” تتركز على مُستوى أعمق بكثير، فهو يقول ببساطة: “إن “سويس” لن تعرف النجاح أبدا لأنها قامت على تصور خاطئ. ويوضح مُوزر أنه لو خضعت الأمور لتحليل عقلاني في البداية لكانت القرارات بشأن إنشاء “سويس” مغايرة تماما.

وهنا يعترف الصحفي أن الأجواء “الكارثية” التي خيمت على سويسرا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2001 بسبب تعرضها لسلسلة من الأزمات، حالت دون إجراء نقاش عقلاني حول شركة الطيران الوطنية الجديدة. فكل السويسريين، من الساسة ورجال الأعمال والمواطنين العاديين لم يعد يتملكهم سوى هاجس إنقاذ “سويس اير” في تلك الفترة، فهي كانت أحد رموزهم الوطنية.

ويعتقد مُوزر أن هذا الهاجس الجماعي لائم تماما مصالح بعض السياسيين ورجال الأعمال البارزين الذين سارعوا لحماية أصدقائهم السياسيين الذين كانوا من أبرز المسؤولين عن انهيار شركة “سويس اير”. ويقول مُوزر بوضوح في هذا السياق، إن إفلاس “سويس اير” لم ينجم عن أحداث خارجية -مثل الوضع الاقتصادي العالمي أو ركود قطاع الطيران عقب أحداث 11 سبتمبر- أو عن التزامات مُكلفة للشركة في الخارج، بل نجم عن استسلام “سويس اير” لـ”جُنون العظمة” من خلال عقد اتفاقيات شراكة مُتعددة مع شركات طيران أجنبية.

عارفون..وصامتون

“جنون العظمة” جعل من “سويس اير” إذن شركة تفوق حجم سويسرا، ويعتقد الصحفي مُوزر أن “سويس” تتجاوز أيضا حجم السوق السويسرية حتى إن لم يكن ذلك بنفس المعايير. وإذا ما أجرينا مقارنة مع التعداد السكاني للكنفدرالية، فان الأسطول الجوي لـ”سويس” يفوق خمس مرات أسطول شركة الطيران الألمانية “لوفتانزا” التي تنعم بنجاح تلو الآخر.

وإذا ما أرادت “سويس” أن تعمل بنفس أسلوب ونشاط مُنافستها الألمانية يجب أن تفوق نسبة إقبال السكان السويسريين على السفر خمس مرات نسبة نظرائهم الألمان. ويُلخص مُوزر الوضع بالقول إن “سويس” أُعطيت حجما اقتصاديا يفوق إمكانياتها الحقيقية، وهو وضع لا يُمكن أن يستمر.

ويؤكد مُوزر أن عددا من الخُبراء وحتى مُعظم المسؤولين عن “سويس” يدركون هذه الحقيقية وأن عددا منهم يعترف في الجلسات الخاصة أنه يتعين على الشركة اتخاذ إجراءات تقشفية وإعادة النظر في إمكانياتها المادية للتمكن من البقاء. لكن عندما يتعلق الأمرُ بالحديث عن هذه المخاوف الحقيقية بصوت عال، يقول مُوزر إن “القضية تظل (مُؤقتا؟)، من المُحرمات لأنها تتعارض مع السياسة الرسمية” وتمس مشاعر شريحة كبيرة من المُواطنين الذين لا يرغبون بالضرورة خوض تجربة “سويس اير” الفاشلة مرة أخرى.

اصلاح بخات – سويس انفو – صحيفة لا ليبرتيه

بلغت خسائر “سويس” خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام 190 مليون فرنك سويسري
في نفس الفترة، حققت “سويس” رقم مبيعات بلغ 517 مليون فرنك

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية