مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“ما يحدث في أوغادين أتـعـسُ مما يقع في دارفور”

السيدة فوزية عبد القادر الناشطة في حقوق الانسان ضمن جالية أوغادين في أوتاوا بكندا - جنيف، 25 يوليو 2009 swissinfo.ch

نظمت مجموعة من أبناء إقليم أوغادين المقيمين في سويسرا ملتقى في جنيف للتعريف بمعاناة سكان الإقليم التابع لإثيوبيا والذي يقطنه سكان من أصول صومالية ومطالبة المجموعة الدولية بوضع حد لما وصفوه "أزمة إنسانية منسية".

وتؤكد فوزية عبد القادر، الناشطة في حقوق الإنسان أن المشكلة تتلخص في أنهم “يُعانون معاناة مزدوجة: تمييز النظام الأثيوبي من جهة، ولامبالاة المجموعة الدولية من ناحية أخرى”.

لقد جاءوا من كل مناطق سويسرا – رغم قلة عددهم – للإستماع الى شهادات عن الإنتهاكات التي يتعرض لها أبناء شعبهم في إقليم أوغادين على ايدي القوات الإثيوبية. إنهم أبناء الجالية المنحدرة من إقليم أوغادين ذي الغالبية الصومالية، الذين لا يتعدى عددهم في سويسرا 150 شخصا.

ويقول المشاركون إن همهم يتمثل في البحث عن السبل الكفيلة بتحريك ضمير الرأي العام الدولي ومحافل حقوق الإنسان للإهتمام بالإنتهاكات اليومية التي يتعرض لها السكان من أصل صومالي في اقليم أوغادين الواقع تحت السيطرة الإثيوبية وهو محل نزاع مع الجارة الصومال منذ عقود.

أتعس مما هو معروف في إفريقيا

عندما تلتقي بناشطة في حقوق الإنسان مثل السيدة فوزية عبد القادر المهتمة بشؤون الإقليم ضمن الجالية المهاجرة من أوغادين والمقيمة في أوتاوا بكندا، التي كانت المدعوة للقيام بمداخلة في الندوة التي انعقدت في جنيف يوم 25 يوليو 2009، وتسألها عن حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في الإقليم فإنها لا تتردد في الإجابة بأنها “أتعس حتى مما هو معروف في بلدان إفريقيا الواقعة ما وراء الصحراء”.

وتُرجع ذلك إلى أنه – بالإضافة إلى العوامل المؤدية إلى تدهور أوضاع حقوق الإنسان في بلدان افريقيا ما وراء الصحراء والمتوفرة أيضا في وضع اقليم اواغادين من فقر وتخلف – فهناك “تمييز تعرض له، ومازال يتعرض له سكان الإقليم من أصل صومالي على أيدي الأنظمة الإثيوبية المتعاقبة”، وتضيف بأن أوغادين “هو الإقليم الأقل نموا حتى بالنسبة لمستوى التنمية في إثيوبيا، وهو الإقليم الذي يتوفر على أقل عدد من المستشفيات والمدارس”.

عزل مقصود…

إقليم أوغادين الذي يقطنه حوالي 4،5 مليون نسمة من أصل صومالي مسلم، يوجد محط صراع بين الصومال وإثيوبيا منذ أكثر من ثلاثين عاما. ولكن التدخل الأثيوبي في الصومال والهزيمة التي لحقت نظام المحاكم الإسلامية في مقديشو أدى الى تحول قوات هذه المحاكم إلى ميليشيات تحارب النظام الإثيوبي في الصومال وفي مناطق أوغادين.

ولا شك في أن أكبر مجموعة مقاومة مسلحة معروفة في منطقة أوغادين هي “الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين”، التي دخلت القوات الإثيوبية في مواجهة مباشرة معها في شهر يونيو 2007 بعد أن تعرضت محطة لاستخراج النفط إلى هجوم أدى إلى مقتل 74 شخصا من بينهم 9 صينيين.

وتشير السيدة فوزية عبد القادر أن “رد فعل النظام الإثيوبي الحالي مثل سابقيه كان دوما العزل والإقصاء للمنطقة الصومالية وعدم معاملتها كإقليم تابع لأثيوبيا، وهذا ما جعل سكان الإقليم يعيشون على هامش المجتمع الأثيوبي”.

… وانتهاكات متواصلة

فقد قامت لجنة حقوق الإنسان بمنطقة أوغادين منذ العام 1995 بتوثيق الانتهاكات المرتكبة في الإقليم. وإذا كانت تقارير هذه المنظمة تُعدّ سنويا، فإن الناشطة فوزية عبد القادر ترى أن “إصدار منظمة هيومان رايتس ووتش، مؤخرا، لتقرير بعنوان (عقاب جماعي وجرائم حرب في أوغادين)، ومع أنه لم يأت بشيء جديد لا نعرفه، فإنه سمح بإخراج هذه الانتهاكات للعلن”.

وتقول السيدة فوزية إن هذه الإنتهاكات “تشمل الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية”، وتؤكد أن “السنوات الأخيرة عرفت زيادة حالات الاغتصاب بحيث سجلنا في عام واحد أكثر من 2000 حالة اغتصاب قام بها أفراد الجيش الأثيوبي في حق نساء وفتيات من كل الأعمار”.

ومن المضاعفات الناجمة عن عمليات الاغتصاب في غياب رعاية صحية ملائمة هناك “تزايد حالات الإصابة بفيروس الإيدز”، على حد قول السيدة فوزية التي عددت انتهاكات أخرى في إقليم أوغادين تشمل “عمليات الحبس التعسفي والإغلاق التعسفي للمحلات التجارية ومصادرة قطعان الماشية والمحاصيل الزراعية”.

صمت مُطبق..

ومن الظواهر المثيرة للقلق التي دفعت أفراد الجالية المقيمة في سويسرا إلى القيام بهذا التحرك رغم قلة الموارد، الصمت المطبق الذي يُحيط بأوضاع سكان إقليم أوغادين رغم علم الجميع بما يحدث فيه من انتهاكات.

وتقول السيدة فوزية عبد القادر “لا يمكن القول أن المجموعة الدولية تجهل ما يحدث على الساحة في أوغادين، إنهم يدركون جيدا ذلك ولكن ما ينقص هو عدم اتخاذ إجراءات عملية لتحسين الأوضاع. لذلك نقوم بتحركات من هذا النوع للتعريف بأن ما يحدث عندنا هو أتعس مما يحدث في دارفور رغم الدعاية الكبيرة التي تلقاها أوضاع دارفور، ولو أنني لست متأكدة ما إذا كان سكان دارفور قد استفادوا من هذه الدعاية الكبيرة”.

وعما إذا كانت رغبة سكان الإقليم (أو على الأقل رغبة الحركات التي تقود المواجهة العسكرية في الإقليم مثل الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين)، تتمثل في الانفصال عن أثيوبيا، تكتفي السيدة فوزية بالتطرق بصفتها ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان إلى “الرغبة أولا في وضع حد للإنتهاكات التي يتعرض لها السكان، ووضع حد لموت السكان جوعا في منطقة غنية بالمواشي وبالزراعة وليست صحراء”، ثم تختتم حديثها مع swisinfo.ch بالقول: “إن ما يمكن قوله في هذا الإطار هو الرغبة في فتح حوار من أجل التوصل الى تقرير للمصير بالنسبة لسكان الإقليم إما عبر الإستقلال أو في البقاء مرتبطين بأثيوبيا كمواطنين كاملي الحق في المواطنة… وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بتدخل دولي مثلما حدث في جنوب وغرب السودان”.

محمد شريف – swissinfo.ch – جنيف

يقع إقليم أوغادين في القسم الشرقي من إثيوبيا ويمتد على مساحة 369 ألف كيلومتر مربع.

يبلغ تعداد سكان الإقليم 4،5 مليون نسمة غالبيتهم من المسلمين المنحدرين من أصل صومالي.

من بين المراحل التاريخية التي توضح تجاذب الاقليم بين إثيوبيا والصومال:

– وقوعه تحت الحماية البريطانية في نهاية القرن التاسع عشر.
– ضم الاقليم الى إثيوبيا في عهد مانيليك الثاني بعد اتفاق مع بريطانيا في عام 1897.
– استعادة الاقليم من قبل الصومال الإيطالي في عام 1936.
– عودة للنفوذ البريطاني في عام 1942.
– محاولة أثيوبيا، وفشلها في استعادة السيطرة على إقليم أوغادين في مؤتمر لندن في عام 1945.
-في عام 1954 استعادت إثيوبيا السيطرة على قسم هام من الإقليم باستثناء القسم الشمالي الشرقي، المعروف اليوم بدولة جيبوتي.

في الفترة بين 1977 و 1978 عرفت المنطقة حرب أوغادين بين أثيوبيا والصومال عقب اقتحام قوات صومالية في عهد الرئيس زياد بري للإقليم. وهي الحرب التي انتهت لصالح القوات الإثيوبية بعد تفوق أولي للقوات الصومالية وإثر تدخل للقوى العظمى في عز الحرب الباردة.

شارك عبدي شكري عمر، وهو طالب يدرس في لندن في الملتقى الذي نظمته جالية أوغادين في سويسرا بعرض فيلم وثائقي عن الانتهاكات المرتكبة في الإقليم عبر شهادات عمل على تجميعها على حدود كينيا المجاورة.

ويقول عبدي شكري “الفيلم عبارة عن شهادات لأشخاص عايشوا أنواعا من هذه الانتهاكات سواء فتيات تعرضن للإغتصاب، أو أمهات رأين إعدام ابنائهن أمام أعينهن، وأئمة وجهت لهم كل التهم بسبب وظائفهم الدينية”.

ومن أجل كسر الصمت الذي تقابل به قضيتهم، أقدم عبدي شكري مع عدد من الطلبة في بريطانيا، أوروبيين وصوماليين، على تأسيس موقع على الإنترنت بعنوان “الصراخ الصامت” للفت الأنظار إلى هذا الواقع.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية