مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سباق التسلّـح المغاربي.. لماذا وإلى أين؟

قد تصبح المقاتلة الفرنسية من طراز "رافال" (صورة التقطت في الأجواء الأفغانية وزعها الجيش الفرنسي يوم 1 أبريل 2007) متاحة للقوات الجوية في ليبيا وربما الجزائر أيضا. AFP

استأثرت أربعة بُـلدان مغاربية (المغرب والجزائر وليبيا وتونس) بثلُـث تجارة السلاح في القارة الإفريقية في السنة الماضية، طِـبقا للتقرير السنوي لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ما يشكِّـل علامة قوية على شدّة السباق نحو التسلّح في المنطقة.

وعلى رغم انتهاء الحرب الباردة على الصعيد الدولي، لا زالت أجواء مشحُـونة تُـسيطر على المغرب العربي، الذي تعيش بُـلدانه حالة مُزمِـنة من القطيعة والصِّـراع، لا تتجسَّـد في المناورات السياسية في أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وحسب، وإنما تُـلقي بظلال كثيفة أيضا على علاقاتها مع كِـبار تجّـار الأسلحة في العالم.

يمكن القول، أن التّـحالفات القديمة المَـوروثة من الحرب الباردة، ما زالت تقود سِـباق التسلح لدى بُـلدان المنطقة. فالجيش الجزائري، الذي تعوّدت قياداته وكوادِره على الأسلحة الروسية، جدّد العهد مع الحليف السابق وأبرم صفقات ضخمة ومُـنوعة مع موسكو.

وكانت العلاقات بين الجانبين وثيقة إلى درجة أن الرئيس الجزائري الرّاحل هواري بومدين توجّه على جناح السّـرعة إلى موسكو في أعقاب ثغرة “الديفرسوار” Deversoir، خلال حرب أكتوبر / رمضان 1973، وطلب من زعيم الحزب الشيوعي آنذاك ليونيد بريجنيف بيعه نوعِـية مُـحدّدة من الدّبابات الروسية التي تساعِـد مواصفاتها على ضرب طوق على القوات الإسرائيلية، التي انتقلت إلى الضفّة الغربية لقناة السويس، مُبدِيا استعداده لدفع ثمن الصفقة فورا.

أكبر صفقة سلاح مع روسيا؟

وليس من قَـبيل الصُّـدف أن رفيق بومدين ووزير خارجيته عبد العزيز بوتفليقة، الذي توجّـه إلى موسكو في زيارة رسمية العام الماضي، ردّا على زيارة بوتين للجزائر، هو الذي أبرم أكبر صفقة سلاح توصّـلت لها روسيا مع بَـلد أجنبي منذ انهيار الإتحاد السوفييتي السابق في بداية التسعينات.

كما أن المغرب عزّز اعتمادَه العسكري على حُـلفائه التقليديين، وهم الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وأبرم معهم صفقات ضخمة، ما أدّى إلى غضب في الجزائر عكَـسه قرار حكومة جبهة البوليساريو في المنفى (المدعومة من الجزائر)، تطوير قُـدرات قواتها المسلّـحة والتلويح باستئناف العمليات العسكرية ضدّ الجيش المغربي في الصحراء.

أما ليبيا، فعقدت بدَورها صفقات لافِـتة مع موسكو في العام الماضي، ما شكّـل علامة إضافية على العودة الروسية القوِية إلى أسواق السِّـلاح المغاربية. واستفاد الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي من ثِـمار الطّـفرة النفطية وتحسّـن علاقاته مع الدول الكُـبرى، بعد رفع العقوبات الدولية عن ليبيا، لكي يُجدّد تِـرسانته المؤلّـفة أساسا من أسلحة روسية الصّـنع، ويُحافظ على مسافة مهمّـة من التفوّق العسكري على الجيران.

ويندرج تأمين هذا التفوّق في إطار السّـعي، لفرض هَـيبة في القارّة الإفريقية، وخاصة في شمالها وحول منطقة الساحل والصحراء، التي يعتبرها القذافي المجال الحيوي لنفوذه الإقليمي.

استراتيجيات متقابلة

لكن الخبراء العسكريين يؤكِّـدون أن صفقات التسلح لا يمكن أن تُقرّر وتُبرم في وقت سريع، وهي لا يمكن أن تأتي ردّا على صفقة يعقِـدها الجار أو الغريم، وإنما تندرِج في إطار الإستراتيجية العامة للدولة.

فكل دولة تضبِـط المنظومة الشاملة للأمن القومي في ضوء تحديد من يهدِّدها ومِـن أين يُـمكن أن يأتي الخطر (بحرا أم برّا أم جوّا؟)، وكذلك مدى دائرة النفوذ التي ترسمها تلك الدولة لنفسها (والدائرة مرتبطة عادة بالمصالح الاقتصادية).

كما تتحدّد الإستراتيجيات في ضوء الموارد الوطنية للبلاد ومصادر الدّعم الخارجي الثابتة (غير المشكوك في تحصيلها عند الاقتضاء)، ومن ثمّ تُـوضع الإستراتيجية العامة للدِّفاع الوطني، التي تشمل كل الأسلاك المسلحة من جيش وشرطة ودرك وحرس حدود… وعلى أساسها تُصاغ الإستراتيجية العسكرية التي تخُـص الجيش (أو الجيوش بحسب البلدان)، ومنها تتفرع الخطّـة الإستراتيجية، وهي العقيدة العسكرية التي تمكِّـن من وضع الخطط العملياتية الملائمة.

وفي مقدمة تلك الخُـطط، المنهج القِـتالي (الذي يعتمِـد على المدرّعات، بالنسبة لبعض البلدان، والخافرات البحرية بالنسبة لبلدان أخرى، بحسب مصدر الخطر)، والفروع الرئيسية للدفاع، وهي في مصر على سبيل المثال، أربعة : الدفاع الجوي والبحري والطيران والجيوش الميدانية، وليس التقسيم الثلاثي التقليدي (البرّ والبحر والجوّ).

ورأى خبراء تحدثوا لسويس أنفو، أن هندسة بِـناء القوات، هي العُـنصر المُحدّد في صفقات السِّـلاح، فإذا ما كان الجيش مؤلّـفا من أربع فِـرق مدرّعة وستّ فِـرق مُـشاة، سيكون تسليحه مُـختلفا عن جيش آخر مؤلّـف من فِـرقة ميكانيكية وفِـرقتين مدرّعتين وثلاث فِـرق مشاة، وعليه، فإن التّـجهيزات مُـرتبطة بنَـوع التشكيلات، إذ تفرض هذه الأخيرة الحاجة إلى أصناف محدّدة من الأسلحة، وتلك الحاجات يُـمكن سدّها، إما بواسطة التّـصنيع المحلِّـي (الذي يعتمِـد على توافر الخِـبرات والمواد الأولية، وكذلك على حدٍّ أدنى من التّـعاون الخارجي) أو بواسطة الهِـبات أو الصفقات، والهبة عادة، لا تتضمّـن الأجيال المتطوّرة من الأسلحة، فضلا عن أن الواهِـب ينتظر في مقابل ذلك ثمنا سياسيا وحتى عسكريا (تسهيلات أو قواعد)، ويُـمكِـن اقتناء السِّـلاح أيضا في إطار صفقات مُيسّـرة.

وعزا خبير، فضَّـل عدم الكشف عن هويته، اعتماد بُـلدان غير نفطية، مثل المغرب وموريتانيا وتونس، على الصَّـفقات الميَـسَّـرة، لكونها غير قادِرة على دفع الثمن فورا، لكن ذلك يجعلها مضطَـرّة للمحافظة على منظوماتها التسليحية القديمة، مما يشكل قَـيدا على حركتها.

كما أن البلدان الصِّـناعية لا تبيع آخر جِـيل من سِـلاحها في حالة الصّـفقات الميسَّـرة، لأنها تفضِّـل الإبقاء عليه لقواتها وقوّات حلفائها وللقادرين على دفع الثمن المطلوب.

وأكِّـد الخبير، أن الكثير من الصَّـفقات يُـشكِّـل فخًّـا للمُـشتري، لأن سِـعر الطائرة أو الدبَّـابة قد لا يبْـدو باهِـظا، لكن أسعار قِـطع الغِـيار وكُـلفة التَّـكوين والصيانة تُـضاعِـفان الثمن، فبعض الرّادارات التي تُجهّـز بها أصناف من الطائرات، يكون سِـعرها أحيانا أعلى من الطائرة نفسها.

تنويع مصادر السلاح

وفي هذا الإطار، يمكن قراءة التطوّرات الأخيرة على صعيد صفقات السِّـلاح المغاربية، إذ أن ارتفاع إيرادات النّـفط والغاز أتاح للجزائر وليبيا تنويع مصادِر التسليح، فيما ظلّـت البلدان الأخرى رهينة منظوماتها التقليدية.

فقد كشف جان تادوني، مسؤول البحرية الفرنسية في البحر المتوسط بالنيابة أن الجزائر “عبَّـرت بقوة عن رغبتها في الحصول على تجهيزات عسكرية خاصة بالمراقبة الأمنية في إقليمها البحري”، وأوضح تادوني في التصريحات التي أدلى بها في مطلع فبراير الماضي في الجزائر، حيث أشرف على تدريبات مشتركة بين قوات البلدين البحرية في عرض السواحل الجزائرية، أن الأسلحة والأجهزة التي طلبتها الجزائر “ستكون مخصّـصة أساسا لمُـكافحة الهجرة غير الشرعية ومطاردة المهربين”، كما نقل عنه.

أما ليبيا، فأبرمت عقودا عسكرية مع باريس بمناسبة زيارة العقيد القذافي لفرنسا قُدرت بـ 4.5 مليار دولار في إطار مذكِّـرة حول التعاون في مجال التسلّـح. وتضمّـنت قائمة المُـشتريات 14 طائرة من نوع «رافال» و35 مروحية من طراز “تيغر” و6 طرادات سريعة وسفينتين عسكريتين وبطاريات صواريخ و150 آلية مصفحة.

وأعطت الحكومة الفرنسية، التي تأمل الحصول على حصّـة لا تقل عن 20% من الصَّـفقات العسكرية الليبية، مُـوافقتها على بيع تلك الطائرات لليبيا في إطار الصفقة التي تُـعتبر الأكبر التي حصدتها المجموعات الفرنسية منذ ثلاثين عاما، كذلك، أبرمت مجموعة “إيدس” EADS)) للتَّـصنيع الحربي صفقة مع ليبيا لتجهيزها بنِـظام رادار لمراقبة الحدود والمواقع النّـفطية، واختار الليبيون نظام الدفاع الجوي المعروف بـ “أستر” (Aster).

ولم تقتصر خطّـة التّـحديث العسكرية الليبية على القوّات الجوية، وإنما شملت الدّفاعات البحرية أيضا، إذ وقَّـع الليبيون بالأحرف الأولى في يوليو 2007 على صفقة مع شركتي “تيليس” (Thales) و”المنشآت الميكانيكية” في مقاطعة نورماندي (شمال فرنسا)، لبناء ستّ خافرات سواحِـل مجهّـزة بالصّورايخ الفرنسية – الإيطالية “أوتومات” بقيمة 400 مليون يورو.

غير أنها لا تزال بمثابة عُـقود قيد الانجاز، إذ لم تصِـل المذكّـرة المُبرمة أثناء زيارة القذافي إلى مرحلة التّـوقيع على عقد نهائي، لكن الثابت، أن ليبيا التي كانت في قطيعة مع البلدان الغربية واعتمدت كليا على السلاح الرّوسي طيلة أكثر من رُبع قرن، تعود الآن لتنويع مصادِر التسلح، وخاصة لضمان إحياء منظومتها القديمة من الأسلحة الفرنسية، وفي مقدِّمتها 30 طائرة حربية من طراز ميراج أف 1 اشترتها منها قبل فَـرض الحظر على تصدير الأسلحة إليها في القرن الماضي، وتتميَّـز تلك الفئة من الطائرات الفرنسية بكونها مجهَّـزة بصواريخ جو جو من طراز “ماجيك”.

وأوضح خبير تحدث لسويس أنفو، أن اختيار هذه الأسلحة يمُـر عبر مرحلتين رئيسيتين، أولاهما فنية يُجري خلالها خُـبراء الدراسة، التي تمكن من التأكد مما إذا كان السلاح فعّالا أم لا ومُستجيبا لحاجات البلد الدفاعية أم غير مستجيب. أما الثانية، فسياسية ويُحسم فيها القَـرار من الناحية السياسية.

فهل تلك الأسلحة التي اشترتها ليبيا دِفاعية أم هجومية؟ أجاب الخبير بأن تحديد نوعية السلاح مرتبِـط أشد الارتباط بمجال استخدامه، فالمدافع التي لا يتجاوز مداها 30 كيلومترا تكون دِفاعية داخل أراضي موريتانيا المُـترامية الأطراف، لكنها تصبح هجومية حين تُنصب في الضفّـة الغربية وتُصوب نحو الأردن أو في الجولان و تُصوّب نحو دمشق، كما أن الطائرات الصهاريج، تشكِّـل سلاحا هُـجوميا في البلدان صغيرة المساحة، لكنها ضرورية لنقل الإمدادات داخل بلد مترامي الأطراف مثل الجزائر أو السعودية أو السودان.

وبالنسبة لليبيا، لا يمكن فصْـل الأسلحة التي اقتنتها عن رغبتها في تحقيق نوع من التّـوازن مع القِـوى الدولية الكبرى المؤثرة في القارة الإفريقية، وسعيها لفرض هيْـبتها على الجيران والدول الإفريقية عموما، خاصة وهي تظهَـر في مظهر الرّاعي للإتحاد الأفريقي.

ومع سعيها لتنويع مصادِر الأسلحة، ظلّـت ليبيا مضطرّة في الوقت نفسه، للمحافظة على مصدر التزويد التقليدي (الروسي)، لأن ذلك يوفر لها الكثير من النَّـفقات بالنظر لأن المنظومات الروسية معروفة لديها، إذ تدرّبت عليها قُـواتها وتتوافَـر عندها قِـطع غيِـارها التي حصلت عليها في صفقات سابقة، وهو ما يُحقِّـق المبدأ الذي يُـسميه الخبراء “تجانس المنظومات”.

طفرة نفطية

هذه التّـركة هي التي حملت الجزائريين أيضا على العودة أخيرا إلى الأسواق الروسية، بعدما كانوا مشغولين بالصِّـراع مع المجموعات المسلّـحة طيلة تسعينات القرن الماضي. فقد استفادت كل من الجزائر وليبيا من الطّـفرة النفطية لتجديد ترسانتيْـهما والمحافظة على مسافة مهمّـة من التفوق العسكري على الجيران. ونتيجة لذلك، أبصر عام 2007 عودة روسية قوية إلى أسواق السلاح المغاربية، وشكّـل هذا الهاجِـس أحد الأهداف الرئيسية للزيارة التي أدّاها الرئيس الروسي المُـنتهية ولايته فلاديمير بوتين إلى الجزائر في مارس 2006، والتي ردّ عليها نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بزيارة إلى موسكو في العام الماضي.

وخلال هاتيْـن الزيارتين، استكملت الحكومتان المفاوضات على صفقة ضخمة، شملت شراء 300 دبّـابة من طراز 90 أم بي تي أس، التي تتفوّق على دبّـابة “ميركافا” الإسرائيلية، و84 طائرة مُطارِدة من طرازَي سوخوي وميغ. وتسلّـمت الجزائر خلال العام الماضي 180 دبّـابة من الدبّـابات التي صمّـمتها شركة “روزوبورن إكسبور” الحكومية.

وكانت صحيفة “لوجون أنديباندان” الجزائرية، كشفت النِّـقاب عن قيمة الصفقة التي بلغت 1 مليار دولار، والتي قالت إنها شِـلت 300 دبّـابة من ذلك الطراز ستتسلمها الجزائر قبل سنة 2011.

وجرّب الجيش الجزائري هذه الدبّـابة قبل التوقيع على الصّـفقة، التي تشمل أيضا تدريب العسكريين الجزائريين على قِـيادتها. وفي السياق نفسه، باشرت روسيا تزويد الجزائر بـ 28 مُـطاردة من نوع “سوخوي 30 أم ك” من تصميم شركة “إيركوت” و40 مطاردة من نوع ميغ 29 و16 مطادرة خاصة بالتّـدريب من نوع ياك 130.

وشملت الصَّـفقة الضخمة، والتي بلغت قيمتها 5.7 مليار دولار، ثمانية صواريخ أرض جو من طراز تونغوسكي، وتجديد 250 دبّـابة جزائرية من طراز تي 27 وعددا غير معلوم من الصواريخ المضادّة للدبّـابات من طِـراز ميتيس وكورنت، بالإضافة للقيام بأعمال صِـيانة للسُّـفن الحربية الجزائرية روسية الصنع.

ومعلوم أن زيارة بوتين كانت مناسبة لمقايَـضة الدّيون الجزائرية تُـجاه موسكو والمُقدَرة بـ 4.7 مليارات دولار، بصفقة الدبّـابات والطائرات، إذ قبِـل الروس شطْـب الدُّيون المتخلِّـدة بذمّـة الجزائر، مقابل إبرام صفقة الأسلحة.
ومع تكريس تلك الصفقة، التي قدّرت مصادِر أخرى قيمتها بـ 7 مليارات دولار، قفزت الجزائر إلى المرتبة الأولى بين زبائِـن الأسلحة الرّوسية على الصعيد العالمي، قبل الهند والصين.

غير أن وسائل إعلام روسية تداولت في الأسابيع الأخيرة معلومات عن تعثّـر اقتناء طائرات “سوخوي”، مشيرة إلى أن الجزائر توقّـفت في أواخر العام الماضي عن دفع المستحقّـات، والأرجُـح، أن الأمر يتعلّـق باكتشاف خُـبراء جزائريين خلَـلا في طائرات “الميغ” الجديدة الروسية، قد يكون أثَّـر في البِـداية في صفقة “سوخوي”، قبل الوصول إلى تسوية للخلاف.

وبحسب موقع “كل شيء عن الجزائر”، الذي أورد الخبر في مطلع الشهر الجاري، نفت وزارة الدفاع الجزائرية توقّـف تسلُّـم طائرات “سوخوي”، مؤكِّـدة أن التّـسليم سيتِـمّ في الآجال، موضِّـحة أنه يشمَـل 56 طائرة من ذلك الطِّـراز بعد الاتفاق على استبدال الطائرات الـ 28 من طِـراز “ميغ” بمثيلاتها من طِـراز “سوخوي”.

وفعلا، تمّ تصوير طائرات من الطراز الأخير وهي تحلِّـق مؤخرا في ولاية خنشلة، في إطار عرض تجريبي. وتُعتبر طائرة “الميغ” مطاردة، بينما “سوخوي” هي طائرة دعم ويُـمكن أن يسمح مداها بالتّـدمير في أعماق أبعد ممّـا تصل له “الميغ”.

وتجدُر الإشارة إلى أن الموقع الجزائري نفى ما تداولته وسائل إعلام روسية من أن الجزائر باشرت مفاوضات مع فرنسا لاقتناء طائرات من طراز “رافال”.

أسلحة فرنسية وأمريكية للمغرب

في المقابل، توجّـه المغرب إلى المزوّدين التقليديين (فرنسا والولايات المتحدة)، لتطوير قواته العسكرية، وإن كان من غير الدّقيق ربْـط صفَـقاته بالصَّـفقة الجزائرية – الروسية، لأن طبْـخ هذه الأمور يستغرِق وقتا طويلا من الدّراسة والتخطيط. وكشفت صحيفة “الصباح” المغربية في أواخر شهر يناير الماضي، أن الكونغرس الأمريكي وافق على تسليم المغرب 24 مُـقاتلة من طِـراز “أف 16″، أي من الجيل الجديد سنة 2011، والملاحظ، أن هذا التاريخ هو الذي تستكمِـل فيه روسيا تسليم صفقة “سوخوي” للجزائر، وقدّرت الصحيفة قيمة الطائرة الواحدة بـ 40 مليون دولار، وسيتلقّـى قادة طائرات “أف 5” المغربية تكوينا في الولايات المتحدة، يمكِّـنهم من قيادة الجيل الجديد من تلك الطائرات.

وصرح وليم ماك هنري، رئيس قُـطب تصنيع “أف 16” في مجموعة “لوكهيد مارتن” لـ “الصباح” لدى مشاركته في المعرض الدولي لصناعات وخدمات الطيران في مراكش في أواخر يناير الماضي، أن المغرب أبرم في مطلع العام الجاري صفقة مع “لوكهيد مارتن” لشراء رادارات أرضية لفائدة الجيش المغربي، وأكّـد أنها “من أحدث أجهزة الرّصد والمُـراقبة في العالم”، وقال “إن اقتناء الرّادارات الجديدة سيُمكِّـن من “تطوير قُـدرات المغرب الدفاعية”.

وإلى جانب هاتين الصّفقتين المهمّتين مع أمريكا، حافظ المغرب على المصدر التقليدي الآخر للأسلحة، وهو فرنسا، إذ أظهر التقرير الأخير لوزارة الدِّفاع الفرنسية، الذي تم تقديمه للبرلمان عن صفقات السلاح، أن المغرب تصدّر زبائن فرنسا في القارة الإفريقية خلال السنوات العشر الأخيرة بصفقات بلغت قيمتها الإجمالية 690 مليون يورو، مقابل 245 مليون يورو فقط للجزائر في الفترة نفسها، كذلك احتل المغرب المرتبة الأولى بين زبائن فرنسا في العام الماضي بصفقات بلغت 363 مليون يورو بالنسبة للأسلحة و16 مليون يورو بالنسبة للعتاد الحربي.

وتوقَّـع محلِّـلون عسكريون أن يُـحافظ المغرب على حجم مُـتقارب من العقود مع فرنسا لدى الإعلان عن الصّـفقات المُـبرمة في السنة الجارية.

وعلى رغم أن صفقات السِّـلاح غير مرتبِـطة باعتبارات ظرفية، مثلما يؤكد الخبراء، فإن إقدام أحد البلدين المغاربيين الرئيسيين، الجزائر والمغرب، على إبرام صفقة ضخمة يشحذ سِـباق التسلّـح في المنطقة ويحمل البلد الآخر على التخطيط لتطوير قُـدراته الحربية، محافظة على الموازين العسكرية الإقليمية في ظِـل انهيار الثقة بين الجيران.

ومع استمرار إرجاء القمة المغاربية وتعذّر حلّ عُـقدة النزاع على الصحراء، سيبقى سِـباق التسلح أحد العناوين البارزة للعلاقات المغاربية – المغاربية، مع استتباعاته المعروفة، سواء على خُـطط التنمية أو على التَّـكامُـل الإقليمي المؤجّـل دوما.

تونس – رشيد خشانة

طرابلس (رويترز) – اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الزعيم الليبي معمر القذافي يوم الأربعاء 16 أبريل في مستهلّ زيارة ستتوّج بتوقيع اتفاقات قيمتها عدة مليارات من الدولارات، في سوق يفتح أبوابه على العالم بعد سنوات من العقوبات.

وصافح بوتين الزعيم الليبي أمام مقر إقامته السابق في وسط طرابلس، والذي أبقت ليبيا على أنقاضه منذ أن قصفته طائرات حربية أمريكية في عام 1986.

وتشير الغارة الأمريكية إلى واحدة من أدنى المراحل في العقود التي عاشتها ليبيا، العضو بمنظمة أوبك، كدولة كان يُـنظر إليها على أنها خارجة على القانون وداعمة للإرهاب.

وفي وقت لاحق، بدأ بوتين وهو أول زعيم للكرملين يزور ليبيا منذ عام 1985، محادثاته مع القذافي.

وقال مسؤول إن بوتين، الذي سيترك الرئاسة في السابع من مايو المقبل ليصبح رئيسا لوزراء خلفه المخلص ديمتري ميدفيديف، سيشرف على التوقيع على اتفاقيات تبلغ قيمتها حوالي 10 مليارات دولار.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين “المغزى الرئيسي للزيارة، هو تعويض خسائر تكبّـدتها علاقاتنا الثنائية أثناء العقوبات التي تقيّـدنا بها بصرامة على العكس من بعض المنافسين الغربيين”.

ودرت ثروات النفط والغاز أكثر من 40 مليار دولار في 2007 على ليبيا، التي تتبارى على خطب ودّها الآن شركات غربية تسعى إلى عقود في مشاريع عملاقة للبِـنية التحتية، تهدف إلى تحديث الخدمات العامة المتداعية في ليبيا.

وكلّـلت زيارتان إلى طرابلس في العام الماضي لرئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزيارة في 2004 قام بها المستشار الألماني في ذلك الوقت غرهارد شرودر، بعقود ضخمة لشركات بُـلدانهم.

ويستفيد المسعى الروسي، ممّـا يعتبره محللون رغبة القذافي في موازنة الروابط السياسية والاقتصادية المتنامية مع الغرب، بمصادر بديلة للدعم الدولي مثل موسكو.

ويفتح هذا نافذة محدودة للفُـرص أمام روسيا، التي تسعى لإحياء دورها كقُـوة عالمية، والذي تضاءل بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

وقال ألكسندر كليمنت من مجموعة أوراسيا الاستشارية في تصريحات لرويترز، “تؤدي روسيا دور النقيض للولايات المتحدة التي تبقى القوة الكبرى”.

ويسري الدِّفء في علاقات ليبيا مع الغرب منذ تخلّـت عن برامجها لأسلحة الدمار الشامل في 2003، ممّـا شجّـع على رفع مُـعظم العقوبات الدولية التي كانت مفروضة، لِـما كان الغرب يصِـفه بدعم القذافي للإرهاب.

وقال مسؤول روسي “القذافي قال ذات مرة، إن علاقة الحبّ بينه وبين الاتحاد السوفييتي لم تتحوّل إلى زواج… ربّـما حان الوقت لتجربة زواج المصلحة”.

وقال مسؤولون روس، إن بوتين سيُـجري محادثات مع القذافي يومي الأربعاء والخميس (16 و17 أبريل) ويُـشرف على توقيع إعلان سياسي واتفاقية لضمانات الاستثمار.

ويبلغ حجم التبادل التجاري الروسي مع ليبيا نحو 200 مليون دولار سنويا، مقارنة مع مليار دولار في الحِـقبة السوفييتية، لكن شركات الطاقة ترسي بالفعل الأسس لتوسع أكبر.

وفي العامين الأخيرين، فازت شركتا الطاقة تاتنفت وغازبروم بامتيازات للتنقيب في ليبيا، التي تملك أكبر احتياطيات نفطية في إفريقيا.

ويقول مسؤولون إنه بين الاتفاقات الأخرى المطروحة، تسعى شركة سترويترانسجاز الروسية إلى عقدٍ لبناء شبكة أنابيب لنقل الغاز على الساحل الليبي على البحر المتوسط.

وتتطلع روسيا، وهي مورد السلاح التقليدي إلى ليبيا، لصفقات دفاعية جديدة. وقالت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء يوم الاثنين 14 أبريل، إن موسكو تأمل في بيع طرابلس نُـظما مضادّة للطائرات ومقاتلات وطائرات هليكوبتر وسُـفنا حربية بقيمة 2.5 مليار يورو.

وكانت القوات الأمريكية قد قصفت أهدافا في مدينتي طرابلس وبنغازي الليبيتين في الساعات الأولى من الخامس عشر من أبريل 1986. وقال الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغان، إن الغارات كانت انتقاما ممّـا وصفه تواطؤ ليبيا في تفجير مرقص في برلين قبل ذلك بشهر، والذي قتل فيه ثلاثة أشخاص بينهم عسكري أمريكي.

وبقي مقر إقامة القذافي السابق على حالته منذ القصف، ليكون شاهدا على الغارة التي شنّـت أثناء الليل، والتي قُـتل فيها حوالي 40 شخصا.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 أبريل 2008)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية