مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التكنولوجيا تطورت.. لكن القمع ظل على حـالـه

يراقب آلاف الموظفين الصينيين بلا كلل أو ملل كل ما يكتب وينشر على شبكة الإنترنت Keystone

تحتفل سويسرا باليوم العالمي للكتّـاب في السجن للتذكير بالانتهاكات، التي تتعرض لها حرية التعبير في العالم. هذا العام سيتركز على الوضع في الصين وعلى الرقابة على الإنترنت.

هذا اليوم، يُـنظم من طرف نادي القلم الدولي « PEN International »، وهي منظمة للكتّـاب تكافح ضد أي شكل من أشكال القمع للحريات الفكرية.

في مناسبة إحياء اليوم العالمي المخصص للكتّـاب الملاحقين بسبب التعبير عن آرائهم أو لمجرد نقلهم لحقائق الأمور، جمّـعت الفروع الثلاث لنادي القلم الدولي في سويسرا جهودها من أجل منح الحدث ما يستحقه من الاهتمام.

وتشير كيارا ماكّـوني، رئيسة اللجنة السويسرية المهتمة بالكتّـاب المسجونين ضمن نادي القلم، إلى أنه “يتم تنظيم ثلاث تظاهرات مختلفة في البلاد، مع الاحتفاظ ببرنامج مشترك. ففي يوم 14 نوفمبر، كان الدور على لوغانو في كانتون تيتشينو، أما يوم الأربعاء 15 نوفمبر فسنكون في زيورخ، فيما سنتحول يوم الخميس 16 نوفمبر إلى جنيف”.

الموضوع الذي وقع عليه الاختيار هذا العام، كان حرية التعبير وحقوق الإنسان في الصين، حيث تقول السيدة ماكّـوني “إننا سنركّـز الاهتمام على الرقابة على الإنترنت وعلى المعارضة على الشبكة للتشديد على أنه، على الرغم من اعتماد وسائط جديدة، إلا أن القمع ظل على ما هو عليه”.

صوتان ضد الرقابة

برنامج المواعيد المقررة في سويسرا، تميّـز هذا العام بتدخّـل كاتبين صينيين، تمثل معاناتهما شهادة حية على أن حرية التعبير لا زالت منتهكة ومدانة إلى حد كبير. وتقول ماكّـوني في حديث مع سويس انفو “نستضيف الشاعر المنشق يانغ ليان، الذي يعتبر إحدى الشخصيات التي ردّت الفعل بقوة في أعقاب أحداث ساحة تيان ان مين في عام 1989، والأمين العام لنادي القلم الصيني المستقل يو تشانغ.

فعلى الرغم من التطورات الإيجابية التي شهدتها “إمبراطورية الوسط”، اقتصاديا وسياسيا، إلا أن الصحفيين والكتّـاب يتعرضون لرقابة دائمة من طرف الأجهزة الحكومية، بل إنهم يودعون السجون عندما تخطّ أقلامهم (أو حواسيبهم) نصوصا تتطرق لمسائل أو مواضيع حساسة.

وتضيف رئيسة لجنة “كتّـاب في السجون” إننا “نقدم أيضا حالة الصحفي شيتاو، الذي حُـكم عليه بعشرة أعوام سجنا، لأنه نشر على شبكة الإنترنت معلومات تتعلق بالأسلوب الذي يتّـبعه الحزب الشيوعي الصيني لمراقبة وسائل الإعلام”.

وككل عام، تتحرك المنظمة باتجاه المدارس في أنحاء مختلفة من سويسرا لتحسيس الشبان واليافعين بقضية الرقابة بشكل عام.

أسرار دولة

من جانبها، تشرح مانون شيك، المتحدثة باسم الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية، أن “ظاهرة القمع على الإنترنت في الصين، انتشرت بشكل خاص خلال السنوات القليلة الماضية”، وتضيف السيدة شيك قائلة “إن السلطات مستمرة في ملاحقة الذين ينشرون معلومات تتعلق بأسرار الدولة، لكن هذه الأسرار تشمل أيضا أخبارا غير مرتبطة بشكل مباشر بمسائل سرية، مثلما هو الحال بالنسبة لعقوبة الإعدام أو لوباء سارس”.

وطبقا لتقديرات المنظمة العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، هناك عشرات الآلاف من الأشخاص، الذين أودعوا السجن في الصين بسبب ممارستهم لحقهم في حرية التعبير أو التنظم.

جيش من المراقبين

الصحفيون الصينيون العاملون على الشبكة، الذين كانون يعتقدون أن بإمكانهم نشر كل ما يرغبون فيه على الإنترنت، كانوا أكثر المتضررين من هذه الحملة. فقد وضعت الحكومة نظام رقابة (جدار ناري Firewall) قادر على العثور على المعلومات الأكثر إزعاجا وحجبها عن مستعملي الشبكة.

وتقول مانون شيك “تشير التقديرات إلى وجود 35000 موظف مكلّـفين بمراقبة الشبكة”، وتضيف المتحدثة باسم الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية، أن الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات، العاملة على الشبكة تقدِّم دعما لا يُـستهان به للحكومة الصينية “بل إن شركات مثل غوغل وياهو أو مايكروسوفت، تساهم في عمل الرقابة”، على حد قولها.

فعلى سبيل المثال، تم هذا العام إطلاق النسخة الصينية Google.cn من محرك البحث الشهير غوغل، التي حُـذفت منها جميع الإشارات إلى القضايا الحساسة (مثل استقلال تايوان وحركة فالون غونغ الروحية)، وحجبت فيها خدمات متنوعة تشمل البريد الإلكتروني وغرف الدردشة والمدونات.

سويس انفو – لويجي جوريو

(ترجمه من الإيطالية وعالجه كمال الضيف)

من يناير إلى يونيو 2006، سجّـلت لجنة الكتّـاب المسجونين، التابعة لنادي القلم الدولي، 719 حالة لكتّـاب وصحفيين وناشرين تعرّضوا لملاحقات مختلفة في العالم.

سجّـل النادي مقارنة بالأشهر الستة الأولى من عام 2005 (690 حالة) ارتفاعا كبيرا في عدد الكتّـاب المحالين على المحاكم والمعتقلين.

تأسس نادي القلم الدولي، وهي جمعية تضم شعراء وقصاصين وكتّـابا في عام 1921 في لندن.

تعمل فروع النادي الـ 150 المنتشرة في شتى أنحاء العالم (3 منها في سويسرا)، على الترويج لحقوق الإنسان وتعزيز حرية التعبير، كما تسعى لزيادة التبادل الثقافي.

تتواجد هذه الجمعية في 101 بلدا، وتضم 12 ألف عضوا.

يضم نادي القلم الدولي العديد من اللجان، التي تتحرك حول قضايا محددة، من بينها لجنة الكتّـاب المسجونين (وهي أهم لجنة في النادي) ولجنة النساء الكاتبات ولجنة السِّـلم ولجنة الترجمة والحقوق اللغوية.

وقفت الجمعية، التي حصُـلت على اعتراف الأمم المتحدة، وراء تضمين بند ينصُّ على أن “لكل شخص الحق في حرية التعبير” في وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

تزايد ضيق السلطات بالتغطية الصحيفة التي تتناول قضايا حساسة أو تشكك في سياسات الحكومة. وتجددت حملة قمع الصحفيين ووسائل الإعلام. وكان من يتناولون قضايا حساسة أو يتحدون الوضع القائم عرضةً للفصل من عملهم أو الاحتجاز التعسفي أو السجن.

واستمر استخدام البنود القانونية الخاصة بالجرائم المتعلقة “بالأسرار الرسمية”، وهي جرائم يتسم تعريفها بالتعميم الشديد، في ملاحقة الصحفيين والمراسلين قضائياً. وشُددت القيود على استخدام الإنترنت، وظل عشرات الأشخاص وراء القضبان لاطلاعهم على معلومات حساسة سياسياً أو تداولهم لمثل هذه المعلومات من خلال الإنترنت.

ففي أبريل 2006، حُكم على الصحفي شي تاو بالسجن 10 سنوات بعد إدانته بتهمة تسريب “أسرار رسمية”، وكان قد نقل إلى موقع على شبكة الإنترنت يُبث من الخارج توجيهات الحزب الشيوعي بخصوص الطريقة، التي يجب أن يتناول بها الصحفيون الذكرى السنوية لحملة قمع الحركة المطالبة بالديمقراطية في عام 1989.

(المصدر: التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية