مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

يوم عظيم في تاريخ سويسرا

Keystone

شكلت القمة التي عقدت اليوم الأربعاء 19 مايو في بروكسل حدثاً هاماً بكل المقاييس، جاء بعد رحلة شاقة من المفاوضات الثنائية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي.

كان الهدف من القمة إعلان الموافقة الرسمية للجانبين على الحزمة الثانية من المعاهدات الثنائية بينهما، لكن الغموض لازال يحيط بمصير اتفاقيتين تتعلقان بملفي التعاون الأمني والضرائب.

حان وقت قطف الثمار، والاحتفاء بذلك أيضاً. هذا هو لسان حال الجانبين السويسري والأوروبي بعد رحلة شاقة من المفاوضات المضنية بينهما، تسببت أحياناً في توتر العلاقات بينهما بشكل محسوس في بعض الفترات.

أهمية قمة اليوم التي عقدت في الحادية عشرة صباحاً في مقر المفوضية الأممية في بروكسل تبدت جلية في تشكيلة الوفد السويسري، الذي ضم رئيس الكنفدرالية جوزيف دايس، ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي – راي، ووزير المالية هانز رودولف ميرتس.

على الطرف الأخر، مثل الجانب الأوروبي في هذه القمة نائبة رئيس الوزراء الأيرلندي ماري هارني التي تترأس بلادها الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، ورئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي، إضافة إلى المفوض الأوروبي للشؤون الخارجية كريس باتن.

لقاء اليوم كان قصيراً، فهو لم يزد عن ساعة واحد، عمد فيها الجانبان إلى إعلان موافقتهما الرسمية على الحزمة الثانية من المعاهدات الثنائية من خلال التوقيع على وثيقة من سبع صفحات.

وقد صرح السيد برودي بهذه المناسبة بالقول: “لقد دخلنا إلى مرحلة جديدة في علاقاتنا الثنائية”. على حين أعتبر السيد دايس يوم 19 مايو “يوماً عظيماً بالنسبة للعلاقات الثنائية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي”.

وكان الجانبان قد توصلا إلى حل وسط بالنسبة لهذه الحزمة في 13 مايو الماضي، بعد أن وافقت بروكسل على ضمان السرية المصرفية السويسرية في مقابل تعاون برن في ملف الضرائب على مدخرات مواطني الاتحاد الأوروبي غير المقيمين في البنوك السويسرية.

بين الشد والجذب..

على عكس الحزمة الأولى من المعاهدات الثنائية، والتي تواصلت على مدى سبع سنوات، لم تستغرق المرحلة الثانية من المفاوضات سوى عامين فقط، لكنها تميزت بالرغم من ذلك بقدر كبير من التشاحن والتجاذب.

أما مسك الختام بحق فسوف يتمثل في التوقيع الفعلي على الاتفاقيات التسع التي توصل إليها الجانبان، والتي تشمل ملفات عديدة يقف على رأسها التعاون في مجال الأمن واللجوء، ومحاربة التهريب الدولي وغيرها من أشكال التحايل الجمركي.

ومن المتوقع أن يحدث ذلك في الخريف المقبل بعد الانتهاء من بعض اللمسات الأخيرة الضرورية.

لكن بعض المسؤولين قالوا إن المسألة قد تستغرق وقتاً أطول لا سيما وأن الاتفاقيات سُتترجم إلى كل لغات دول الاتحاد الأوروبي، التي أزداد عددها بعد انضمام 10 دول جديدة إليها في الفاتح من مايو الماضي.

وسيكون على المجلس الأوروبي – الذي يمثل الحكومات الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد – أن يعطي الضوء الأخضر الأخير لتمرير الحزمة. حينها ستدخل الاتفاقيات حيز التنفيذ فوراً، وبالنسبة للاتحاد الأوروبي على الأقل فإن المسألة ستكون آنذاك قد حسمت.

رغم ذلك، فإن هناك بعض القضايا لازالت عالقة، ويمكن أن تهدد نجاح هذه الخطوة العملاقة في تاريخ العلاقات الثنائية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي.

بعض القضايا لازالت عالقة .. أوربيا!

على الجانب الأوروبي، لازال على بروكسل إنهاء مفاوضاتها مع بعض الدول الخارجية، خاصة مع بعض المناطق المتصلة بها كجزر جيرسي وجورنيسي والكاريبيان.

وعلى حين من المعروف أن هذه المفاوضات تجري على قدم وساق، إلا أنه لا يمكن استبعاد حدوث بعض المشاكل في اللحظات الأخيرة. وفيما حددت بروكسل يوم 30 يونيو كموعد لتبني تلك الحزمة، سوف يلتقي وزراء الدول الأعضاء في الاتحاد يوم 2 يونيو المقبل للموافقة على إعلانين إضافيين، يتعلقان باتفاق الحل الوسط الذي توصلت إليه بروكسل مع برن.

ينص الإعلان الأول على منح دولة لوكسمبورغ نفس الحقوق التي تحوز عليها سويسرا في مجال السرية المصرفية. أما الإعلان الثاني الذي اقترحته خمس دول هي فرنسا، هولندا، إيطاليا، السويد، وأسبانيا – فيهدف إلى تذكير الدول الأعضاء بأن القرار الخاص بالضريبة على مدخرات الأوروبيين يتعلق أساساً بمبدأ تبادل المعلومات بهدف محاربة التهرب الضريبي.

وفي كل الأحوال، فإن التوقيع على الحزمة الثانية من المعاهدات الثنائية سيعني عملياً أن سويسرا نجحت في حماية السر المصرفي (وخاصة فيما يتعلق بالضرائب المباشرة)، وهو الذي اعتبرته طوال رحلة الشد والجذب حقاً مقدسا لا يمكن التفاوض عليه أو المساس منه.

كما أنها أصرت على أن أي تعاون في مجال تبادل المعلومات والشؤون الأمنية، قد يؤدي إلى المس بالسر المصرفي، يجب أن تتم الموافقة عليه أولا من قبل لجنة مشتركة من الجانبين.

.. وأخرى على الجانب السويسري!

على الجانب السويسري لازالت بعض الأمور عالقة هي الأخرى. فبالرغم من الأهمية الرمزية لقمة الأربعاء إلا أن الاتفاقيات يجب أن تعرض على البرلمان للتصديق عليها، وحتى في هذه الحالة فإن نظام الديمقراطية المباشرة المطبق في الكنفدرالية قد يمثل عائقاً أمام عبور الحزمة الثانية من الاتفاقيات إلى شاطئ الأمان.

ومما يزيد من غموض الموقف تهديد حزب الشعب السويسري اليميني بالدعوة إلى استفتاء شعبي عام حول تلك الحزمة، وبالتحديد على الاتفاقية الخاصة بانضمام سويسرا إلى مجموعة شنغن. ولهذا السبب، وافق الاتحاد الأوروبي على منح الكنفدرالية مهلة بعامين للبدء في تطبيق التشريعات التي نصت عليها الحزمة الثانية من المعاهدات الثنائية.

سويس إنفو

تشمل الملفات التسع المكونة للحزمة الثانية للاتفاقيات الثنائية:
التعاون في مجال الأمن واللجوء.
محاربة التهريب الدولي وغيرها من أشكال التحايل الجمركي.
الضرائب على مدخرات مواطني الاتحاد الأوروبي في البنوك السويسرية.
برامج التعليم والتدريب المهني.
العضوية في الوكالة الأوربية للبيئة.
الإعلام وإنتاج الأفلام، والتوزيع والتدريب.
التبادل التجاري الحر في مجال البضائع الزراعية المصنعة، كالشكوكالاته والبسكويت والمعكرونة.
استخدام الإحصائيات الأوروبية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية