الهجرة والانفلات الأمني يخيّمان على انتخابات تشيلي في مدينة أريكا الحدودية
يشكو سكان مدينة أريكا الحدودية الكبيرة في شمال تشيلي انعدام الأمن وتدفّق المهاجرين غير النظاميين، وهما موضوعان يطغيان على الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 14 كانون الأول/ديسمبر.
وتواجه في هذه الجولة المرشحة اليسارية جانيت خارا منافسها اليميني المتطرف خوسيه أنطونيو كاست الذي تعهّد ترحيل 337 ألف أجنبي مقيمين في تشيلي بصورة غير نظامية.
وفي حال فوز هذا المحافظ المتشدد الذي يتصدر استطلاعات الرأي، سيصبح أول رئيس يميني متطرف منذ الاستفتاء الذي أسقط ديكتاتورية أوغستو بينوشيه عام 1990، بعد 17 عاما في السلطة.
ونظرا إلى موقع أريكا الحدودي، احتلت المدينة واجهة النقاشات الوطنية.
فعلى بُعد بضعة كيلومترات فحسب من المدينة التي يبلغ عدد سكانها 250 ألفا، وتقع وسط صحراء أتاكاما، يوجد أحد المعابر الحدودية الرئيسية.
ومنذ عام 2020، دأب مهاجرون كثر معظمهم من الفنزويليين، على سلوك طرق سرية لتفادي المرور بهذا المعبر الحدودي، وارتفع عددهم في أريكا من 200 عام 2018 إلى خمسة آلاف في 2023، وفقا لإدارة الهجرة التشيلية.
ويرى بعض السكان الذين تحدثت إليهم وكالة فرانس برس أن تدفّق المهاجرين، ومعهم عصابات إجرامية أجنبية، أدى إلى زعزعة استقرار المدينة المطلة على المحيط الهادئ.
وتقول موظفة المبيعات بالوما كورتيس البالغة 27 عاما “في السابق، كنا نستطيع الذهاب إلى الشاطئ ليلا والعودة مشيا، لكنّ ذلك لم يعد ممكنا في الوقت الراهن”.
ففي الحيّ الذي تعيش فيه، استولى أعضاء من عصابة “ترين دي أراغوا” الفنزويلية على منازل مهجورة على قمة إحدى التلال.
وتضيف كورتيس “في الماضي، كانت الممتلكات تُسرق. أما الآن، فيتعرض (السكان) للضرب والطعن، ويُرسلون إلى المستشفى”.
شهدت أريكا ارتفاعا حادا في معدلات الجريمة، إذ زادت نسبة جرائم القتل من 5,7 لكل مئة ألف نسمة عام 2019 إلى 17,5 عام 2022، أي ثلاثة أضعاف المتوسط الوطني.
ويلاحظ عنصر الحراسة ألفونسو أغوايو (49 عاما) أن “الاغتيالات المأجورة وأعمال الخطف أمور لم تكن موجودة من قبل”.
-“الجميع يدفعون الثمن”-
وتمكنت الشرطة عام 2022 من القيادة المحلية لعصابة “ترين دي أراغوا”، ودهمت المساكن التي كانت تشغلها، لتعثر في أحدها على مركز تعذيب وبقايا ثلاث جثث.
وفي آذار/مارس، أصدر القضاء أحكاما بالحبس لمدد يبلغ مجموعها 560 عاما على 31 فنزويليا وثلاثة تشيليين ينتمون إلى هذه العصابة.
وانخفض معدل جرائم القتل إلى 9,9 العام المنصرم، لكنه لا يزال أعلى من المتوسط الوطني البالغ 6,6.
في الدورة الأولى من الانتخابات التي أجريت في 16 تشرين الثاني/نوفمبر، صبّت ثلاثة أرباع الأصوات تقريبا في أريكا لصالح مرشحي اليمين بقيادة الخبير الاقتصادي فرانكو باريزي، الداعي إلى ترحيل المهاجرين غير النظاميين وزرع ألغام على طول الحدود.
وفيما يبرر بعض السكّان الخيارات الانتخابية بالخوف وانعدام الأمن، يشير آخرون إلى أن المهاجرين باتوا مصدرا لا غنى عنه للأيدي العاملة.
ويرى المعلّم المتقاعد فيرمين بورغوس البالغ 75 عاما الذي يوظّف نجله في مطعمه امرأتين فنزويليتين، أن “لا علاقة لانعدام الأمن بالهجرة، بل هو رَهْنُ كون الناس طيبين أو اشرارا”. وإذ يقرّ بأن الفنزويليتين العاملتين في المطعم “مقيمتان بطريقة غير نظامية”، يؤكد أنهما “ممتازتان”.
ويحصل المهاجرون غير النظاميون في تشيلي على الرعاية الصحية، ويلتحق أطفالهم بالمدارس الحكومية. ويعمل كثر منهم في القطاع غير الرسمي أو كسائقي توصيل.
وتعرب الفنزويلية فرنير روندو البالغة 35 عاما والتي تعيش في تشيلي منذ سبع سنوات، عن أسفها لتغيّر النظرة إلى المهاجرين عموما وخصوصا مواطنيها.
وتشرح عاملة المبيعات هذه أن “الكراهية للأجانب لم تكن موجودة” سابقا، بل “كان الوضع أكثر أمانا”، لكنها تلاحظ أن “الجميع يدفعون الثمن، ويُصنّف الفنزويليون على أنهم سيئون، بسبب بعض الأشخاص”.
ولم يعد من غنى عن المهاجرين في بعض القطاعات، إذ إن 5,8% من الأطباء في تشيلي من الأجانب، وفقا لهيئة تنظيم المهنة.
وترى مديرة دائرة الصحة البلدية في أريكا كلاوديا فييغاس أن للمهاجرين مساهمة هؤلاء المهاجرين أساسية. وتضيف “في مناطق كمنطقتنا، حيث الظروف قاسية، لا يمكننا تلبية الطلب على الأطباء بخريجي المنطقة وحدهم”.
أكسل/ب ح/ح س