اسرائيل تعلن قصف “بنى تحتية” لحزب الله في جنوب لبنان بعيد رفضه أي تفاوض سياسي
أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس شنّه سلسلة غارات على “بنى تحتية ومستودعات أسلحة” تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، بعد ساعات من تأكيد الحزب رفضه أن “يُستدرج” لبنان الى “تفاوض سياسي مع إسرائيل”، على وقع ضغوط متزايدة لنزع سلاحه.
وندد الرئيس اللبناني جوزاف عون بالغارات، مؤكدا ان “التفاوض هو النتيجة المتاحة لوقف الاعتداءات” الإسرائيلية، في وقت اعتبر الجيش اللبناني أن الغارات تحول دون استكمال انتشار وحداته في الجنوب، تنفيذا لوقف اطلاق النار.
ومع اقتراب مرور عام على وقف لإطلاق النار أنهى حربا استمرت سنة بين إسرائيل وحزب الله، تواصل الدولة العبرية شنّ غارات، خصوصا على جنوب لبنان، تقول إنها تستهدف بنى عسكرية وعناصر في الحزب يحاولون إعادة إعمار قدراته. وتبقي قواتها في خمس نقاط حدودية، يطالبها لبنان بالانسحاب منها.
وبعيد انذارات للسكان بإخلاء مبان ومحيطها في خمس بلدات تقع جنوب نهر الليطاني، أعلن الجيش الإسرائيلي “شنّ سلسلة غارات” قال إنها استهدفت ” بنى تحتية ارهابية ومستودعات أسلحة تابعة لوحدة الرضوان”، قوات النخبة في حزب الله.
وشددت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدرسيان على أن “إسرائيل ستواصل الدفاع عن كامل حدودها”، مضيفة “لن نسمح لحزب الله بإعادة بناء” قدراته.
وطالت الغارات مباني في بلدات الطيبة وعيتا الجبل وطيردبا وزوطر الشرقية وكفردونين الواقعة جنوب نهر الليطاني في جنوب لبنان. وأسفرت عن اصابة شخص بجروح على الاقل في طيردبا، وفق وزارة الصحة اللبنانية.
وندّد الرئيس اللبناني بالغارات، معتبرا أنه “كلما عبّر لبنان عن انفتاحه على نهج التفاوض السلمي لحل القضايا العالقة مع إسرائيل، كلما أمعنت في عدوانها على السيادة اللبنانية”.
وقال إنه منذ وقف اطلاق النار، “لم تدّخر إسرائيل جهدا لإظهار رفضها لأي تسوية تفاوضية بين البلدين” مضيفا “وصلت رسالتكم”.
وجاءت الغارات بعد ساعات من توجيه حزب الله رسالة مفتوحة الى عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري والشعب اللبناني، قال فيها إن “لبنان معني راهنا بوقف العدوان (…)، وليس معنيا على الإطلاق بالخضوع للابتزاز العدواني والاستدراج نحو تفاوض سياسي مع العدو الصهيوني على الإطلاق”.
وأضاف “نؤكد حقنا المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان”، معتبرا أن “موضوع حصرية السلاح لا يبحث استجابة لطلب أجنبي أو ابتزاز إسرائيلي وإنما يناقش في إطار وطني يتم التوافق فيه على استراتيجية شاملة للأمن والدفاع وحماية السيادة الوطنية”.
– “خيار التفاوض” –
وخرج حزب الله في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 منهكا من حرب مدمّرة مع إسرائيل اندلعت بالتزامن مع الحرب في قطاع غزة. ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل اليه بوساطة أميركية على وقف العمليات العسكرية وانسحاب حزب الله من جنوب نهر الليطاني (على بعد حوالى ثلاثين كيلومترا من الحدود) وتفكيك بنيته العسكرية وأسلحته.
وقال مصدر مقرّب من حزب الله لوكالة فرانس برس إن “الرسالة المفتوحة” تأتي بعد زيارات أجراها موفدون أميركيون ومصريون الى لبنان مؤخرا، للضغط على المسؤولين اللبنانيين من أجل بدء مفاوضات سياسية مباشرة مع اسرائيل.
وحضّ الموفد الأميركي توم باراك لبنان السبت على إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
وفي الآونة الأخيرة، أبدى الرئيس اللبناني أكثر من مرة استعداد لبنان للتفاوض مع إسرائيل.
وجدد الخميس التأكيد خلال جلسة لمجلس الوزراء أن “خيار التفاوض هو النتيجة المتاحة لوقف الاعتداءات واستهداف الأبرياء والممتلكات”، معتبرا أن “خيار الحرب تحت أي مسمى كان لم يؤد إلى نتيجة، ولم يعد في قدرة اللبنانيين احتمال مزيد من المعاناة”.
وقال مصدر رسمي لبناني الخميس لفرانس برس إن “اسرائيل لم ترد سلبا أم ايجابا على اقتراح التفاوض”.
وقرّرت الحكومة اللبنانية في الخامس من آب/أغسطس، نزع سلاح حزب الله، ووضع الجيش اللبناني خطة للقيام بذلك. إلا أن الحزب رفض باستمرار تسليم سلاحه.
واطلعت الحكومة خلال اجتماعها الخميس من قائد الجيش رودولف هيكل على “التقدم” الذي أحرزه الجيش في استكمال تنفيذ الخطة “رغم استمرار العوائق وفي مقدمها استمرار الأعمال العدائية الإسرائيلية”، وفق ما قال وزير الاعلام بول مرقص للصحافيين.
وإثر الغارات الإسرائيلية، اعتبرت قيادة الجيش أن “الاعتداءات المدانة هي استمرار لنهج العدو التدميري الذي يهدف إلى ضرب استقرار لبنان… ومنع استكمال انتشار الجيش تنفيذا” لاتفاق وقف الأعمال العدائية الذي نصّ على تعزيز انتشار الجيش إضافة الى قوة الأمم المتحدة العاملة في الجنوب (يونيفيل).
ودعت اليونيفيل في بيان “إسرائيل إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات”، التي قالت إنها “تقوّض التقدّم المحرز نحو حلّ سياسي ودبلوماسي”.
– “اللعب بالنار” –
وبعد انتهاء الحرب، انسحب الجيش الإسرائيلي من مناطق تقدّم اليها، إلا أنه أبقى على خمسة مواقع في جنوب لبنان، ويواصل بشكل شبه يومي غاراته.
وأسفرت ضربةاسرائيلية الخميس على بلدة طورا في قضاء صور عن مقتل شخص وإصابة ثمانية آخرين وفق وزارة الصحة.
وقال الجيش الإسرائيلي من جهته إنه استهدف “مخربين عملوا داخل بنية تحتية ارهابية تابعة لوحدة البناء” في حزب الله.
واتّهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الحزب بالسعي لإعادة التسلّح، داعيا السلطات اللبنانية إلى الالتزام بنزع سلاحه.
وقال خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الخميس “من الواضح أننا سنمارس حقنا في الدفاع عن النفس بموجب بنود وقف إطلاق النار”.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اعتبر الأحد أن “حزب الله يلعب بالنار والرئيس اللبناني يماطل”، معتبرا أنه “يتعيّن تطبيق التزام الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله وإخراجه من جنوب لبنان”.
ويتعرض لبنان لضغوط أميركية مكثفة لنزع سلاح حزب الله.
وجدّد الحزب في رسالته الخميس رفض نزع سلاحه، واصفا قرار الحكومة بـ”المتسرّع”. وأضاف “العدو استثمر هذه الخطيئة الحكومية ليفرض موضوع نزع سلاح المقاومة من كل لبنان كشرط لوقف الأعمال العدائية، وهو ما (…) لا يمكن قبوله ولا فرضه”.
بور-اط/رض-لار/ب ق