مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحكومة الإلكترونية قــادمة

التطور الهائل لاستعمالات تقنيات الإنصال الحديثة سـرّع اقتناع أصحاب القرار السياسي في سويسرا وأوروبا بحتمية توسيع الإعتماد على الإنترنت في شتى المجالات Keystone

يوما بعد يوم، يشتدّ اهتمام الحكومات والمؤسسات والأفراد بكيفية الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال الاتصال وتبادل المعلومات.

ويبدو أن تحويل شبكة الإنترنت إلى ركيزة أساسية للحكومة الإلكترونية وللممارسة الديموقراطية في سويسرا والبلدان الأوروبية أصبحت مجرد مسألة وقت.

في ظرف لا يتجاوز 10 أعوام، تحوّل الإنترنت وما يصحبه من تقنيات اتصالية حديثة من مجرّد أداة مثيرة للدهشة أو مقتصرة على الخبراء والمتخصصين إلى وسيلة للعمل والحكم والتصويت في سويسرا وأوروبا والعديد من بلدان العالم.

ومع وجود تفاوت في نسب الاستعمال من بلد لآخر، إلا أن التوجّـه العام في أوروبا يرمي لتكثيف الاستفادة من الوسائل المعلوماتية الحديثة وتحويل اللجوء إليها إلى حقّ مضمون لكل مواطن، وإلى أداة لا مجال للاستغناء عنها.

وفي ظل استمرار الاستعدادات الجارية لالتئام القمة الأولى لمجتمع المعلومات في جنيف في شهر ديسمبر القادم، عقدت البلدان الأوروبية يومي 7 و8 يوليو في مدينة شيرنوبيو الإيطالية أول مؤتمر لها حول الحكومة الإلكترونية.

المؤتمر، الذي شاركت فيه وفود من 47 بلدا، استهدف بالأساس بحث الوسائل الكفيلة بجسر الهوة القائمة بين أوروبا والولايات المتحدة في هذا المجال، وتركّـز الاهتمام فيه على اتخاذ الخطوات الكفيلة بتسريع وتوسيع ارتباط المؤسسات الرسمية والإداراية الأوروبية بالإنترنت.

ورسم الإجتماع، الذي اختتم بإصدار وزراء الاتصال في البلدان المشاركة لوثيقة توجيهية تتضمن 10 توصيات، الخطوط العريضة للأطر القانونية والاقتصادية والتقنية والسياسية أيضا التي ستتيح لكل المواطنين الوصول إلى المعلومات والدخول إلى شبكات الاتصال.

أي ديموقراطية؟

وزير المواصلات السويسري، موريتس لوينبرغر، أكّـد في مداخلته أمام المؤتمر على الأهمية القصوى لتوفير العدد الكافي من الخطوط الهاتفية للسكان من أجل مساواة حقيقية للجميع في هذا المجال.

وقال لوينبرغر، إن أفضل مشروع لحكومة إلكترونية سيظل بدون قيمة ما لم يتمّ توفير العدد الكافي من الخطوط الهاتفية للسكان. لذلك، فإن تجهيز كل حي وبلدة ومدينة بمراكز اتصالات حديثة تحوّل إلى شرط لا غنى عنه لإقامة “حكم جيّـد وإدارة جيّـدة”، على حد تعبيره.

وذهب الوزير السويسري إلى حدّ القول بأن سكان البلدان السائرة في طريق النمو، لا يُـمكن لهم الخروج من الفقر إلا إذا تمكّـنوا من الوصول إلى المعلومات. وفي هذا السياق، حـثّ لوينبرغر أوروبا على لعب دور هام في قمّـة مجتمع المعلومات التي تنظمها الأمم المتحدة في جنيف في شهر ديسمبر القادم.

ومع اقتناع جميع الأطراف بالفوائد الجمّـة الناجمة عن التوسّـع في استعمال الإدارات الحكومية والمؤسسات الرسمية والاقتصادية للوسائل الاتصالية الحديثة، إلا أن المخاوف من تحويل الحكومة الإلكترونية إلى أداة رقابة ضاغطة تنتهك جملة من الحقوق الأساسية للمواطنين لا زالت قائمة.

لذلك حرص المشاركون في مؤتمر شيرنوبيو على التأكيد في إحدى التوصيات الصادرة عنه على أهمية الإعلام وتكنولوجيا الاتصالات في “تعزيز الأشكال الجديدة لمشاركة المواطنين في عمليات اتخاذ القرار”، وهي إشارة واضحة إلى اعتزام الدول الأوروبية توسيع اللجوء إلى ما يتيحه الإنترنت من تصويت إلكتروني وتواصل مباشر بين المواطن العادي والمسؤولين في شتّـى المواقع والمستويات.

سياسة وحريات وإنترنت

وفي سويسرا، التي تُـعتبر من أكثر البلدان الأوروبية استعمالا للإنترنت واستثمارا في تقنيات الاتصال، سجّـلت البوابة الإلكترونية الشاملة (www.ch.ch ) التي أطلقتها الحكومة الفدرالية قبل أشهر قليلة نجاحا كبيرا، حيث يرى المراقبون أنها تمثّـل نواة صلبة لحكومة إلكترونية تُـتيح لأي شخص التعامل مباشرة مع أي مصلحة إدارية أو مؤسسة عامة في أي نقطة من البلاد بدون حواجز أو تعقيدات.

من جهة أخرى، يُـتابع خبراء دستوريون وإعلاميون ظاهرة اللجوء المتزايد إلى شبكة الإنترنت من طرف الأحزاب والشخصيات السياسية. فمع اقتراب موعد الانتخابات العامة في موفى شهر أكتوبر القادم، أفادت دراسة نُـشرت يوم الأربعاء في سويسرا أن حجم المعلومات المتوفّـر حول برامج الأحزاب وتوجّـهاتها ومرشّـحيها قد ارتفع بشكل مُـلفت منذ شهر فبراير الماضي.

ويقول معهد الأبحاث الذي أنجز الدراسة في برن، إن الأحزاب السويسرية تسعى إلى اجتذاب الأجيال الجديدة من خلال إضفاء المزيد من الجاذبية والتنوع على مواقعها على الشبكة. ويتّـضح من نتائج الدراسة ومن تقييمات عدد من الخبراء أن الخُـضر وحزب الشعب السويسري والإشتراكيين قد دخلوا حِـقبة الإنترنت بشكل كامل.

وفي انتظار تحويل مقترحات القمة الأوروبية إلى ممارسة عملية شاملة من خلال توفير الاستثمارات الهائلة الضرورية، فإن الإجراءات الصارمة التي اتُّـخذت في الفترة الأخيرة لتشديد المراقبة على الشبكة (سواء لمكافحة الجريمة المنظمة، أو لملاحقة مرتكبي الجرائم الجنسية أو بدعوى مكافحة الإرهاب)، تثير مخاوف نشطاء حقوق الإنسان والمدافعين عن حماية الخصوصيات الشخصية من أن تتكدر نـعـم الحكومة الإلكترونية في الحياة اليومية بنقم على الحريات الفردية والعامة.

كمال الضيف – سويس انفو

تشارك سويسرا في الجهود المبذولة من أجل تحقيق الانسجام بين أنظمة المعلومات والاتصال في البلدان الأوروبية
تشمل البلدان المعنية بالمشروع: الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (15) والدول الأعضاء في الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر (سويسرا والنرويج وإسلندا والليشتنشتاين)، والبلدان الأعضاء في المجال الاقتصادي الأوروبي
بدأت سويسرا منذ بضعة أعوام في إجراء تجارب للتصويت الإلكتروني في إحدى بلديات جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية