مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأحزاب السويسرية تُـصغي إلى المزارعين

RDB

يتصدى يوم 19 ديسمبر البرلمان السويسري للملف الزراعي، حيث تعتزم الحكومة الفدرالية الاستمرار على نهج الإصلاحات إلى عام 2011.

منظمات المزارعين، التي تتوفّـر على حلفاء داخل البرلمان، تطالب بإصلاح أقل حدّة، لكن المراقبين يتساءلون عن الحزب الأقدر على الدفاع عن مصالح الفلاحين.

منذ بضعة أعوام، تواجه الفلاحة السويسرية، التي كانت محمية ومدعومة في الماضي، تحديّات متصاعدة، نتيجة لفتح الأسواق. وقد ظهرت جلية نتائج هذه التطورات، حيث اندثرت العديد من الشركات، فيما استمر متوسط دخل المزارعين في التراجع.

في المقابل، تبدو الحكومة حريصة على تحسين القدرة التنافسية للإنتاج الفلاحي السويسري، لذلك، يرمي مشروعها المستقبلي للسياسة الزراعية 2011 (المعروف اختصارا بـ PA 2011) إلى تخفيض الدعم المقدم للصادرات الزراعية وإلى تحويل أشكال الدعم الأخرى إلى دفوعات مالية مباشرة.

إضافة إلى ذلك، تعتزم الحكومة تقليص الميزانية الزراعية في القترة الممتدة من عام 2008 إلى عام 2011 بـ 593 مليون فرنك، لتستقر في حدود 13 مليار و499 مليون فرنك.

وكان أعضاء الاتحاد السويسري للمزارعين قد وجّـهوا في موفى شهر نوفمبر الماضي، استعدادا للنقاش البرلماني، نداءً طالبوا فيه النواب بكبح جماح وتيرة الإصلاحات المتسارعة جدا برأيهم.

مهنة ممثلة بشكل جيّـد

مشروع الحكومة سيُـناقش أولا من طرف مجلس الشيوخ، قبل المرور إلى مجلس النواب، لذلك، يأمل المزارعون في العثور على بعض آذان صاغية ومتفهمة لطلباتهم في ردهات البرلمان في برن.
وفي الواقع، يمثل الفلاحون السويسريون إحدى المهن الأفضل تمثيلا في غرفتي البرلمان، بل إن نسبة النواب القريبين من عالم المزارعين، تصل إلى 12% في مجلس النواب.

تصل نسبة المزارعين إلى 3،8% من إجمالي عدد السكان، لذلك، يُـطرح التساؤل حول احتمال وجود مبالغة في تمثيلهم في البرلمان، لكن جون دوبرا، وهو مزارع ونائب عن الحزب الراديكالي ونائب رئيس الاتحاد السويسري للمزارعين، يرفض ذلك ويقول، “إن طرح سؤال من هذا القبيل، يساوي القول للشعب بأنه أساء التصويت”.

غي بارمولان، وهو مزارع ونائب عن حزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، له رأي آخر ويعترف بأنه “يمكن أن يُـنظر إلى هذا الأمر كذلك، لكن إذا رأى الشعب أنه يجب التصويت لمثل هذا العدد من ممثلي العالم الزراعي، فذلك يعني أن هؤلاء الأشخاص لا يمثلون مصالح المزارعين فحسب”.

معظمهم ينتمي إلى اليمين

أما الظاهرة الملفتة، فتتمثل في أن جميع هؤلاء النواب ينتمون إلى أحزاب يمينية، باستثناء اشتراكي ومدافعة عن البيئة. هذا الأمر ليس غريبا بالنسبة لجون دوبرا، الذي يقول “المزارعون هم أناس من اليمين، والسلام”. أما غي بارمولان، فيحلل الأمر قائلا “لقد كان المزارع على الدوام مستقلا في أعماق ذاته ومتمتعا برؤية المقاول، لذلك، لم يكن يجد ما يُـغريه في برامج أحزاب اليسار”.

من الملاحظ أيضا أن نصف هؤلاء النواب ينتمون إلى حزب الشعب السويسري، فهل يعني هذا أنه الحزب الأكثر تمثيلا للمزارعين؟ بالنسبة لغي بارمولان، يكون الجواب بنعم، ويقول موضحا “إن هذا الأمر يرتبط بأسباب تاريخية، ففي العديد من الكانتونات، كان حزب الشعب بالأساس حزب المزارعين وأصحاب المهن الحرة”.

دور مثير للجدل

على صعيد آخر، يرفض المعارضون السياسيون لحزب الشعب السويسري منحه صفة المدافع الرئيسي عن المزارعين، ويذهبون إلى أنه – على عكس ما يُـعتقد – سيؤدي استلام اليمين المتشدد لهذا الملف إلى نتائج عكسية.

ويشير ماتياس مانس، الأمين العام السياسي للحزب الاشتراكي السويسري، إلى أن حزب الشعب السويسري “ينتهج سياسة متناقضة، فهو يقوم بكل ما في وسعه لتفكيك خدمات وميزانيات الدولة، لكنه يُـطالب بالمزيد من الموارد لفائدة الزارعة، لذلك، يرى المزارعون أن سياسة من هذا القبيل، ليست في مصلحتهم على المدى البعيد”.

من جهته، يذهب جون دوبرا إلى نفس التحليل، ويقول “هؤلاء الأشخاص لهم خطاب مزدوج، وهو أمر مزعج جدا. لا يمكن الدفاع عن فكرة أنه يجب على الآخرين فقط، الضغط على المصاريف”.

أما غي بارمولان فلا يرى أي تناقض في الأمر ويعتقد أنه بالإمكان المطالبة بمساعدة أكبر لفائدة الفلاحة مع الدفاع في الوقت نفسه عن الليبرالية الاقتصادية والتقشف في الميزانية، ويبرر ذلك قائلا، “في الواقع، تخضع الزراعة لشروط خاصة، إذ يستحيل عليها الانتقال للعمل في الخارج”.

اليسار ينخرط بدوره في المعركة

يبقى السؤال مطروحا حول دور اليسار في الملف الزراعي، حيث يدفع الواقع، المتمثل في العدد المحدود لنوابه من المزارعين وفي تصويت المزارعين عموما لفائدة أحزب اليمين، إلى الاعتقاد بأنه لا يُـبدي أي اهتمام بهذا القطاع.

ويعترف ماتياس مانس بأن “اليسار ليس ظاهرا جدا، لكن الحزب الاشتراكي دافع داخل عدد من اللجان على رؤية طويلة الأمد، مثلما هو الحال بالترويج للمنتجات البيولوجية. لقد ساهمنا لكي تكون الفلاحة مهيـأة لفتح الأسواق”.

من جهة أخرى، يبدو التقارب بين اليسار والمزارعين ممكنا، فعلى سبيل المثال، لعب اليسار دورا مهما في إنجاح مبادرة تدعو لحظر المنتجات الزراعية المحورة جينيا (Stop OGM) في الميدان الفلاحي، لذلك، يتكهّـن ماتياس مانس بأننا “سنشاهد المزيد من هذه التحالفات في المستقبل”.

كما يذهب غي بارمولان إلى أنه بإمكان اليسار والمزارعين التقارب بخصوص مسائل تتعلق بحماية المستهلكين، ويقول “لقد اقتنع الفلاح شيئا فشيئا بأن الإنتاج لم يعد يكفي، وبأنه يجب أن يبيع أيضا”.

سويس انفو – أوليفيي بوشار

(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)

في عام 2004، بلغت نسبة السكان السويسريين العاملين في المجال الزراعي 3،8%.
في نفس العام، مثل الإنتاج الزراعي 1،3% من إجمالي الناتج الداخلي السويسري.
في عام 2004، بلغ تعداد الوحدات الإنتاجية الزراعية 64466، وهو رقم يقل بـ 34293 وحدة عما كان موجودا في عام 1985.
يضم مجلس النواب 22 مزارع و4 مهندسين زراعيين من بين 200 نائب، أي بنسبة 12% من أعضاء المجلس.
لا يوجد في مجلس الشيوخ إلا مهندسان زراعيان، أحدهما رئيس المجلس بيتر بييري.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية