مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 مُسلسل شُروط بروكسل لا يتوقف!

الاتحاد الأوربي لا يقبل ضمانات الدولة التي تستفيد منها المصارف المحلية في معظم الكانتونات السويسرية Keystone

يبدُو أن الجولةَ الثانية من المُفاوضات بين سويسرا والاتحاد الأوربي ستضع حدا للضمانات التي تقدمها مُعظم الكانتونات السويسرية للبنوك المحلية، حيث ترى بروكسل أن مُساعدات الدًّولة تخل بالمُنافسة في المجال المصرفي.

هل ستتمكنُ المصارفُ المحلية في مُعظم الكانتونات السويسرية من مواصلة نشاطاتها إن حُرمت من الضمانات التي تُقدمها لها الدولة؟ الإجابةُ بنعم ستعني تقديمَ سويسرا لتنازل هام من أجل إرضاء الاتحاد الأوربي والتمكن من إبرام رُزمة الاتفاقيات الثنائية الثانية التي يتفاوض بشأنها الجانبان والتي لا تبدو يسيرةً على الإطلاق.

فبالإضافة إلى الخلاف بين برن وبروكسل حول ملفي السرية المصرفية المعمول بها في الكنفدرالية وجباية مدخرات مواطني بلدان الاتحاد الأوربي في البنوك والمؤسسات السويسرية، تطفو على السطح مسألة الضمان الذي تقدمه مُعظم الكانتونات لمصرفها المحلي.

وتُساهم هذه المصارف المحلية التي يبلغ عددها 24 في تنفيذ السياسة المالية للكانتونات فضلا عن دورها التنموي على الصعيد المحلي. وتُعتبر هذه البنوك التي يعود تاريخ أعرقها إلى عام 1816 من أبرز المُشغلين في الكنفدرالية حيث لا يقل عدد العاملين فيها عن 17000 شخص.

 الكانتونات مُتمسكة بموقفها

وقد أثار الحديثُ عن حرمان هذه المصارف من الضمانات التي تتلقاها من الكانتونات استياء في أوساط المسؤولين في عدد من البنوك المحلية. وعلى الرغم من أن ضمان الدولة لا يُعد معيارا للمصارف المحلية في القانون الفدرالي الجديد للبنوك إلا أنه يشكل، على المُستوى النفسي، ورقة رابحة للمصارف المحلية كما يؤكد مدير كتابة اتحاد مصارف الكانتونات السويسرية كارلو مارتي.

فهل الكانتونات على استعداد للاستسلام لضغط الاتحاد الأوربي الذي يريد من سويسرا الانصياع لقوانينه الخاصة بالمُنافسة؟ “لا”، هي الإجابة التي جاءت على لسان بعض ممثلي الكانتونات مثل السيد جيل دو ريدماتن من قسم الشؤون القانونية في وزارة المالية لكانتون فالي الذي ذكَّر أن ملف ضمانات الدولة المُقدمة للمصرف المحلي كان موضع نقاش جديد في فبراير من عام 2001 وأن الحكومة المحلية أكدت الإبقاء على هذه الضمانات.

نفسُ الموقف عبر عنهُ السيد روبير شيندلر أحد المسؤولين عن الشؤون المالية لكانتون نوشاتيل. وقال السيد شيندلر إن حكومة دويلة نوشاتيل ناقشت مُطولا ملف ضمانات الدولة عام 1998 وأبقت على نفس السياسة في هذا المجال.

وأثار المسؤول الانتباه إلى نقطة هامة بحيث أشار إلى أن الأزمات التي مر بها المصرفان المحليان في جنيف وفو أوضحت أن كافة البنوك المحلية، سواء المستفيدة أو غير المستفيدة من ضمان الكانتون تتلقى مساعدات الدولة في ساعة الشدة. وكان هذا أيضا رد مدير البنك المحلي لكانتون فريبورغ السيد البير ميشيل.

 الاتحاد الاوربي يريد فرض قوانينه

فلماذا هذا التردد في الاستغناء عن ضمانات الدولة إن كانت هذه الأخيرة ستهرع لنجدة المصارف المحلية في كل الأحوال؟ مديرُ كتابة اتحاد مصارف الكانتونات السويسرية كارلو مارتي يجيب بالقول: “إن التغيير في حد ذاته هو الذي يطرح المُشكلة. وبالفعل يمكننا التساؤل عن ردة فعل السكان أمام إلغاء ضمانات الدولة، حتى إن كان من الخطأ تماما اعتبار هذه الضمانات، الأساس الوحيد لنجاح المصارف المحلية”.

وان كانت ضمانات الدولة تُمثل نوعا من الدعم النفسي للمصارف المحلية، فإنها تخل بالمنافسة في القطاع المصرفي من منظور بروكسل التي تريد من سويسرا تعديل قوانينها كي تتماشى مع تشريعات دول الاتحاد الأوربي. وكان الجانبان قد تعهدا بعد إبرام رزمة الاتفاقيات الثنائية السبع الأولى، بالبدء في مُحادثات حول تحرير عام لتوفير الخدمات.

ووفقا لاتفاقيات منظمة “الغات” السابقة، ومنظمة التجارة العالمية حاليا حول توفير الخدمات، لا يمكن تطبيق اتفاق توفير الخدمات بين سويسرا والاتحاد الأوربي في بعض القطاعات دون غيرها. من جهة أخرى، ينوي الاتحاد الأوربي فرض قوانينه الخاصة على برن بمعنى أن تحرير مجال توفير الخدمات يجب أن ينبني على “أساس المكتسبات الاتحادية”، أي القوانين والأحكام القضائية المعمول بها في الاتحاد الأوربي.

وفي هذا السياق، يعتقد المحامي جون روسوتو المتخصص في الخدمات المالية والعلاقات بين الاتحاد الأوربي والكنفدرالية انه سيتعين على سويسرا تعديل بعض قوانينها مثل البند 708 من قانون الالتزامات الذي يفرض على الشركات الخفية الاسم تعيين أغلبية من الأعضاء السويسريين في مجلس إدارتها. وهو إجراء يدخل في إطار التمييز من منظور الاتحاد الأوربي الذي يضغط على سويسرا كي تتبنى القانون الأوربي حول المنافسة.

ويرتكز هذا القانون على ثلاثة أعمدة أساسية تفصل في التوافق وانتهاكات الجهة المُسيطرة وفي التجمعات الاقتصادية ومساعدات الدولة. ولا تحظر الاتفاقيات الأوربية مشاركة الدولة أو جهاز عام في امتلاك أسهم مصرف معين لكنها تمنع أي مساعدات من الدولة مباشرة أو غير مباشرة وخاصة تلك المقدمة في شكل ضمانات من شأنها الإخلال بمبدأ المنافسة حسب بروكسل.

سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية