مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نساء إيران قبل الرئاسيات.. “سياسة” و”تشادور” و”كرة قدم”

عضوات في ميليشيات البسيج الإيرانية يُشاركن في الإستعراض العسكري التقليدي في مناسبة يوم الجيش الذي انتظم في طهران يوم 18 أبريل 2009 Reuters

في الثاني عشر من يونيو، ستقوم جمهورية إيران الإسلامية بانتخاب رئيسٍ جديدٍ لها وذلك في الوقت الذي تُعاني فيه من تبعات عُزلة دولية بِسَبب تصريحات الرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد وشعاراتِه المُعادية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وتَجد سويسرا نفسها وسط وابلٍ من الإنتقادات، التي تَتقاذفها أطراف مُتعدِّدة، كونَها الجِهة التي تَحمي وتُمثل المصالح الأمريكية في إيران منذ حوالي 30 عاما.

ولم يمضِ وقتٌ طويل على لقاء رئيس الكنفدرالية السويسرية هانس رودولف ميرتس مع الرئيس الإيراني احمدي نجاد في شهر أبريل من هذا العام، حيث وُجّـهَت له انتقادات حادة، كما أثارت زيارة وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري في العام الماضي سَخطاً شديداً، حين ظَهرت مُبتسمة في صورة مع الرئيس الإيراني المُثير للجدل وقد غطّـت شعرها بما يُـشبه الحجاب الإسلامي.

كما صدرت الإنتقادات من (بعض أطراف) المُعارضة الإيرانية، حيث وَجّـهَت مُنظمة نِسوية إيرانية تُدعى “مَيدان” Meydaan بدورها رسالة مفتوحة إلى السيدة كالمي – ري ونشرتها على صفحة الإنترنت الخاصة بها.

وانتقدت الكاتبة في رسالتها مَظهر السيدة كالمي – ري وهي ترتدي الوِشاح على رأسها قائلة، إن السيدة ري تُقدّم بذلك خِدمة تُسِـئ للنساء الإيرانيات. واسترسلت الكاتبة في مقالها: “إنك تَحتَرمين قانوناً يُعادي المرأة الإيرانية ويُنكر عليها اختيار ما تَودّ ارتداءَه من ملابس بنفسها”.

وتكافح منظمة “ميدان” من أجل حقّ المساواة للنساء وتقف موقف الضِدّ من التفسير المُتشدّد عادةً للشريعة الإسلامية، كما تُعارض هذه المُنظمة الرَّجم كعقوبة للزِّنا، وهي ضدّ فرض تعاليم اللِّـباس الإسلامي للمرأة، كما تدعو لرفع الحَظر الذي يَمنع المرأة من دُخول الملاعب الرياضية.

وتَلتَزم العُضوة الشابة “تارة”، الناشطة في منظمة “ميدان”، بالعمل من أجل حقّ المرأة بدخول الملاعب الرياضية، حيث تُمنع المرأة من الدّخول إليها كجُزءٍ من عملية الفصل بين الجنسين. وتُعلل الحكومة الإيرانية هذا القرار، بأن وجود المرأة داخل حشود من الرّجال، يشكِّـل خطرا عليها.

مع ذلك، استطاعت تارة وثلاثة من زميلاتها دخول أكبر ملعب رياضي لكرة القدم والمُسمى “آزادي” (أي الحرية) عن طريق الحيلة، وذلك في المقابلة التي خاضها المُنتخب الإيراني ضدّ نظيره الكوري الجنوبي.

وقد تضامنت المُشجِّـعات الكوريات اللّـواتي سُمح لهن بدخول الملعب كأجنبيات، بِضَم النساء الإيرانيات الأربع إلى مجموعتهن، ثم صرخن بصوتٍ مُرتفع “أين أخواتنا الإيرانيات”؟ وتستذكر تارة هذه الحادثة قائلة: “لقد كانت تجربة رائعة”، وأضافت: “إلا أنه كان علينا أن ننتبِـه وأن لا نصرخ بصوتٍ عالٍ عند حصول فريقنا على هدف، وإلا فإن أمرنا كان سيُكشَـف”.

وفي يوم 12 يونيو الجاري، ستَمنَح تارة البالغة من العمر 24 عاماً صوتها للمُرَشح الإصلاحي مير حسين موسوي، وذلك بسبب وعودهِ بإلغاء شرطة الآداب، التي تقوم بفحص ملابس النساء عَلاَنِيَة للتأكّـد من مُطابقتها للِّـباس الإسلامي.

تعبئة الناخبين

وإلى حَدّ اليوم، ليس هناك في شوارع طهران ما يَدُل على حُلول انتخاباتٍ قريبة. فطابور السيارات يسير كالمُعتاد في شارع “ولي العصر” الطويل باتِّـجاه الشمال، ويُمكن رُؤية رُسومٍ لصورٍ قاتمةٍ لمؤسس جمهورية إيران الإسلامية آية الله خميني وخَلفه خليفته علي خامنئي، الذي يُمثل الزعيم الرّوحي الحالي للبلاد على واجهة الدّور العالية.

وأياً كان الشخص الذي سيصبح الرئيس القادم لإيران، فليس هناك من مَخرج من سَـطوة رجال الدّين، وهذا ما كابَدَه محمد خاتمي، آخر رئيس إصلاحي في البلاد في تجربة مؤلمة. فحينما إستقال بعد فترتين رئاسيتين مُتتاليتين، ترك خلفه مجموعةً من النّـاخبين المُحبطين والمصابين بخيبة الأمل، لم تكلف نفسها عَناء المشاركة في انتخابات عام 2005 واختيار أحد المرشحيْن في ذلك الوقت (على أكبر رفسنجاني أو أحمدي نجاد)، حيث أن خيارَهم لم يكن ليُغيِّـر شيئا في كل الأحوال.

ويقول مدير شركة مشهورة للأسطوانات: “أحمدي نجاد هو العِـقاب المُستَحَق لانسحاب جزءٍ كبيرٍ من اليسار والمعسكر الإصلاحي من الأحداث السياسية”، ويضيف: “هذه الانتخابات كان لها مفعول الصَّـفعة ومن المؤمل أن تكون قد أيقظت الشعب”.

الإجتماع في المَسجد

ونلتقي بالمحامية “بروين”، البالغة من العمر 32 عاماً في ميدان “فاناك”، المليء بالحيوية، وهو عبارة عن ساحة مُـرور تتقاطع فيها عدّة خطوط لسيارات الأجرة الجماعية، ثم نَسير مسافة نصف ساعة بالسيارة إلى الضاحية الشمالية عند سفح جبل ألبورز.

وتقوم “بروين” بتكليفٍ من مُنظمتها بالعمل بصورة أساسية مع النساء، وذلك بتقديم المَـشورة للعديد من النِّـسوة في مسائل التعليم والصحة وفُرص العمل واستخدام القروض الصغيرة لإنشاء المشاريع الصغيرة والتعاونيات، ويتم الاجتماع مع النساء في مسجدٍ صغير. وتوضح المحامية بروين قائلة: “هذا هو المكان الوحيد الذي تستطيع فيه النساء غير المُتعلِّـمات والمُتديِّـنات التجمّع فيه”.

ويبدأ عدد النِّـسوة بالإزدياد شيئا فشيئا في المسجد، حيث يَخلعن أحذِيتهُـن عند الدخول ويَمشين حافيات على السجّاد المفروش، ثم يَجلِسن على الأرض بشكل نِـصف دائري، ويَنتَظرن. ونراهُن يرتدين الملابس المُحافظة مع مِعطف أو عباءة سوداء أو ما يُسَمّى بالإيرانية “التشادور”. وتتفاوت أعمار هؤلاء النِسوة، ومنهن من تجلب أطفالها الصغار معها.

وتَنتسب بروين هي الأخرى إلى أسرة دينية من مدينة مشهد، إلا أنها استقَرّت في طهران بعد إكمالها لدراستها، وهناك صاغت حياتها بشكلٍ مستقل. وسوف تَمنح بروين صوتها، وإن كانت غَير مُتَحَمِسة، إلى المُرشح الإصلاحي موسوي، وتعلق قائلة: “ليس لدينا سوى الإختيار بين السيّئ والأسوأ”.

سوزان شاندا – طهران – swissinfo.ch

يقف يوم 12 يونيو القادم كلٌ من المُرشحيْـن، الرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد المَحسوب على التيار المُحافظ ومُحسن رضائي، الذي ينتمي إلى المحافظين. أيضاً سيقف على الجانب الإصلاحي مير حسين موسوي، الذي كان رئيساً للوزراء خلال الحرب العراقية الإيرانية ما بين 1980-1988، كما يُرَشح رئيس مجلس النواب الأسبق مهدي كروبي نفسه لهذا المنصب.

من ضِمن 450 شخصاً قدّموا ترشيحهم لمنصب رئيس الجمهورية بصورة خطّية، كانت هناك 42 سيدة. وقد سَقطنَ جميعاً ضَحية الرقابة الصارمة الممارسة من قبل مجلس الخبراء.

يُعَيَّن رئيس الجمهورية في إيران لمدّة تبلغ أربع سنوات، ويَحق لرئيس الجمهورية أن يُرشح نفسَه لفترة ولايةٍ ثانية.

في عام 2005، فاز عُمدة مدينة طهران غير المعروف إلى حدٍ كبيرٍ آنذاك، محمود أحمدي نجاد ضدّ الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي حَكم إيران من 3 أغسطس 1989 إلى 2 أغسطس 1997.

في الفترة ما بين 1997 و2005، كان محمد خاتمي رجل الدّين الذي يتمتع بشخصية جذابة رئيساً لجمهورية إيران الإسلامية. وفي فترة حُكمه، ظهر عددٌ لا يُحصى من الصُحف الجديدة، كما خُفِفت الأوامر المُتعلقة بملابس المرأة وأصبحت إيران شريكا في الحوار مع العالم الغربي، إلا أنّه فَشل في الحَدِّ من سيطرة رجال الدِّين على مفاصل السلطة وطُموحهم القيادي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية