مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

يو بي إس: بعد حلاوة العلاوات.. ستأتي مرارة “الخصومات”

Keystone

في خضم الجدل المتواصل منذ عدة أشهر حول نظام العلاوات لدى أكبر مصرف سويسري، يو بي إس، أعلن هذا الأخير يوم الإثنين 17 نوفمبر أنه سيعتمد نظام أجور جديد اعتبارا من 2009.

وبموجب هذا التغيير، لن يحصل رئيس مجلس الإدارة والإدارة العامة ليو بي إس على أية مكافأة في عام 2008. وابتداء من العام القادم، سيتلقى المدراء، فضلا عن مرتباتهم الثابتة، مكافآت متغيرة، نقدية أو في شكل أسهم.

ولن يُدفع جزء كبير من هذه الحوافز إلا إذا حقق المصرف نتائج جيدة. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلن يُمنح أي نوع من الإكراميات.

وأوضح المصرف أن هذا الإجراء الجديد سيكون بمثابة نقطة تحول حاسمة في ثقافة المؤسسة: فلن يُكافأ الإ الذين يحققون نتائج جيدة على مدى سنوات عدة دون تعريض المصرف لمخاطر طائشة.

وقد رفع يو بي إس النقاب عن سياسته الجديدة في هذا المجال قبل عشرة أيام من اجتماعه الاستثنائي المقرر عقده يوم 27 نوفمبر الجاري، والذي سيُخصص جزئيا لنموذج نظام المكافآت.

النظام الجديد، الذي وُضع بالتعاون مع اللجنـة الفدرالية للمصارف، وهي هيئة مراقبة القطاع المصرفي السويسري، يركز بشكل أكثر على تقييم الأداء على المدى الطويل وعلى خلق القيمة التجارية. ويتضمن نظام الحوافر الجديد ثلاثة تغييرات رئيسية:

أولا، ستُلغى “المكافأة المُتغيرة”، أو بعبارة أوضح “العلاوة”، بالنسبة لمنصب رئيس مجلس إدارة يو بي إس الذي يشغله حاليا بيتر كورر.

ثانيا، لن يحصل نفس رئيس مجلس الإدارة وأعضاء الإدارة العامة على أية مكافآت في عام 2008؛ وهي معلومات سبق الكشف عنها قبل أسبوعين من قبل صحف الأحد السويسرية الناطقة بالألمانية.

أخيرا، وفي خطوة جديدة، ستـُحدد المكافآت النقدية في المستقبل على أساس نظام “المكافآت والخصومات”؛ أي أن المصرف سيقلص قيمة العلاوة تبعا للنتائج السلبية للموظفين المعنيين.

“حدود غير كافية”

أما المكافآت المتغيرة لعام 2008، فـسـَيَقْدِم مجلس الإدارة على تحديد مستواها ومضمونها وإسنادها. وسوف تُقرَّرُ هذه العلاوات بعد عرض النتائج المالية للسنة الحالية وبالاتفاق مع اللجنة الفدرالية للمصارف.

ويوضح البيان الصادر عن يو بي إس يوم الإثنين في كل من زيورخ وبازل أن المصرف قرر إقامة حوار دائم مع اللجنة المذكورة بهدف إخضاع نموذج الأجور بصفة منتظمة للمراقبة، وبالتالي ضمان الامتثال للمعايير المنصوص عليها في إطار النشاط المصرفي.

من جانبها، رحبت المؤسسة السويسرية للتنمية المُستدامة “إيتوس” التي تضم في صفوفها مجموعة من صناديق المعاشات التقاعدية، بقبول يو بي إس إقامة تصويت استشاري حول مبادئ سياسة الأجور والمكافآت.

كما أشادت المؤسسة بوضع نظام “مكافآت-خصومات” يُحتسب على مدى عدة سنوات. في المقابل، أعربت “إيتوس” عن أسفهما لكون النظام الجديد الذي قدمه مصرف يو بي إس يوم الإثنين لا يضع أية حدود فيما يتعلق بالجزء المتغير من المكافآت.

رؤساء المصارف موضع تساؤل

ويذكر أن الإدارة العامة ليو بي إس – التي تضم 12 عضوا وتعمل تحت مسؤولية مارسيل روهنير – كانت قد تلقت العام الماضي مبلغا إجماليا من العلاوات بقيمة 74 مليون فرنك، وذلك رغم تسجيل البنك لخسارة صافية ناهزت 4,4 مليار فرنك.

وهي وضعية لا يمكن تصورها اليوم، بعد أن قررت الحكومة الفدرالية والبنك الوطني السويسري واللجنة الفدرالية للمصارف يوم 16 أكتوبر الماضي التحرك لإنقاذ يو بي إس من خلال توفير 60 مليار فرنك من الأموال العمومية ضمن مخطط للـ”الاستقرار المالي”.

لكن السلطات قرنت خطة الإنقاذ بالالتزام بـ “إعادة هيكلة نظام التعويضات الخاص بأعضاء مجلس الإدارة والإدارة” لأكبر مصرف سويسري.

وكان المدير العام السابق ليو بي إس، بيتر ووفلي، قد أعلن في بداية شهر نوفمبر الجاري تـنازله عن 12 مليون فرنك من أجره المتفق عليه في عقد عمله، موضحا أنه يعتبر هذه البادرة علامة تضامن إزاء المؤسسة التي هزتها الأزمة المالية العالمية. وتجدر الإشارة إلى أن يو بي إس يعتبر من أكثر البنوك الأوروبية تأثرا بأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة.

أما الرئيس السابق ليو بي إس، مارسيل أوسبيل، المـُتهم حاليا بأنه ترك المصرف يتورط في أزمة الرهن العقاري، فلم يتسلـّم في عام 2007 أية علاوة، بل “ذاب” راتبه بنسبة فاقت 90%.

خسارة أرصدة بقيمة تتجاوز 83 مليار فرنك

وقد شهد يو بي إس هذا العام سلسلة من الانتكاسات. فبالإضافة إلى انحفاض قيمة أصوله بنحو 47 مليار دولار جراء أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة، دخل المصرف في مشاحنات مع العدالة الأمريكية.

وأعلنت وزارة العدل ومصلحة الضرائب الأمريكيتين يوم الأربعاء الماضي، 12 نوفمبر، عن إدانة أحد المسؤولين القياديين في يو بي إس بسبب محاولته، رفقة بعض المسؤولين والحرفاء الآخرين للمصرف، الاحتيال على النظام الضريبي الأمريكي.

وبين شهري يوليو وسبتمبر الماضيين، سحب عملاء يو بي إس، الذي يواجه أسوأ أزمة ثقة في تاريخه، أرصدة فاقت قيمتها 83,6 مليار فرنك سويسري.

سويس انفو مع الوكالات

يوم الخميس 16 أكتوبر 2008، قررت الحكومة الفدرالية والبنك الوطني السويسري واللجنة الفدرالية للبنوك، تنفيذ جملة من الإجراءات لزيادة استقرار النظام المالي السويسري وتعزيز الثقة بشكل مستدام إزاء السوق المالية السويسرية. وشكل هذا التدخل القوي في القطاع الاقتصادي سابقة بالنسبة للدولة السويسرية.

نصت خطة الإنقاذ على تعزيز الكنفدرالية لقاعدة رأسمال اتحاد المصارف السويسرية “يو بي إس”، أكبر بنوك البلاد، من خلال الإسهام في قرض مُلزم التحويل بمبلغ 6 مليار فرنك. وقد تمت المصادقة على القرض الضروري من قبل لجنة الشؤون المالية في البرلمان الفدرالي. وفي نهاية المطاف، قد تمتلك الدولة 9,3% من أسهم يو بي إس.

يُقتطع المبلغ من أموال الكنفدرالية بدون التأثير على توازن صناديق الأموال الفدرالية. ويفترض أن يجلب القرض أكثر من 700 مليون فرنك سنويا للكنفدرالية بفضل معدل فائدة يستقر في 12,5%.

موازاة مع ذلك، تم إنشاء شركة مخصصة لشراء وإدارة الأصول السامة ليو بي إس. وستُمول الشركة، التي يوجد مقرها بأرخبيل كايمان، من طرف المصرف المذكور بمبلغ 6 مليار دولار (كحد أقصى)، وبقرض من البنك الوطني السويسري بقيمة 54 مليار دولار (كحد أقصى).

في حالة تسجيل خسائر، لن يُقيد يو بي إس بواجب السداد. وفي حالة تسجيل أرباح، سيذهب المليار الأول و50% من رأس المال المتبقي (المحتمل) إلى البنك الوطني السويسري، بينما ستذهب بقية الأموال إلى مصرف يو بي إس.

وقد كلفت الحكومة الفدرالية وزارة المالية أن تقدم لها خلال الدورة الشتوية لغرفتي البرلمان الفدرالي (مجلسي النواب والشيوخ) خطة تهدف إلى تعزيز فوري لحماية المودعين.

بالإضافة إلى ذلك، سيتعين على وزارة المالية أن تقدم للحكومة الفدرالية، حتى نهاية مارس 2009، مشروع تنقيح مُعمق لمجمل النظام المعتمد لضمان الودائع في المصارف السويسرية.

swissinfo.ch

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية