مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دورة خاصة أم تقييم مبكر لعمل مجلس حقوق الإنسان؟

السفير السويسري بليز غودي في حديث مع السفير الفلسطيني محمد أبو كوش على هامش الجلسة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف يوم 15 نوفمبر 2006 Keystone

صادق مجلس حقوق الإنسان في جلسته الخاصة بأغلبية 32 صوتا على مشروع قرار يدين ما قامت به إسرائيل في بيت حانون ويطالب بإرسال لجنة تحقيق رفيعة المستوى إلى قطاع غزة.

لكن الملفت أن تدخلات الدول، تحولت الى تقييم لعمل مجلس حقوق الإنسان، وشملت انتقاد البعض لـ”صمت” المفوضة السامية لحقوق الإنسان، وتحذير البعض الآخر من “خطر انحراف” المجلس بتركيزه على إدانة إسرائيل وحدها.

مثلما كان متوقعا وبعد إضافة تعديلات بسيطة على مشروع القرار الذي تقدمت به المجموعتان العربية والإسلامية في الدورة الخاصة التي عقدها مجلس حقوق الإنسان للنظر في أحداث بيت حانون، صادق المجلس بأغلبية 32 صوتا على القرار، في حين عارضته 8 دول وامتنعت 6 عن التصويت.

الدورة التي دامت يوما واحدا واستمعت الى مداخلات العديد من الدول والمنظمات المدنية أقرت، بعد إدانتها لما قامت به إسرائيل في بيت حانون، إرسال بعثة تقصي الحقائق رفيعة المستوى إلى المنطقة، كما دعت الى ضرورة تقديم حماية عاجلة للمدنيين الفلسطينيين، ووجهت نداء عاجلا للمجموعة الدولية للعمل على وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية وللتدخلات المتكررة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.

الجلسة تتحول الى تقييم لأداء المجلس

هذه الجلسة شهدت – على غرار الجلسات السابقة العادية والخاصة – بعض المواجهات الكلامية الحادة بين سفير إسرائيل وبعض السفراء العرب، لكن العديد من التدخلات تركز على تقييم عمل المجلس الذي لم يمر على قيامه أكثر من خمسة أشهر.

فالسفير الفلسطيني محمد ابو كوش ذكر المجلس بمسئوليته موضحا بأن “إسرائيل تريد تصوير الفلسطينيين وكأنهم هم الذين يحتلون ثلاثة أرباع الأراضي الإسرائيلية”، ومتسائلا “لماذا تخشى إسرائيل من إرسال بعثة تقصي الحقائق؟”.

أما ممثل باكستان الذي تحدث باسم منظمة المؤتمر الإسلامي فرأى أن “الصمت يعني الموافقة” على ما يجري. وذكر السفير الباكستاني بأن مجموعته “طلبت من المجلس إصدار موقف ولم يأت منه رد فعلي لذلك دعت الى عقد الجلسة الخاصة”. أما مندوب العربية السعودية فتساءل في مداخلته عن “مصير القرارات السابقة للمجلس”.

أصوات أخرى ارتفعت أيضا من المعسكر المقابل لتوجيه انتقادات من نوع آخر للمجلس، حيث انتقد السفير الإسرائيلي إسحاق ليفانون أن “مجلس حقوق الإنسان ركز اهتمامه على إسرائيل في الوقت الذي تجاهل فيه مآسي أخرى مثلما ما يقع في سريلانكا وفي دارفور بالسودان”.

الولايات المتحدة الأمريكية – التي ليست عضوا في المجلس – فقد اكتفى سفيرها في تدخله بانتقاد “كيفية إنفاق الأموال في جلسات خاصة حول انتهاكات إسرائيل”، وهو الأمر الذي رأى فيه البعض تهديدا مقنعا. وبالفعل، أثار البعض موضوع كيفية تمويل لجنة تقصي الحقائق التي نص عليها القرار المعتمد من قبل الدورة الخاصة قبل أن يحيله رئيس المجلس الى نقاش قادم في جلسة عادية.

وإذا كانت المجموعات الجغرافية قد حافظت على إتباع خط موحد في التصويت، فإن المعسكر الغربي عرف هذه المرة بعض الاستثناءات حيث امتنعت كل من فرنسا واليابان عن التصويت، فيما صوتت فيه أغلبية الدول الغربية ضد مشروع القرار.

انتقادات مباشرة للمفوضة السامية

المفوضة السامية السيدة لويز أربور،التي اكتفت في تدخلها امام الدورة الخاصة بالإشارة الى اعتزامها القيام بزيارة للمنطقة ابتداء من 19 من الشهر، وهذا في وقت تقول أوساط أنها كانت ترغب في عدم المشاركة إطلاقا أو المشاركة بدون تدخل.

وهذا ما يفسر نوعا ما تعرضها لأول مرة لانتقادات مباشرة وجهت إليها اللوم بسبب سكوتها عما حدث من انتهاكات في بيت حانون. وهو ما عبره عنه الممثل الليبي السيد مراد حميمة أمام الجلسة وأكده في حديث لسويس إنفو بقوله “كنا نتمنى ان يكون دور المفوضية والمفوضة السامية نفسها أكثر فعالية من ذلك بحيث استغربنا لعدم صدور أي تصريح من قبل المفوضة السامية حول المذبحة الأخيرة في بيت حانون، خصوصا ان المفوضية هي أعلى سلطة في منظومة الأمم المتحدة المعنية بهذه المسالة من الناحية الإنسانية”.

وعما ينتظره المندوب الليبي من زيارة المفوضة السامية الى المنطقة، اكتفى بالقول “سنرى” مشددا على أننا “لا نقيم النوايا وإنما نقيم الأفعال، وما ننتظره من المفوضية السامية هو أن يكون لها دور أكثر فعالية، خصوصا في القضية الفلسطينية لأن الاحتلال يعتبر انتهاكا لجميع حقوق الإنسان وأسوأ حالات الإنتهاك”.

أما السيد راجي صوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان والذي تحدث امام الدورة الخاصة بوصفه نائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان فقد صرح لسويس إنفو بأنه “على مجلس حقوق الإنسان ان يختار بين أمرين: أما شريعة القانون او شريعة الغاب”. ويرى السيد صوراني أن “ما يمر به الشعب الفلسطيني اليوم من جرائم منهجية منذ 25 يونيو … يمثل الفترة الأكثر سوءا في تاريخ هذا الإحتلال… لذلك ليس من حق أحد ان يطلب من الشعب الفلسطيني أن يكون ضحية جيدة”.

وعما ينتظره كفلسطيني من مثل هذه المحافل الدولية، يقول السيد راجي صوراني “لا توجد لدي أحلام وردية. هذه الجلسة ستكون كغيرها من الجلسات، رصيد إضافي لإدانة الممارسات الإسرائيلية، ولكن نأمل في أن يتحرك شيء ما في الضمير الإنساني لهذا المجتمع الدولي لكنه إذا بقي على ما هو عليه سوف نلج الى شريعة الغاب وليس هذا في مصلحة أحد”.

وعن نظرته لموقف المفوضة السامية من الأحداث الأخيرة، يرى السيد صوراني أن المفوضة السامية لحقوق الإنسان “لها صوت قانوني وأخلاقي يجب ان تستغله، لكن كان هناك كثير من الصمت حول جرائم مورست ضد الشعب الفلسطيني”.

ولدى سؤاله عما يتوقعه من زيارتها للمنطقة أجاب السيد صوراني “إنها تأتي متأخرة”.

سويسرا مع الامتناع

الموقف السويسري خلال هذه الدورة الخاصة أوضحه السفير بليز غودي في كلمة تطرق فيها بعد التعبير عن القلق لما حدث والأسف لعدم معالجة مجلس الأمن الدولي للموضوع بفعالية، الى التذكير بـ “تعلق سويسرا باحترام القانون الإنساني الدولي، في كل الظروف و تطبيقه على كل الأطراف المشاركة في الصراع”.

وأوضح السفير السويسري أنه “من حق إسرائيل أن ترد على الهجمات التي تتعرض لها ومحاولة الوقاية منها. ولكن العمليات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي خلال هجماته في قطاع غزة يجب أن تحترم مبدأ التناسب والوقاية والتمييز (بين المقاتلين والمدنيين).

وبعد التعبير عن الأسف لما حدث في بيت حانون أوضح السفير السويسري “يبدو أن إسرائيل لم تتخذ فيها كل الإجراءات المطلوبة من قبل القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والبنية المدنية”. وانتهى السفير السويسري الى التعبير عن “تسجيل سويسرا بجدية فتح إسرائيل لتحقيق لتحديد أسباب هذه المأساة وتسليط كل الضوء على هذه الأحداث”.

وفي محاولة لتأكيد التوازن في المواقف من الأطراف المشاركة في الصراع أوضح السفير السويسري “بان قواعد القانون الإنساني الدولي تفرض نفسها على كل الأطراف. لذلك تدين سويسرا بنفس الصرامة كل عمليات العنف التي ارتكبتها المجموعات المسلحة الفلسطينية ضد السكان المدنيين الإسرائيليين، وبالأخص إطلاق صواريخ القسام ضد الأراضي الإسرائيلية.

ونظرا لأن مشروع القرار الذي قدمته الدول العربية والإسلامية “لم يكن متوازنا” في نظر السفير السويسري، امتنعت سويسرا عن التصويت.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

1- يعرب عن صدمته إزاء فظاعة عمليات الاستهداف والقتل الإسرائيلية للمدنين الفلسطينيين في بيت حانون أثناء نومهم وغيرهم من المدنيين الفلسطينيين الفارين من القصف الإسرائيلي السابق.

2- يدين عمليات الاستهداف والقتل الإسرائيلية للمدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم النساء والأطفال، وللعاملين الطبيين في بيت حانون والقرى الفلسطينية الأخرى، ويدعو الى تقديم مرتكبي هذه الأعمال الى العدالة.

3- يندد بالتدمير الإسرائيلي الهائل للمنازل والممتلكات والبنية الأساسية الفلسطينية في بيت حانون.

4- يعرب عن انزعاجه إزاء الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة م جانب السلطة القائمة بالاحتلال، إسرائيل، ويدعو إلى اتخاذ إجراءات دولية عاجلة، لوضع حد فوري لهذه الانتهاكات بما في ذلك الانتهاكات الناشئة عن سلسلة التوغلات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في تلك الأراضي.

5- يدعو الى توفير الحماية الفورية للمدنين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة امتثالا لقانون حقوق الإنسان ولقانون الإنساني الدولي.

6- يقر إيفاد بعثة تقصي حقائق رفيعة المستوى الى بيت حانون على وجه الاستعجال.

الدول التي صوتت بنعم:
الجزائر، الأرجنتين، آذربيجان، البحرين، بنغلاديش، البرازيل، الصين، كوبا، جيبوتي، إيكوادور، الغابون، غانا، الهند، إندونيسيا، الأردن، ماليزيا، مالي، جزر موريشيوس، المكسيك، المغرب، نيجيريا، باكستان، بيرو، الفيليبين، روسيا، العربية السعودية، السنغال، جنوب افريقيا،سريلانكا، تونس، الأورغواي، زامبيا.

الدول التي صوتت بلا:
كندا، تشيكيا، فنلندا، المانيا، هولندا، بولندا، رومانيا، بريطانيا.

الدول التي امتنعت عن التصويت:
فرنسا، غواتيمالا، اليابان، كوريا الجنوبية، سويسرا، أوكرانيا.

الدول الغائبة عن جلسة التصويت:
الكاميرون

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية