مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“مقدمة” لحروب القرن الجديد

مجموعة من الضباط الأمريكيين يتابعون سير تنفيذ مناورة "رؤية من الداخل" في قاعدة السيلية القطرية Keystone

فيما يتواصل التمرين العسكري الأمريكي "رؤية من الداخل" في قاعدة السيلية في قطر وسط تكتم شديد، سمح لعدد من الصحفيين بمتابعة بعض فعاليات المناورات الألكترونية.

ويبدو أن الرغبة في إضفاء قدر من “الشفافية” الإعلامية على أنشطة القوات الأمريكية في قطر هي الدافع الرئيسي وراء تمكين وسائل الإعلام من دخول القاعدة.

دخل التمرين العسكري الأمريكي في قطر “نظرة من الداخل” أسبوعه الثاني وسط تكتم بالغ على تفاصيله… ورغم أن القيادة المركزية الأمريكية، التي يشترك ألف من قواتها في التمرين، قد نظمت يوما إعلاميا تمكن خلاله الصحفيون من دخول قاعدة “السيلية” التي يجري فيها التمرين، فان التعليمات كانت صارمة منذ البداية بضرورة التقيد بالبرنامج الذي وضعته إدارة العلاقات العامة للقيادة لأن مجرد الخروج عنه سوف يؤدي إلى إنهاء الزيارة فورا – حسب قول العقيد روبنسون – الذي وجه التحذير للصحفيين وهم في طريقهم الى القاعدة.

لذلك حرم الانضباط وخط السير المحدد في “أماكن عامة” داخل القاعدة الصحفيين من الحصول على مزيد من المعلومات غير تلك التي يسمح بها القائمون على التمرين.. إلا أن ما تسرّب من أخبار “نظرة من الداخل” إلى خارج القاعات المغلقة يؤشر جميعه إلى أن الذي يحدث أمر استثنائي بكل المعايير ..

ليس فقط لان عضو مجلس الشيوخ الأمريكي بايدن قال إن ما شاهده أثناء زيارته للقاعدة هو : “درجة لم يرها في حياته من التنسيق” وليس لأنه أردف قائلا بإعجاب إن “أي شخص امتدح حرب عاصفة الصحراء، فهو، لا يعرف شيئا عندما يقارن ذلك بما يحدث الآن”! بل لمجموعة اعتبارات أخرى.

أولها أن تمرين “نظرة من الداخل” هو الأول من نوعه الذي تُـجريه القيادة المركزية الأمريكية خارج أراضيها، فضلا عن طبيعته الإلكترونية في ظل تصاعد الحديث حول “الحروب الحديثة” التي قد تشـكّـل نقلة نوعية في تاريخ الحرب وثانيها زمان ومكان التمرين اللذان يقتربان جدا من أسخن ملفين دوليين في الوقت الراهن: “الحرب على الإرهاب” والحرب المحتملة على العراق.

قاعدة فرعية

فغير بعيد عن مدينة الدوحة بأكثر من خمسة عشر كيلومترا، توجد الآن في قلب الخليج قاعدة فرعية دائمة للقيادة المركزية الأمريكية توازي في الكفاءة والمهام القاعدة المركزية لرجال الجنرال تومي فرنكس في تامبا- فلوريدا، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة في تاريخ الجيش الامريكي..

وفي بعض المستودعات الضخمة المبثوثة على طول القاعدة وعرضها توجد آلاف من أجهزة الحاسوب بالغة التطور التي يجري عليها التمرين آناء الليل وأطراف النهار بدون توقف منذ اكثر من اسبوع..

ويقول الناطق باسم القيادة المركزية “إن التمرين بدأ باستقبال إشارة عن وجود موقف متأزم في مكان ما بدون تحديده، سرعان ما يتم الخوض فيه عبر مراحل إلكترونية معقدة ومحددة، تبدأ بتجميع المعلومات الاستخبارية من كل أنحاء العالم عن طريق الحواسيب، ثم تقوم تلك الحواسيب ذاتها بتحليل سريع للمعلومات وتفرز خططا وسيناريوهات، يجتمع الجنرال فرانكس بمساعديه عدة مرات في اليوم لانتقاء أفضلها لمجابهة الموقف” ..

حروب جديدة

وعندما ينتهي الشرح النظري للناطق باسم القيادة، تبدأ التحليلات الإعلامية وسواها، وتنطلق من فرضية أن العدو الافتراضي الذي يدور حوله التمرين لابد أن يكون العراق إلا أن القائمين على التمرين لا يخصون العراق بالذكر ولا يستبعدونه أيضا ..

وتدرك تلك التخمينات مداها الأقصى وهي تشير إلى أن التدريب قد يكون جاريا على نوع جديدة من الحرب بأسلحة “غير قاتلة”، ويستذكر المراقبون هنا ما تسرب إلى الإعلام الغربي من تقارير عن استعجال الإدارة الأمريكية لتجارب على أسلحة الشلل العصبي والعضوي والتشويش الإلكتروني وسواها مما ورد في قائمة طويلة نشرتها مؤخرا صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية، مما اصبح يوصف بأسلحة حرب القرن الواحد والعشرين والتي تعتمد في جوانب عديدة منها على التكنولوجيا المتطورة التي عمل الجيش الأمريكي على إقحامها في عمله طيلة العقد الماضي…

لذلك أصاخ الصحفيون السمع إلى القائد العام للقوات الأمريكية تومي فرانكس الأسبوع الماضي في الدوحة وهو يقول: “إن الاتفاق الجديد الذي وقعته كل من قطر والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص قاعدة العيديد يتضمن إدخال التكنولوجيا المتطورة إلى القاعدة” …

في المقابل، لا أحد يبدو مستعدا للدخول في التفاصيل التقنية ..لكن ذلك لا يزيد التوجسات سوى جدية حتى وإن حاول وزير الدفاع الأمريكي في الدوحة التقليل من حدة التهديد تجاه العراق مقابل مضاعفة الوعيد للإرهاب.

فيصل البعطوط – الدوحة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية