مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عودة الجدل في سويسرا حول “القتل الرحيم”

احد المعارضين لترخيص القتل الرحيم يحمل محقنة خلال المظاهرة التي اقيمت امام مجلس الشيوخ الهولندي بلاهاي في العاشر من ابريل نيسان الجاري Keystone

في العاشر من إبريل ـ نيسان الجاري وافق مجلس الشيوخ الهولندي على قانون يسمح "بقتل الرحمة"، أي يسمح، تحت بعض الشروط، بتقديم المساعدة النشيطة للراغبين في الانتحار.وقد أدى هذا التقنين الهولندي، الأول من نوعه في العالم، لتفجير الجدل من جديد حول نفس الوضوع في سويسرا.

يشترط القانون الهولندي أن يتأكد الأطباء تماما، من أن الراغب في الانتحار يعاني من مرض لا علاج له، ومن آلام لا تُطاق بالمرة ومن أنه قد قرر فعلا وضعَ نهاية لحياته. كما يشترط تكوين لجان محلية أو إقليمية للإشراف على تطبيق القواعد التي ينص عليها هذا القانون.

في سويسرا، لم تحسم لجنة العمل التي عينتها الحكومة الفيديرالية السويسرية في عام 1997حتى الآن، في هذه القضايا المثيرة للمناظرات والجدل منذ سنوات عديدة. ويجري هذا الجدل بين معسكرين رئيسيّين، وهما: معسكر الذين يدافعون عن الحياة كهبة من الله، ومعسكر الذين يدافعون عن حرية الفرد في وضع حد لحياته.

لكن القوانين السارية المفعول حاليا في سويسرا، تمنع “قتل الرحمة” أي المساعدة النشيطة على “موت الرحمة” أو الانتحار، في أي ظرف من الظروف. بيد أن هذه القوانين تسمح للأطباء في نفس الوقت، بتقديم العقاقير الطبية للتخفيف من آلام المريض، حتى ولو أدت لوفاته في بعض الأحيان.

ويحتدم الجدل في سويسرا بين الأوساط الدينية التي تدعو للحفاظ على الحياة بأي ثمن، وبين الأوساط العلمانية التي تمثلها الحركة المعروفة باسم إكزيت(Exit) التي تدعو منذ سنوات عديدة للسماح بالمساعدة النشيطة على الإنتحار لمن يرغب في ذلك، شريطة أن لا تكون هذه المساعدة مقرونة بدوافع أو مصالح أخرى.

وإذا أمعن الإنسان النظر في هذه التطورات سواء في هولندا أو في سويسرا، يجد أن الجدل حول “قتل الرحمة” أي حول المساعدة النشيطة “على موت الرحمة”، سيتواصل إلى أجل غير مسمى بغض النظر عمّا إذا تم تقنين هذه المساعدة أم لا.

ويرجع السبب في ذلك، للأوجه العديدة التي يتخذها هذا الجدل الحضاريّ القائم على إعتبارات تتعلق بالعادات والمعتقدات وبالفلسفات الجماعية أو الشخصية، أي بالفوارق في المفاهيم للحياة والموت، للآلام والمعاناة، وللحرية والحقوق الفردية، وبما إذا كانت المساعدة النشيطة للحفاظ على الحياة، لا تعادل في نهاية الأمر المساعدة النشيطة للتخلص من الحياة ذاتها!

ويقول الأستاذ ماينراد شير، الأستاذ السابق للطب الوقائي والاجتماعي بجامعة زوريخ، وأحدُ أعضاء لجنة العمل الفيديرالية السويسرية التي تدارست هذه القضايا بين عام 1997 وعام 1999 : إن الاستنتاجات التي توصلت اليها اللجنة جاءت في صالح المساعدة النشيطة على “قتل أو موت الرحمة” وفي صالح تقنين الأطر التي تسمح بذلك في بعض الظروف وتحت بعض الشروط.

وهذه هي أيضا الاستنتاجات التي تمخضت عنها عدة اقتراعات للرأي العام في سويسرا، حيث يؤيّد حوالي ثمانين في المائة من السكان على ما يبدو، المساعدة النشيطة في إطار قانوني واضح، لمريض يعاني لدرجة يفضل معها مفارقة الحياة.

جورج انضوني

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية