مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأسرة في ملعب الأحزاب السياسية

وضع المراة العاملة السويسرية وتخفيف الوطاة عنها من بين ابرز انشغالات الاحزاب السياسية الرئيسية Keystone

تحظى الأسرة ومشاكل الأسرة منذ بعض الوقت، باهتمام خارق للعادة لدى الأحزاب السياسية السويسرية. ويرجع هذا الاهتمام لشهر ينايرـ كانون الثاني الماضي حينما عكف أرباب العمل على وسائل تشجيع النساء والأمهات على خوض أسواق العمل.

وعلى هذه الخلفية سارعت الأحزاب السياسية، خاصة الأحزاب الرئيسية الأربعة التي تشكل التحالف الحكومي الفيدرالي في بيرن، للخوض في مواضيع الأسرة ومواضيع تخفيف الوطأة عن الأسرة وعن الأمهات العاملات في الخارج.

هنالك ما يُشبه الإجماع بين الأحزاب السياسية على ضرورة الأخذ بيد الأسرة وبيد الأمهات العاملات على وجه العموم، وبالنسبة للعائلات المحدودة الدخل على وجه الخصوص.

لكن الأحزاب السياسية الرئيسية الأربعة ليست على وفاق فيما يتعلق بأساليب المساعدة للعائلات في سويسرا، كما تُبين البيانات التي تبنتها مختلف الاجتماعات الحزبية خلال الأسابيع القليلة الماضية.

خلاف رغم الأتفاق

ترجع الخلافات في وجهات النظر للعديد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما ترجع لعدم الرغبة في التدخل كثيرا في شؤون العائلة، ولرغبة بعض الأحزاب، كحزب الشعب السويسري اليميني، في ترك الوالدين والأباء يتحملون ما أخذوا على عاتقهم من مسؤوليات فردية وعائلية.

بكلمة أخرى فإن اهتمام الأحزاب السافر بشؤون الأسرة في الآونة الأخيرة، لا يرجع لشواغل واحتياجات أرباب العمل وحسب، وإنما يرجع أيضا للاهتمام بوضع المرأة على وجه العموم وبوضع الأمهات على وجه الخصوص في المجتمع السويسري.

وتفرض هذه الأوضاع على الأحزاب السياسية الرئيسية إعادة النظر في أمور عديدة، كتخفيف الأعباء الضرائبية عن الأسر خاصة الأسر الضعيفة الدخل، وزيادة علاوات الأطفال، ووسائل تخفيف الوطأة عن الأمهات العاملات في الخارج وغيرها من الأمور، دون التدخل في حياة الأسرة أو التأثير عليها.

المشكلة..هي الثمن

إن إعادة النظر في كل أمر من هذه الأمور تعني إعادة النظر في التكاليف بالنسبة للسلطات الفيدرالية وسلطات الدويلات، وبالنسبة لأرباب العمل، في زمن العَولمة والمنافسة الاقتصادية.

لكنه يتوجب أيضا على الأحزاب السياسية أن تأخذ بعين الاعتبار، حقيقة أن الناخبات والناخبين السويسريين قد رفضوا مرارا المقترحات المتعلقة بتأمينات الأمومة التي صُممت منذ ما يزيد على نصف قرن للأخذ بيد الأمهات العاملات في الخارج .

إن المواقف التي أعربت عنها الأحزاب السياسية الرئيسية في الآونة الأخيرة تعكس الأوجه العديدة لمشاكل الأسرة التي تشكل الخلية الأساسية للمجتمع حسب الإجماع. كما تعكس الثمن الذي يقبل به هذا الحزب أو ذاك من أجل إنعاش الأسرة في سويسرا.

فالحزب الاشتراكي الديمقراطي يقترح منح الأم العاملة ساعة الوضع، ستة عشر أسبوعا كإجازة مدفوعة، مقابل ثمانية أسابيع فقط يقترحها حزب الشعب اليميني. وبين بين، يدعو الديمقراطيون المسيحيون لأربعة عشر أسبوعا والحزب الراديكالي لإجازة تتراوح بين ثمانية أسابيع وأربعة عشر أسبوعا.

وكمثال آخر على الخلافات في وجهات النظر، هنالك المواقف المتعلقة بتخفيف الأعباء الضرائبية وعلاوات الأطفال، حيث تظهر التناقضات بصفة أهم بين الأحزاب السياسية الرئيسية، خاصة بين الديمقراطيين الاشتراكيين الذين تنتمي إليهم وزيرة الداخلية روت دريفوس، وبين حزب الشعب السويسري اليميني.

على هذا الصعيد مثلا، يطالب الحزب الاشتراكي بزيادة هامة في العلاوات للأطفال وبتخفيضات ضرائبية ملموسة لصالح الأسرة، وبتمويل عام لدور الحضانة لصالح الأمهات العاملات.

لكن حزب الشعب اليميني، وهو على الطرف الآخر من الطيف السياسي في هذا الميدان، يرفض تغيير النظام الحالي لعلاوات الأطفال أو زيادة التمويل الرسمي لدور الحضانة. كما يرفض إعفاءات ضرائبية أخرى باسم عدم التدخل في شؤون العائلة وفيما أخذت على عاتقها من مسؤوليات .


جورج أنضوني

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية