مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مخاوف في بروكسل

من المتوقع أن تنعكس نتائج الإنتخابات البرلمانية في سويسرا سلبا على سير المفاوضات الثنائية بين سويسرا والإتحاد الأوروبي Keystone Archive

يثير التقدم الكبير الذي حققه اليمين المتشدد في الإنتخابات البرلمانية السويسرية عدة تساؤلات في بروكسل.

ويخشى المتابعون لملف العلاقات السويسرية الأوروبية أن ينعكس ذلك سلبيا على مسار المفاوضات الجارية.

لم تتردد أصداء الإنتصار الإنتخابي الكبير الذي حققه اليمين المتشدد داخل سويسرا فحسب بل أثار تساؤلات حقيقية في دول الجوار المباشر وفي بروكسل بوجه خاص بعد أن حقق حزب الشعب السويسري قفزة هائلة حصُل بموجبها على حوالي 26،6% من أصوات الناخبين وضمن 55 مقعدا من المائتي مقعد التي يتوفر عليهامجلس النواب.

وعلى عكس التفاعلات التي عرفتها الأوساط الأوروبية إثر نجاح حزب الحرية المتطرف بزعامة جورج هايدر في النمسا قبل ثلاثة أعوام، لم تصدر تصريحات رسمية منددة بفوز حزب الشعب السويسري إلا أن عناوين أبرز الصحف الأوروبية لم تتردد في الحديث عن فوز “حزب من أقصى اليمين ومُعاد للأجانب” بل ذهبت صحيفة “لونيتا” الإيطالية إلى وصف بلوخر بـ “النازي”!

مفاوضات ومخاوف

في خضم هذه الأجواء، انعقدت يوم الإثنين في بروكسل الجلسة الثنائية الثالثة بين المفاوضين السويسريين والأوروبيين حول مسألة توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص (المبرم بين الطرفين) ليشمل الأعضاء العشرة الجدد الذين سينضمون رسميا إلى الإتحاد
في ربيع العام المقبل.

ولم يُخف ماثياس برينكمان رئيس الوفد الأوروبي (الذي يشغل منصب مدير وحدة في الإدارة العامة للعلاقات الخارجية في المفوضية الأوروبية) انشغاله بما أسفرت عنه نتيجة الإقتراع، إلا أن ديتر غروسن رئيس وفد المفاوضين السويسريين حرص على التهدئة وطمأنة مُحاوريه.

وقال غروسن الذي يشغل منصب نائب مدير المكتب الفدرالي للهجرة والإندماج أن التقدم الجديد المسجل من طرف حزب الشعب السويسري “لن يكون له تأثير مباشر على المفاوضات الجارية حاليا”.

في المقابل، جاءت تصريحات المسؤول السويسري حول مستقبل المفاوضات غائمة إلى حد كبير.إذ أنه يعلم جيدا أن توسيع مجال تطبيق الإتفاقيات الثنائية الحالية كي يشمل الأعضاء الجدد في الإتحاد يحتاج إلى مصادقة غرفتي البرلمان، كما أن المرسوم الفدرالي الذي سيضعه موضع التطبيق سيكون معروضا على “الإستفتاء الإختياري”، وهو خيار سبق لحزب الشعب السويسري (المنتصر الرئيسي في انتخابات 19 أكتوبر) أن هدد باللجوء إليه من أجل منع تمريره.

مطالب سويسرية مرفوضة

لذلك يمكن القول أن تقدم حزب السيد بلوخر لن يكون عاملا مساعدا على إحراز تقدم في المفاوضات الجارية منذ شهر يوليو الماضي بين سويسرا والإتحاد الأوروبي، بل إن التركيبة السياسية الجديدة للبرلمان السويسري سوف تزيد في تعقيد وضعية معقدة أصلا.

ومع أن ديتر غروسن استبعد إمكانية التوصل إلى أي اتفاق قبل شهر ديسمبر المقبل إلا أن مصدرا في المفوضية الأوروبية شدد في تصريحات لسويس إنفو على ضرورة التصديق على الإتفاق قبل شهر مايو المقبل، موعد انضمام الأعضاء الجدد إلى الإتحاد.

ومع أن الموقف الرسمي السويسري نوه – إلى حد الآن – بالنواحي الإيجابية في الإتفاق الذي سيفتح “آفاقا مهمة لانتداب يد عاملة ماهرة وعمالا غير مؤهلين” بوجه المؤسسات السويسرية، إلا أن السلطات الفدرالية تعتزم في الوقت نفسه التحكم في هذا الصنف من الهجرة (القادمة من الأعضاء الجدد في الإتحاد الأوروبي).

لذلك يطالب المفاوضون السويسريون بإقرار فترات إمهال انتقالية وبتحديد أعداد العمال المعنيين بالبروتوكول المقبل على غرار ما هو معمول به مع بلدان الإتحاد الحاليين طبقا للإتفاقيات الثنائية التي دخلت حيز التطبيق منذ شهر يونيو 2002 والتي نصت على تحرير متدرج لهذه الضوابط وصولا إلى تحرير كامل في عام 2014. وترفض بروكسل بشدة هذه المقترحات السويسرية وترى فيها تمييزا غير مقبول بين أعضاء الإتحاد القدامى والجدد.

في الإنتظار

من جانبهم يسعى المفاوضون للخروج من المأزق القائم باقتراح حل شبيه بما تم التوصل إليه مع البلدان الأعضاء في “المجال الإقتصادي الأوروبي”. فقد حصلت كل من النرويج وإيسلندا وإمارة الليختنشتاين على بند حمائي يحفظ مصالحهم ويتيح لهم اتخاذ إجراءات آحادية الجانب لفترة انتقالية لوقف تدفق المهاجرين إلى أراضيهم.

لكن المفاوضين السويسريين يبدون قدرا كبيرا من الحذر في ما يتعلق بهذا الملف الدقيق ويؤكدون – في إشارة للصعوبات السياسية المرتقبة في برن – إلى أن الإتفاق “لن يدخل حيز التطبيق قبل شهر يونيو 2005” حسب قول ديتر غروسن.

لذلك فمن المرتقب أن تظل نتائج التفاوض على الملفات الحساسة في المفاوضات الثنائية بين سويسرا والإتحاد الأوروبي (وخاصة ما يرتبط منها بحرية تنقل الأشخاص ومعاهدتي شنغن ودبلن وجباية الإدخار) رهينة لتقييم البرلمان في تشكيلته الجديدة لها. وهو ما ينذر بسنوات عجاف لمسار التقارب بين برن وبروكسل.

كمال الضيف – سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية