مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في أعقاب أسوأ مجزرة في تاريخها الحديث .. سويسرا تعلن الحداد

الجريمة البشعة غير المسبوقة أحدثت صدمة قوية لدى السويسريين Keystone

خمسة عشر شخصا لقوا حتفهم اليوم داخل برلمان كانتون تسوغ في حادث يعتبر غريبا على المجتمع السويسري الذي لم يتعود على مثل هذه الحوادث سوى عبر شاشات التلفزة أو الصحف، فالهدوء السياسي يعتبر من معالم سويسرا أوروبيا وعالميا، فأصيب الرأي العام السويسري بصدمة بالغة، ويعكف الخبراء الآن على تحليل الحادث ودراسة دوافعه وخلفياته.

أعلنت سويسرا وإمارة ليختنشاتين بعد ظهر السابع والعشرين من شهر سبتمبر أيلول، الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام ونكست الأعلام فوق المباني الحكومية في العاصمة برن ومقار الكانتونات السويسرية، حدادا على مصرع خمسة عشر مواطنا، ثلاثة منهم أعضاء في حكومة كانتون تسوغ وأحد عشر من أعضاء البرلمان المحلي للكانتون إضافة إلى القاتل نفسه، الذي من المرجح أنه أطلق الرصاص على نفسه، إضافة إلى إصابة عشرة برلمانيين آخرين بعضهم في حالة خطيرة.

الحادث البشع بدأ في العاشرة والنصف صباحا عندما اقتحم فريدريش لايباخر البالغ من العمر السابعة والخمسين عاما مرتديا زيا وصفه شاهد عيان بأنه اقرب إلى زي الشرطة، قاعة البرلمان أثناء جلسته وأطلق النار على الحضور من سلاح آلي يستخدم في الجيش السويسري، وأفاد شهود عيان بأنه بعد أن أفرغ القاتل الطلقات سُمع صوت انفجار كأنه قنبلة أو عبوة ناسفة.

الشرطة المحلية وسيارات الاطفاء ورجال الإسعاف توافدوا على المكان في غضون عشر دقائق، وأغلقت وحدات الأمن المكان تسهيلا لعمليات الإسعاف لمن بقوا على قيد الحياة وتمكين فرق الاطفاء من السيطرة على الأوضاع خشية انتشار النيران خارج المبنى.

الخلفيات غير واضحة تماما

الرسالة التي عثرت عليها الشرطة والتي أوضح فيها القاتل أسباب إقدامه على هذا الحادث البشع كانت تحمل عنوان ” يوم الغضب والثأر من مافيا تسوغ”، واشتملت الرسالة طبقا لمصادر وكالة “اسوشايتد برس الالمانية” على اتهامات لحكومة الكانتون وكرر فيها اتهامه لنظامها القضائي بأنها أشبه بعصابة “المافيا” وحملت اتهامات إلى وزراء سابقين وحاليين مثل وزير المالية الحالي كاسبار فيليغر ووزير الخارجية الأسبق فلافيو كوتي. كما أشارت الوكالة على أن الرسالة وصفت بعض سياسات الحكومة في بعض المواقف بـ”الجبانة”، ولم تعلق المصادر الرسمية أو وكالة الانباء السويسرية على هذه الانباء.

وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن القاتل خسر سبع قضايا رفعها ضد أعضاء في حكومة الكانتون أمام محكمة كانتون تسوغ العليا في أسبوع واحد، وهي أحكام نهائية غير قابلة للنقاض أو الطعن، بعض الجهات وصفت القضايا بأنها دون أهمية وأخذت حجما أكبر مما تستحق، حيث أنها تتعلق بخلاف وُصف بأنه بسيط مع سائق حافلة عامة بينما أعتبره الجاني مساسا بشرفه.

ردود فعل و تداعيات

العاصمة الفدرالية برن شهدت عقب الإعلان عن الحادث احتياطات أمنية واسعة لم تشهدها من قبل، حيث عززت الشرطة حماية مبنى البرلمان ومقر الحكومة، ومنعت دخول الزائرين إلا من يحمل موعدا مسبقا، وخضع الجميع لتفتيش شامل، كما علق البرلمان جلسته بعد الوقوف دقيقة حداد على الضحايا، كما شوهدت عربات الشرطة حول مباني حكومة كانتون برن والبرلمان المحلي، كما توجه رئيس الكنفدرالية موريس لوينبرغر إلى تسوغ قاطعا مباحثاته مع الرئيس السنغالي في مدينة نوشاتيل، إضافة إلى رئيس البرلمان بيتر هس، الذي صرح للصحفيين بأن الاجواء التي شهدها العالم بعد حادث التفجير في نيويورك وواشنطن، ربما هيأت الحالة النفسية للقاتل لارتكاب هذا العمل.

وقد توالت برقيات العزاء على سويسرا من البرلمانات الاوربية ورؤساء الحكومات، منددين بالحادث.

من المتوقع أن يثير هذا الحادث ردود فعل ليس فقط في الرأي العام الذي هزته الصدمة، بل أيضا في صفوف الحكومة والاحزاب، إلا أن الجميع يأمل في أن لا تتأثر صورة سويسرا الآمنة الديموقراطية بمثل هذه الجريمة البشعة.

كانتون تسوغ يعتبر من الكانتونات الصغيرة في سويسرا إذ لا يتجاوز تعداد سكانه المائة ألف نسمة، ويعتمد في اقتصاده على قطاع الخدمات وقليل من الصناعة، كما اشتهر سويسريا وأوربيا باستقطاع أقل نسبة ضرائب في سويسرا فعرف بأنه واحة الاثرياء، حيث يقطنه ألفي مليونير.


سويس أنفو مع الوكالات

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية