تظاهرة حاشدة في قابس بجنوب تونس تنديدا بالتلوث الصناعي
تظاهر الجمعة آلاف السكان في مدينة قابس الساحلية في جنوب شرق تونس منددين بالتلوث الناتج عن مجمع صناعي ومطالبين بتفكيك وحداته الإنتاجية، بحسب مراسلي فرانس برس.
وهتف المتظاهرون “الشعب يريد تفكيك الوحدات” و”يا حكومة عار عار و(مرض) السرطان في كل دار”.
يطالب السكان بتفكيك مجمع الصناعات الكيميائية الذي يقولون إنه السبب الرئيسي منذ عقود في تلويث واحات ومياه وشواطئ قابس، فضلا عن حوادث تسرب غاز أدت إلى حالات اختناق لمئات التلاميذ منذ بداية أيلول/سبتمبر.
ودفعت مقاطع فيديو وصور لتلاميذ نقلتهم سيارات الإسعاف بعد تعرضهم للاختناق في 21 تشرين الأول/أكتوبر، عشرات الآلاف من السكان إلى الشوارع نهاية الأسبوع الفائت، في تعبئة غير مسبوقة منذ سنوات وفق نشطاء.
أنشأت السلطات التونسية “المجمّع الكيميائي التونسي” عام 1972 على شاطئ قابس، وخلال السنوات الأخيرة أصبح يشكل “كابوسا” للمواطنين والمنظمات البيئية المحلية بتزايد مستويات التلوث البحري والهوائي.
وقال المتظاهر حسني السويعي لوكالة فرانس برس “نحن لا نريد لا إصلاحات ولا تعويضات. نحن نريد التفكيك الكامل لهذه الوحدات. يكفي. الشعب قال كلمته، لا رجوع إلى الوراء”.
يصنع المجمع الكيميائي الأسمدة من مادة الفوسفات، ويقوم بإلقاء مخلفاته الصلبة (الفوسفوجيبس الذي يحتوي على معادن ثقيلة) في البحر وعلى الشاطئ.
وأظهرت الدراسات اختفاء أكثر من 90% من التنوع البيولوجي البحري في خليج قابس بسبب “الفوسفوجيبس”، فضلا عن ارتفاع معدلات أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والسرطان في قابس مقارنة ببقية المناطق التونسية.
وأكد خبراء أن الزيادة الأخيرة في انبعاثات الغازات السامة تعود إلى تكثيف الإنتاج باستخدام معدات متهالكة.
وأشار الرئيس قيس سعيّد الاثنين إلى “عديد الدّراسات التي تمّ إعدادها من قبل الأهالي أنفسهم، وهي مبعث للاعتزاز والافتخار على غرار الدّراسات التي تمّ إعدادها بالنسبة إلى الوضع البيئي بمدينة قابس”.
وأكد سعيّد أنّه “يتقاسم معهم آلامهم وتطلعاتهم ويُحيّي فيهم البذل والعطاء وروح المبادرة وتلاحمهم وإحباطهم لكلّ من يريدون إشعال الفتن”، بحسب ما جاء في بيان للرئاسة.
تجد السلطات نفسها في موقف حرج بشأن هذا الملف لأن مناجم الفوسفات المتركزة في جنوب غرب تونس تشكل الثروة الطبيعية الرئيسية للبلاد، وهي “ركيزة أساسية” للاقتصاد، وفق سعيّد.
وتهدف السلطات إلى زيادة إنتاج الأسمدة في قابس خمسة أضعاف بحلول عام 2030 ليصل إلى 14 مليون طن سنويا.
وأعلن وزير التجهيز صلاح الزواري مؤخرا عن “إجراءات عاجلة” لفائدة قابس، تعهد تنفيذها في غضون “ثلاثة إلى ستة أشهر” بعد تكليف شركات صينية بـ”معالجة انبعاثات الغاز”.
ولم يرد المجمع الكيميائي التونسي على طلبات وكالة فرانس برس للتعليق حول دوره في تدهور الوضع البيئي في قابس.
في عام 2017، وعدت السلطات بتفكيك المجمع الذي توظف مصانعه أربعة آلاف شخص في مدينة قابس التي تعاني من ارتفاع البطالة، واستبداله بمؤسسة تتوافق مع المعايير البيئية الدولية.
فيد-فق-اج/ح س