مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مصر وإسرائيل .. مخاطر العلاقة الثلاثية

يوم 26 ديسمبر 2007، تركز اللقاء الذي جمع بين الرئيس المصري ووزير الدفاع الإسرائيلي في شرم الشيخ على مسألة الأنفاق بين مصر وقطاع غزة AFP

كثيرا ما شهدت العلاقات المصرية الإسرائيلية نوعا من التوتر السياسى، كان الجزء الأكبر منه متعلقا بتطورات الملف الفلسطينى المتعثر.

لكن الأسابيع القليلة الماضية كشفت عن ملمح جديد يرتبط ببنية التفاعلات بين البلدين ذاتها، وبطريقة إدارتها والآفاق الممكن تسويتها وتلك التى يتعذر مجرد الخوض فيها على الصعيد الإعلامى (!).

وإن كان لتسيبى ليفنى بصفتها وزيرة الخارجية الإسرائيلية الفضل فى البدء بتوجيه الانتقادات العلنية لأول مرة لما اعتبرته “أداء مصريا سيئا على الحدود مع قطاع غزة” كجزء من المزايدة السياسية التى يتبادلها السياسيون الإسرائيليون فيما بينهم، فقد جاء رد مصر عاليا وبقدر من الحدة، جسدته كلمات الرئيس مبارك بأن ليفنى قد تجاوزت الخطوط الحمراء، مع دعوة ليفنى للتركيز على المفاوضات مع الفلسطينيين بدلا من الخوض فى أمور لا تفهمها وليست من اختصاصها.

وبعيدا عن هذه الحدة ، فقد كشفت المسألة برمتها عن أمور كثيرة تجرى تحت السطح لم يحن الأوان للكشف عنها، كما قال بذلك مبارك فى حديثه لجريدة يديعوت أحرونوت المنشور فى 28 ديسمبر الماضى، وحتى لا ينفجر الموقف فى إسرائيل حسب وصفه.

أمور يصعب كشفها حاليا

ولكن يفهم أن هذه الأمور تتعلق بجهود مصرية بالتنسيق مع جهات إسرائيلية للإفراج عن الجندى الإسرائيلي الأسير لدى حركات إسلامية فى غزة ولكن جهات إسرائيلية تعطل حلا ممكنا بالفعل منذ فترة، ومعلومات موثقة تتعلق بطرق تهريب السلاح إلى القطاع عبر البحر ويتورط فيها إسرائيليون ربما من الكبار جدا وإن قيلت هذه المعلومات فسوف ينفجر الموقف فى إسرائيل، وعن عمليات تهريب تجرى عبر الأنفاق يتورط فيها إسرائيليون أيضا وتراها مصر مصدر ضرر بالغ بأمنها واقتصادها.

ويمكن أن نفهم هذه الإشارات باعتبارها تهديدات مبطنة وموجهة إلى دوائر نافذة فى تل أبيب، وان مصر لديها الكثير مما يمكن أن يعيد خلط الأوراق داخل إسرائيل، وأنها لن تتوانى عن ذلك فى اللحظة المناسبة، وكنوع من الاضطرار، إن لم يفهم الطرف الآخر الرسالة.

القضية القديمة

قضية ضبط الحدود المصرية مع قطاع غزة ليست قضية جديدة فى حد ذاتها، إذ تعود إلى ما قبل الانسحاب الاسرائيلى المنفرد من قطاع غزة قبل حوالى العامين إبان عهد رئيس الوزراء السابق شارون، ولكنها زادت حدة بعد سيطرة حركة حماس منفردة على القطاع قبل ستة أشهر مضت.

وعلى عكس ما يروج له الإسرائيليون من ان الانفاق تهدد أمن إسرائيل وحسب ويتغاضى عنها المصريون لدعم حماس، فإن الموقف الرسمى المصرى يرى فى الأنفاق تهديدا للأمن والاقتصاد المصرى على السواء، وربما بدرجة أكبر مما تشكله من تهديد لإسرائيل نفسها.

فعبر هذه الأنفاق التى يتورط فيها إسرائيليون يدخل إلى مصر مواد كيماوية ومبيدات وبذور زراعية غير مأمونة وثبت ضررها البالغ على الزراعة المصرية، كما يتم عبرها تهريب المخدرات والبشر والأسلحة التى قد تصل إلى مجموعات إرهابية متطرفة تؤثر على الأمن فى سيناء ككل. وهو ما دعا مصر مرارا إلى الطلب من إسرائيل إعادة التفاوض بشأن زيادة عدد القوات المصرية، ولكن دون جدوى.

وكما يقول المصريون فإن الإنفاق لها جانبان، أحدهما فى الأرض المصرية والآخر فى الداخل الاسرائيلى أو فى غزة، وأن مصر ليست مسؤولة عما يجرى فى الجانب الآخر من حدودها، وأن مسؤوليتها هى فى الحفاظ على أمنها وليس أمن الآخرين.

عبور الحجاج

مشكلة ضبط الحدود هذه المرة جاءت مصاحبة لقرار مصر بالسماح للحجاج الفلسطينيين بالعبور من معبر رفح مباشرة ودون المرور على الرقابة الإسرائيلية، فيما اعتبرته إسرائيل دليلا على التنسيق بين مصر وحماس، وضربا بطريقة غير مباشرة لسلطة الرئيس الفلسطينى محمود عباس، ومساعدة لكوادر فتح بالمرور من المنفذ ومعهم أسلحة وأموال.

وهو ما استخفت به الدوائر المصرية لسببين، الأول انها لا تستطيع ان تمنع الحجاج الفلسطينيين من تأدية فريضة دينية، كما أنها لا تثق فى الاتهامات الاسرائيلية بأن الحجاج الفلسطينيين يحملون معهم ممنوعات أو أسلحة، كما ترفض المقولات الإسرائيلية غير المنطقية من أن بعض الحجاج الفلسطينيين استغلوا الفرصة “للتدريب على الإرهاب فى طهران”.

وثانيا أنها حاولت ان يكون المرور إلى غزة بالتنسيق مع السلطة وإسرائيل نفسها التى رفضت الرد على المطالب المصرية، فما كان سوى طريق واحد وهو مرور الحجاج عبر منفذ رفح منعا لأية تداعيات إنسانية لا داعى لها.

التطور الأخطر .. ابتزاز مصر

وإذا كان الجدل حول ضبط الحدود والقضاء على خطر الأنفاق مستمرا منذ أكثر من عامين، فإن التطور الأخطر تمثل فى تعمد إسرائيل توظيفها فى توتير العلاقة بين مصر والولايات المتحدة، وفى ابتزاز القاهرة، وفى دفع الكونجرس إلى اتخاذ موقف مناهض لمصر عند إقراره قانون المساعدات الخارجية، وذلك عبر تقديم أحد الأفلام تصور نوعا من التعاون بين ما قيل إنهم جنود مصريون ومهربون فلسطينيين على الحدود بين مصر وغزة. وهو ما نفته مصر رسميا واعتبرته شريطا “مفبركا” ، وانه نوع من الدعاية السوداء التى تورطت فيها إسرائيل لتأليب الكونجرس الأمريكى على مصر دون مبرر.

تمثل قرار الكونجرس فى حجب 100 مليون دولار من إجمالى المساعدات المقدمة لمصر، وربط إعادة صرفها باتخاذ مصر عدة خطوات من أجل تحسين عملية ضبط الحدود بين سيناء وغزة، وان تشهد على ذلك وزيرة الخارجية الأمريكية. وهو ما رفضته مصر على مستويين، الأول أنها لا تقبل أبدا أى مساعدات مشروطة، والثانى أنها حملت إسرائيل مسؤولية هذا التطور الخطير.

وأيا كان الجهد المصرى الذى بُذل لدى الإدارة الأمريكية والكونجرس لرفع هذا الحجب، وأيا كان حجم الدور الذى لعبته وزارة الخارجية الإسرائيلية فى تحفيز الكونجرس على اتخاذ موقف عدائى ضد مصر، فقد تأكدت خطورة المعادلة الثلاثية التى تحكم العلاقة المصرية الأمريكية الإسرائيلية، والتى تعود إلى الالتزامات المتبادلة بين الأطراف الثلاثة منذ توقيع اتفاقية المصرية الإسرائيلية فى مارس 1979.

يذكر هنا أن الموقف النهائى استقر على أن تقوم وزيرة الخارجية الأمريكية بعد 45 يوما من إقرار الرئيس بوش قانون المساعدات الخارجية فى 26 ديسمبر 2007، بالطلب من الكونجرس برفع الحجب نهائيا، وهو ما وافق عليه الكونجرس مبدئيا، دون أن يكون ذلك مرتبطا بإجراءات محددة تقوم بها على الحدود مع قطاع غزة.

رغم النفى .. دور إسرائيلى مباشر

صحيح هنا ان إسرائيل حاولت ان تنفى أية مسؤولية عن قرار الكونجرس المتعلق بالمساعدات لمصر، وأن تنكر أى صلة رسمية بالفيلم المزعوم، لكن وزير الدفاع الإسرائيلي باراك بعد لقائه مع الرئيس مبارك نهاية العام الماضى، وإن نفى أية مبادرة من جانب حكومته للتأثير على الكونجرس، فقد أشار إلى أن بلاده لا تستطيع أن لا تستجيب إن طلب منها الأصدقاء الأمريكيون أية معلومات بشأن أمر ما. فيما فهم انه تعبير على تقديم الفيلم المزعوم نتيجة طلب من الكونحرس نفسه، و ليس بمبادرة إٍسرائيلية ذاتية. وهو ما عنى بالفعل وجود دور إسرائيلى مباشر فى قرار الكونجرس.

من ثلاثية إلى ثنائية

والحق أن مصر عملت على التخلص من هذه الصيغة الثلاثية منذ فترة طويلة، وأن تؤكد على أن علاقتها مع الولايات المتحدة تقوم وفق صيغة ثنائية بين قوتين، إحداهما كونية، والأخرى إقليمية ذات دور مؤثر فى محيطها، وأن طابعها الثلاثى قد تم تجاوزه منذ أن ثبت حرص البلدين ـ مصر و إسٍرائيل ـ على الالتزام الكامل بما هو وارد فى المعاهدة الثنائية بينهما.

وبالتالى فإن موضوع المساعدات الأمريكية الاقتصادية والعسكرية مرتبط أساسا بالتوافق الاستراتيجي بين البلدين وليس لإسرائيل أى يد فى ذلك. لكن هذا المنطق ليس سائدا بما يكفى لدى دوائر نافذة بالكونجرس الأمريكي.

لقد كشفت الأزمة الأخيرة عن ان مساعى مصر وإن وجدت صدى مناسبا ومنذ فترة لدى وزارة الدفاع الأمريكية بالدرجة الأولى، والتى سعت رسميا لدى الكونجرس لرفع الحجب عن المائة مليون دولار فى مساعدات العام 2008، وكذلك لدى وزارة الخارجية التى دعت الكونجرس إلى رفع الحجب، فإن الجانب الآخر للصورة كشف أن نفوذ مصر لدى الكونجرس ليس قويا بما يكفى، وفى المقابل فإن نفوذ إٍسرائيل هو الأقوى نسبيا ولاعتبارات عديدة ذات صلة بقوة اللوبى الإسرائيلي والصهيونى بوجه عام فى السياسة الأمريكية.

ولذلك يظل التحدى قائما حول الطريقة التى يجب أن تسلكها مصر فى تعديل اتجاهات الكونجرس لكى تكون اكثر إيجابية مما هى عليه الآن.

د. حسن أبوطالب – القاهرة

الاسماعيلية (مصر) (رويترز) – قالت مصادر أمنية يوم الاثنين 14 يناير إن قوات الشرطة المصرية عثرت على نفق يستخدم في التهريب بمنطقة الحدود مع قطاع غزة وضبطت متفجرات بداخله.

وقالت المصادر إن النفق الذي عُـثـر عليه الى الشمال من معبر رفح الحدودي تحت الحدود الدولية كانت به أربع قذائف مدفعية و20 قنبلة ودوائر كهربائية.

وأضافت أن الشرطة التي لم تلق القبض على أحد له صلة بالحادث حاصرت النفق استعدادا لسده.

والعلاقات المصرية الاسرائيلية متوترة على نحو خاص منذ أن قالت اسرائيل في ديسمبر كانون الاول انها بعثت بشريط فيديو الى واشنطن يقول مسؤولون اسرائيليون انه يصور رجال أمن مصريين يساعدون أعضاء في حركة حماس على تهريب أسلحة الى قطاع غزة.

وعلاوة على ذلك قالت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني الشهر الماضي ان أداء مصر “ردئ” في مجال محاولة وقف تهريب السلاح الى قطاع غزة عبر شبه جزيرة سيناء وان ذلك قد تكون له تبعات اقليمية.

واتهمت مصر اسرائيل بتلفيق الشريط لتوريط رجال أمن مصريين في تهريب السلاح وتشجيع الجماعات الموالية لاسرائيل في الولايات المتحدة على الضغط على أعضاء الكونجرس الامريكي للاضرار بالمصالح المصرية.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 14 يناير 2008)

القاهرة (رويترز) – لم تعبر أحزاب أو جماعات أو صحف في مصر عن أي ارتياح لزيارة الرئيس الامريكي جورج بوش الذي سيلتقي مع الرئيس حسني مبارك يوم الاربعاء 16 يناير في منتجع شرم الشيخ الذي يقع على البحر الاحمر.

وقال رئيس تحرير صحيفة الجمهورية التي تتبنى وجهات نظر الحكومة محمد علي ابراهيم انه تعامل “ببرود شديد مع جولة الرئيس الامريكي في المنطقة”. وأضاف في مقال نشر يوم الاحد 13 يناير أن بوش لم يتخذ أي قرار لمصلحة العرب أو المسلمين منذ بدء رئاسته عام 2001 وعلل ذلك بأن بوش “يهودي الهوى والعقل والسياسة.”

ولا يؤيد معظم المصريين السياسة الامريكية التي يقولون انها موالية لاسرائيل. وأثارت الولايات المتحدة مزيدا من العداء بين المصريين بغزو العراق الذي أسفر عن مقتل واصابة مئات الالوف من العراقيين وتشريد بضعة ملايين اخرين.

وقالت جماعة الاخوان المسلمين كبرى جماعات المعارضة المصرية في بيان يوم السبت 12 يناير “نقول لبوش الابن الذي لا تقطر يداه من دمائنا فقط بل يخوض فيها خوضا لا مرحبا بك… نحن نعلم أنه ما من مكان حللتم فيه الا حل الخراب والدمار.”

وقال رئيس تحرير صحيفة الجمهورية “اننا في مصر لا نعول كثيرا علي أي نتائج من هذه الزيارة… بوش لن يكون في خلال زيارته القصيرة لشرم الشيخ أكثر من عابر سبيل.”

ومصر حليف مهم للولايات المتحدة في الشرق الاوسط منذ توقيع معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية عام 1979 وتحصل من واشنطن على نحو ملياري دولار مساعدات سنوية منذ ذلك التاريخ.

وأعلن الحزب العربي الديمقراطي الناصري عن تنظيم احتجاج على زيارة بوش يوم الثلاثاء 15 يناير في وسط القاهرة. وقال في بيان ان مقره سيشهد يوم الاثنين 14 يناير مؤتمرا صحفيا يشارك فيه “رؤساء وممثلو الاحزاب والنقابات والحركات الشعبية وكافة القوى الوطنية المصرية وسيتم الاعلان في المؤتمر عن بيان مشترك برفض الاحزاب والقوى الوطنية لزيارة الرئيس الامريكي جورج بوش لمصر والمنطقة العربية.”

ويشعر مصريون كثيرون بالقلق تجاه احتمال تصعيد الخلاف بين الولايات المتحدة وايران حول البرنامج النووي لطهران الى مواجهة مسلحة. ويريد الزعماء العرب في منطقة الخليج كبح جماح البرنامج النووي لجارتهم الشيعية لكن دون اللجوء الى الحرب. ويخشون من أن هجوما أمريكيا على ايران القريبة سيقوض الاستقرار في الخليج وهي منطقة مهمة لامدادات النفط العالمية.

وقالت لجنة الحريات في نقابة الصحفيين المصريين انها ستنظم احتجاجا أمام مبنى النقابة يوم الاثنين 14 يناير احتجاجا على السياسات الامريكية. وقالت لجنة الحريات في نقابة المحامين “اذا كانت الضرورات الدبلوماسية ألزمت الحكومة المصرية بهذه الزيارة فان الشعب كله بكامل فصائله وأطيافه يرفض هذه الزيارة”. وقالت اللجنة إنها ستنظم احتجاجا أمام مبنى النقابة يوم الاربعاء 16 يناير.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 13 يناير 2008)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية