مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عليكم باحترام حقوق الإنسان!

ترغب الجمعيات غير الحكومية في أن يتم تنظيم وتقنين عمالة الأطفال بشكل دقيق وملزم للشركات المتعددة الجنسيات Keystone

تبحث المفوضية العليا لحقوق الإنسان، التي تعقد دورتها السنوية هذه الأيام في جنيف، مقترحات تلزم الشركات المتعددة الجنسيات احترام حقوق الإنسان.

ضمن هذا الإطار، طالبت منظمة غير حكومية سويسرية البلدان الأعضاء في المفوضية عدم الاستسلام أو التراجع في مواجهة ضغوط الشركات الكبرى.

طالبت منظمة “إعلان برن” غير الحكومية السويسرية بعدم السماح للشركات المتعددة الجنسيات بالتهرب من مسؤولياتها القانونية تجاه العاملين لديها والبيئة التي تديرُ فيها أشغالها.

وقد تقدمت المنظمة بمطالبها إلى المفوضية العليا لحقوق الإنسان لتتزامن مع اجتماع تعقده هذه الأخيرة في جنيف، يهدف إلى بحث ما أطلق عليه أسم “معايير المسؤولية الملقاة على عاتق الشركات المتعددة الجنسيات وغيرها من المؤسسات الخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان”.

وكانت المفوضية قد تبنت تلك المعايير في شهر أغسطس من العام الماضي، وهي تجمع في ثناياها معاهدات وآليات معمول بها حالياً في مجالات حقوق الإنسان وممارسات الشركات الخاصة، وتوضح كيفية تطبيق القطاع الخاص لها.

وتشمل وثيقة المعايير قضايا متنوعة خاصة بحقوق العاملين والبيئة، بدءاً من الحد الأدنى للمرتب المسموح به، ومروراً بالشفافية ومحاربة الفساد، وانتهاءاً بالتنمية المستديمة.

غير أن المشكلة في نص المعاهدة الخاصة بتلك المعايير أنه ترك لبلدان المعمورة حرية تبنيها وتطبيقها.

وتقول منظمة “إعلان برن” إن وثيقة “المعايير” قطعت مسافات أبعد في مجال ضمان حقوق العاملين واحترام البيئة مقارنة بالمعاهدات والمبادرات الموجودة حالياً كالميثاق العالمي، وهو اتفاق بين الأمم المتحدة والقطاع الخاص والمجتمع المدني يعود تاريخه إلى عام 1999.

خطوة أولى!

في المقابل، ورغم ترحيبها بالمفاوضات الدائرة في جنيف كخطوة أولى تجاه وضع قانون لحقوق الإنسان ملزم للشركات المتعددة الجنسيات، إلا أن المنظمة السويسرية غير الحكومية حذرت من أن المقترحات المطروحة تواجه خطر الإضعاف أو التهميش.

وفسرت فلورنس جيربر من منظمة “إعلان برن” ذلك التحذير بالقول: “تواجه المعايير الخطر من جماعات الضغط الاقتصادية الكبرى التي تمارس ضغوطاً على الحكومات”.

وتضيف موضحة في حديث مع سويس إنفو: “إعلان برن لا يطالب بتبني المفوضية لوثيقة المعايير- فالوقت مبكر للغاية لفعل ذلك- ما نطالب به هو أن تُنقح وتُنشر حتى تستطيع كلُ الأطراف المعنية أن تتقدم برأيها حولها”.

وشددت السيدة جيربر على ضرورة تقنين العلاقة بين القطاع الخاص وحقوق الإنسان، وتقول “المشكلة مع الشركات المتعددة الجنسيات أنها موجودة في كل مكان وتستطيع التهرب من مسؤولياتها القانونية، والتي عادة ما تقع على أكتاف الشركات التابعة لها أو المقاولين الفرعيين لها أو المعتمدين لديها”.

لا وجود لموقف رسمي!

كان لافتاً أن ردود الفعل الدولية تجاه وثيقة المعايير جاءت متباينة. وتقول منظمة “إعلان برن” إن بعض الدول، كالولايات المتحدة، اتخذت موقفاً رافضاً لها.

أما ممثل وزارة الخارجية السويسرية لدى المفوضية العليا لحقوق الإنسان، التي تحتل فيها سويسرا مقعداً كمراقب، فقد صرح في حديث مع سويس إنفو بعدم وجود موقف سويسري رسمي من المعايير.

لكن السيد جون دانيل فيدني أردف بعد ذلك بالقول إن بلاده “لن توقع إلا على وثيقة للمعايير يتم تطبيقها على الدول لا على الشركات”.

وأكد على أن سويسرا تدعم استمرار النقاش في هذا الشأن قائلاً: “على عكس دول أخرى تسعى إلى كتم الموضوع، ترغب سويسرا في ضمان بقاءه مطروحاً على جدول مواضيع النقاش للمفوضية”.

يذكر أن سويسرا دعمت في السابق مبادرات حقوق الإنسان التي أصدرتها الأمم المتحدة وعلى رأسها الميثاق العالمي.

موقف مؤيد لبعض الشركات

وفقا لمنظمة “إعلان برن”، عبرت بعض الشركات المتعددة الجنسيات عن تأييدها لوثيقة المعايير.

وتشرح السيدة جيربر قائلة “كانت مجموعة نوفارتيس و ABB جزءا من مبادرة “القائد العالمي” (Global Leader) التي أطلقتها السيدة ماري روبنسون المفوضة السامية لحقوق الإنسان السابقة، وقد أظهرتا تجاوباً واضحاً”.

وتضيف “هذه المجموعة مكونه من سبع شركات متعددة الجنسيات، والتي قررت عام 2003 احترام المعايير كما هي لكي تؤسس لنفسها مجموعة من المبادئ السلوكية”.

غير أن السيدة جيربر تقول إن هذا الموقف لا تتفق عليه كل الشركات السويسرية المتعددة الجنسيات ذلك أن “مجموعة نستلة ليست تقدمية بنفس القدر، لكنها عضو في الميثاق العالمي”، على حد قولها.

“أيدينا مكبلة في بعض البلدان”..

عندما اتصلت سويس إنفو بالشركة العملاقة، أكد المتحدث بإسم نستله على أن منظمته أدمجت المبادئ العامة للميثاق العالمي في مفاهيم عملها الاقتصادية.

ويقول السيد مارسيل روبين إن نستله تدعم حماية حقوق الإنسان ضمن نطاق نفوذها، وإنها تضمن عدم تورط شركاتها في أي انتهاكات لحقوق الإنسان.

بيد أنه أردف قائلاً: “لكن حقوق الإنسان وتطبيقها تعتمد على حكومات الدول التي نعمل فيها، ونحن لا نستطيع كشركة أن نتدخل في السياسات المحلية في الدول التي تستضيف شركاتنا والتابعين لنا”.

الجدير بالذكر أنه من المقرر أن تناقش المفوضية العليا لحقوق الإنسان وثيقة المعايير في غضون الأسابيع القادمة ضمن أشغال دورتها الستين. وقد طالبت منظمة “إعلان برن” المفوضية بالتوصل إلى قرار حاسم بشأن الوثيقة مع حلول عام 2005، وهو بالمناسبة نفس الموعد الذي حددته المفوضية لإصدار موقف نهائي من الموضوع.

سويس إنفو

طالب تقرير صدر عن منظمة العمل الدولية في 24 فبراير 2004 بعنوان “من أجل عولمة عادلة” بـ:
التركيز على الناس واستيفاء مطالبهم من أجل احترام حقوقهم وهويتهم الثقافية واستقلاليتهم، ومنح الإمكانيات للمجتمعات المحلية التي يعيشون فيها.
إيجاد دولة ديمقراطية وفعالة قادرة على إدارة التكامل في الاقتصاد العالمي وتوفير الفرص والأمن على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.
إقامة الأركان المترابطة والمتكافلة للتنمية المستديمة.
إيجاد أسواق منتجة وعادلة، ومؤسسات سليمة لتعزيز الفرص والمنشآت في اقتصاد سوقي.
قواعد عادلة للاقتصاد العالمي توفر فرص وسبل وصول منصفة أمام جميع البلدان.
قدر أكبر من المساءلة إزاء الناس.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية