نـساءُ سويـسرا غـاضبات…
بمُناسبة اليوم العالمي للمرأة، نزلت نساءُ سويسرا إلى الشوارع مُرتدية اللّون الأحمر للتعبير عن غضبهن من التمييز وللمطالبة بحماية حقوقهن.
“لا لمراجعة قانون التأمين على العجز والشيخوخة” و”نعم لعطلة الأمومة” كانت أهم شعارات المظاهرات والإضرابات النسائية التي شهدتها مختلف مدن الكنفدرالية طيلة يوم 8 مارس..
طغى اللون الأحمر في اليوم العالمي للمرأة على أزياء النساء في مُختلف المدن السويسرية، حيث استجاب الآلاف منهُن لنداء المُنظمات النسائية والنقابات وجمعيات الطلبة التي دعت إلى ارتداء اللون الأحمر للتعبير عن الغضب إزاء التمييز الذي مازالت تعاني منه النساء في الكنفدرالية.
ومنذ الساعات الأولى من صباح الإثنين 8 مارس، بدأت “النساء الغاضبات”، وهو اسم التجمع الذي يعود له الفضل في تنظيم هذه التظاهرة، الاحتفال بطريقتهن باليوم العالمي للمرأة. وانطلقت معظم الفعاليات في الساعة السابعة من محطات القطار حيث وَزعت المُتظاهرات منشورات تدعو إلى الانضمام للمُظاهرات والإضرابات التي تنتظم في مُختلف مدن الكنفدرالية. وأُطلقت بالمناسبة بالوناتٌ حمراء كما أهديت الوُرودُ للسيدات في الشوارع وأيضا في بعض أماكن العمل.
ومن أبرز التحركات التي ميزت الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في سويسرا تنظيم ما سُمي بـ”اعتصام النساء” تحت شرفات البرلمان الفدرالي بالعاصمة برن. وتتم عملية الاعتصام داخل عربة سيتناوب على الإقامة فيها سيدتان كل 24 ساعة إلى غاية شهر ديسمبر القادم، أي إلى موعد تصويت البرلمان على تشكيلة الحكومة الفدرالية المُقبلة.
وقد أصبح لشهر ديسمبر دلالات رمزية لنساء سويسرا خاصة بعد الهزيمة التي مُنين بها في العاشر من ديسمبر 2003 عندما تقلص تمثيلهن في الحكومة الفدرالية إلى .. امرأة واحدة.
الاعتصام يتواصل بعد 8 مارس
وعن “اعتصام النساء” الرمزي أمام البرلمان الفدرالي قالت السيدة إيفيت باربيي إحدى المنظمات: “النساء يعرفن معنى السهر، ففي سويسرا، تسهر مئات آلاف النساء من أجل رعاية الأطفال أو المرضى”.
وتُنظمُُ عملية الاعتصام -التي سيسهر فيها النساء رمزيا على حقوق المرأة- تحت الشعارات التي اختيرت لفعاليات هذا العام، وعلى رأسها معارضة مراجعة قانون التأمين على العجز والشيخوخة، ودعم مطلب الاستفادة من عطلة الأمومة، ثم مناهضة جميع أنواع التمييز ضد المرأة في مختلف قطاعات العمل.
وتقول اندري ماري دوسو، رئيسة تحرير صحيفة “ليميلي” النسائية في جنيف: “إن 8 مارس مناسبة لجرد حصيلة وضعية النساء والتّذكير بكل الخطوات التي مازال يتوجب القيام بها”.
وفي تصريح لـ”سويس انفو”، أضافت المسؤولة عن أقدم صحيفة نسائية في العالم “إن قضية النساء أحرزت تقدما كبيرا خلال العقود الثلاثة الماضية، وخاصة أثناء العشر سنوات الأخيرة، لكن مازال يتعين القيام بالكثير. إن سويسرا، البلد الغني، مازال متأخرا مقارنة مع جيرانه. فعلى سبيل المثال، لازالت سويسرا لا تتوفر على تأمين على الأمومة ولا على ما يكفي من دور الحضانة بأسعار معقولة”.
محطات يوم المرأة
يذكر أن مبدأ المساواة دُون في الدستور الفدرالي السويسري عام 1981. وتم إنشاء مكاتب للمساواة على المستوى الفدرالي وعلى مستوى الكانتونات بهدف تحقيق هذه المساواة في الحياة اليومية. لكن السيدة دوسو توضح أن قضية النساء مازالت بعيدة عن هدفها حيث تقول: “مازال هنالك تمييز في تنظيم وظروف ووقت العمل. إن النساء هن أولى ضحايا الفقر، فيما يظل العنف العائلي مشكلة مُُعذبة”.
وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي، السيدة الوحيدة في الحكومة الفدرالية، ذكّّرت صباح الاثنين في تصريحات لإذاعة سويسرا الروماندية أن النساء يتقاضين عادة أجورا تقل بنسبة 20% عن زملائهم الرجال في القطاع الخاص وبنسبة 10% في القطاع العام”.
وجدير بالإشارة إلى أن الحركات النسائية الأمريكية كانت قد بادرت في عام 1909 باختيار تاريخ 28 فبراير يوما وطنيا للنساء. وفي العام الموالي، أعلنت الاشتراكية الدولية 8 مارس يوم المرأة في الاتحاد السوفياتي السابق. وبعد ذلك بعقود، أعلنت الأمم المتحدة في عام 1975 الثامن من مارس يوما عالميا للمرأة ليأخذ الحدث بعدا دوليا. وظل الهدف الرئيسي من إحياء هذا اليوم التذكير بأن النساء في مختلف أنحاء العالم لا يتمتعن بنفس حقوق وآفاق الرجال.
بعد وطني وسياسي جديد
ويأخذ الاحتفال باليوم العالمي للمرأة بعدا وطنيا وسياسيا خاصا في سويسرا هذا العام. فقد أثار انتخاب رجلين لشغل مقعدين في الحكومة (كانت تتنافس من أجلهما سيدتان) غضب السويسريات سواء من الأحزاب اليمينية أو اليسارية. وقد تجمع في ذلك اليوم- 10 ديسمبر 2003- ما لا يقل عن 12000 شخص أمام القصر الفدرالي للاحتجاج على انتخاب كريستوف بلوخر (زعيم حزب الشعب اليميني المتشدد) وهانز رودولف ميرتز (من الحزب الراديكالي)، بدل السيدتين روت ميتزلر وكريستين بيرلي.
ويتجلى البعد السياسي القوي الذي تكتسيه احتفالات 8 مارس في سويسرا هذا العام في مشاركة نائبات ومناصرات التيار اليميني لأول مرة في المظاهرات النسائية.
وعن أهمية هذه التعبئة العامة تقول رئيسة تحرير صحيفة “ليميلي” النسائية اندري ماري دوسو: “حتى إن كانت لا تشاطرن دائما مواقف اليسار، فذلك يُعتبرُ انعكاسا مباشرا للعاشر من ديسمبر، وإنه لأمر إيجابي أن يكون هذا الحدث قد أيقظ نساء اليمين”.
وقد قررت نائبات الحزب الراديكالي (اليمين) خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي دعم مشروع مراجعة قانون التأمين على العجز والشيخوخة الذي سيطرح في استفتاء شعبي يوم 16 مايو القادم. وهو مشروع تحاربه أحزاب اليسار لأنه يرفع سن تقاعد المرأة من 62 إلى 65 عاما. ويهدد المشروع بتخفيض معاشات الأرامل وبتقليص معاشات التأمين على العجز والشيخوخة. وفي حال اعتماد المشروع سيتعين على النساء العمل لفترة أطول والحصول في سن التقاعد على معاشات أقل.
في المقابل، قدمت نساء الحزب الراديكالي دعمهن للمنظمات النسائية للاستفادة من التأمين على الأمومة وعطلة الوضع. وسيبدي الناخبون رأيهم في هذا المشروع يوم 26 سبتمبر القادم. وينص المقترح على استفادة الأمهات من عطلة أمومة مدفوعة الأجر تحصل بموجبها النساء العاملات على 80% من راتبهن لمدة 14 أسبوعا بعد الوضع.
سويس انفو مع الوكالات
في عام 1909، اختارت منظمات نسائية أمريكية يوم 28 فبراير يوما وطنيا للنساء
في عام 1910، أعلنت الاشتراكية الدولية في الاتحاد السوفياتي السابق يوم 8 مارس يوما للمرأة
في عام 1975، أعلنت الأمم المتحدة يوم 8 مارس يوما عالميا للمرأة
في عام 1971، حصلت النساء السويسريات على حق التصويت على المستوى الفدرالي
في عام 1981، دُون مبدأ المساواة بين النساء والرجال في الدستور الفدرالي السويسري
تضم حاليا الحكومة السويسرية المكونة من 7 وزراء سيدة واحدة فقط
في سويسرا يمثل النساء 26% من أعضاء مجلس النواب، و24% في مجلس الشيوخ
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.