مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هجمات لندن الجديدة: مستغربة أم لا؟

أغلقت السلطات البريطانية الطرق المؤدية إلى عددٍ من محطات انفاق لندن إثر تعرضها إلى انفجارات Keystone

بعد أسبوعين فقط من الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها لندن، أغلقت السلطات البريطانية ثلاثاً من محطات الانفاق إثر تقارير أفادت بحدوث إنفجارات فيها، كما أوردت الأنباء خبر انفجار حافلة في شرق لندن.

تكرر الهجمات خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة “قد لا يكون مستغرباً”، على حد قناعة الخبير الأمني الدكتور محمد عبد السلام.

وصف رئيس شرطة لندن، آيان بلير، الانفجارات التي تعرضت لها شبكة المواصلات في العاصمة يوم الثلاثاء 21 يوليو بأنها جاءت نتيجة “حادث خطير للغاية”، على حد تعبيره.

وأفاد السيد بلير أن الإنفجارات الأربعة (أو محاولات الإنفجار على حد قوله) تبدو صغيرة في حجمها مقارنة بالهجمات التي حدثت يوم السابع من يوليو الماضي، والتي تسببت في مقتل 56 شخصاً.

سويس إنفو اتصلت بالدكتور محمد عبد السلام، الخبير العسكري والأمني في معهد الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بالقاهرة، وأجرت معه الحوار التالي:

سويس انفو: كيف تفسر ما حدث اليوم؟

د. محمد عبد السلام: إنه كان مخطَّـطاً لها منذ البداية. ربما كان هذا هو المخطط، أن يتم شن هجمات وليس مجرد هجوم على بريطانيا.

وإذا صحت المعلومات الأولية، نفس عدد العمليات ونفس نوعيتها هي التي تمّـت، ربما تمت بنفس الطريقة، وربما بعبوات أصغر من العُـبوات السابقة بفعل الاعتبارات الأمنية، سواء من جانب حسابات المنفذين أو الإجراءات الأمنية التي تقوم بها الشرطة في الوقت الحالي، لكن من الواضح أن المسألة كان مخططاً لها منذ البداية، (وأن) هناك خلية أخرى تهاجم لندن.

سويس انفو: إذن برأيكم أن المسؤولين عن هذه الهجمات لهم علاقة تنظيمية مع من نفذ هجمات السابع من يوليو الماضي؟

د. محمد عبد السلام: نعم سيكون هذا مفاجئاً إلى حد كبير، إنها نفس سِـمات الخلية السابقة، ومن الواضح أن هناك عدّة خلايا موجودة في بريطانيا، تعمل لنفس الهدف تقريباً، ربما تم إعدادها من جانب نفس القيادات، ومن جانب نفس المحرِّضين، وربما كانوا من نفس الجنسية، يعني سيتضح هذا لاحقاً، مما إذا كانوا من الباكستانيين أيضاً، ربما من جنسية أخرى، ستكون المعلومات مفاجئة هنا على هذا المستوى.

لكنني أتصور أنها مجموعة تتّـبع نفس التنظيم ونفس التوجيهات، وتتّـبع أيضاً نفس الأسلوب.

سويس انفو: لكن ما هو الهدف من شن مثل هذه الهجمات الإرهابية؟

د. محمد عبد السلام: لا أتصور أن الأهداف السياسية المحددة، كالعراق وفلسطين يكتسب أية أهمية في مثل هذه الأمور. الإرهاب يعمل قبل كذلك، وأحداث 11 سبتمبر واضحة، إنهم يريدون زعزعة الاستقرار في مثل هذه الدول كبريطانيا، بصورة تدفع الرأي العام إلى الضغط على الحكومة البريطانية في اتجاهات ربما للقيام بسلوكيات إنسحابية عامة من منطقة الشرق الأوسط.

ربما إذا كانوا يتبعون القاعدة، فإنهم يتبعون فكرها أو خطتها الخاصة بإقامة دولة خلافة ما في المنطقة السُـنية في العراق، وربما كان الأمر في النهاية هو فكر القاعدة، وهو ليس فكر إفزاع الناس، ولكن قتل الناس في ظل تصوراتها بأن هناك دار إسلام ودار كفّار، وأن الجهاد يفرض عليهم أن يفعلوا ما يفعلونه.

الأساس الفكري للخلية الأولى لم يتضح حتى الآن، وأتصور أن الأساس الفكري للضربة الحالية سيكون هو نفسه. تحتاج الأمور إلى بعض الوقت.

سويس انفو: أليس من المستغرب أن تحدث مثل هذه الهجمات في ظل الإجراءات الأمنية المشددة بعد أحداث السابع من يوليو الماضي؟

د. محمد عبد السلام: التقييمان واردان. ربما يكون من المستغرب بشدة أن تتمكن خلية أخرى من أن تقوم بنفس العملية ضد نفس الأهداف في ظل الإجراءات الأمنية المشددة، فيما يعتقد أنها عملية استعراض قوة رهيب من جانب هذه الخلايا.

لكن ربما لا يكون من المستغرب أيضاً، لأنه من الواضح، أنه بعد العمليات الكبرى تحدث عملية استرخاء أمنية نسبية، لا يتصور رجال الأمن أنه ستتم عمليات هجوم بشكل سريع. كما قد لا يتصورون أن تتم ضد نفس الأهداف التي يُـفترض أنها أصبحت محمِـية بشكل ما.

ظروف ما بعد الحوادث الكبرى تثير التقييمين في نفس الوقت، إذا حدثت العملية يشير ذلك إلى تخطيط، أعتقد أنه معقّـد جداً. وإذا لم تحدُث، يكون ذلك طبيعي، وبالتالي لدينا مسألة شديدة التعقيد، بمعنى أنها مستغربة، وليست مستغربة في نفس الوقت.

سويس انفو: ما هو تأثير حدوث هذه الهجمات على الوضع الأمني بصفة عامة في بريطانيا؟

د. محمد عبد السلام: الوضع الأمني في بريطانيا تأثر مُـسبقاً من العملية السابقة، لأنه تم اكتشاف أن المسألة تمّـت من الداخل، قام بها أفراد صِـغار وُلِـدوا في بريطانيا، وعاشوا فيها، ربما سافروا إلى الخارج، والتحقوا ببعض المراكز الدينية في الخارج، وتعرضوا لتأثيرات خارجية، لكنهم بريطانيون. هذه أول مرة تحدث فيها عمليات من جانب عناصر تنتمي لنفس الوطن.

إذن واضح الآن أن الخلية الجديدة تنتمي أيضاً لأناس، أو قام بها أناس ولدوا في بريطانيا، سوف تواجه بعض الجنسيات البريطانية مأزقاً حقيقياً فيما يتعرض بأوضاعهم المعيشية، فيما يتعلق باستهدافهم، وربماأيضاً فيما يتعلق أيضا بموقف الحكومة البريطانية منهم. لقد ألتزمت الحكومة البريطانية بنوع من الاعتدال في الفترة الماضية، لكن لا أتصور في الفترة القادمة أن الأمور ستسير كما سارت عليه.

أجرت الحوار إلهام مانع – سويس انفو – برن (عبر الهاتف على الساعة 14 بالتوقيت العالمي الموحد)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية