مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“إلى الأمام” .. حزب شارون الجديد

أرئيل شارون لدى الإعلان عن قراره الإنسحاب من الليكود وتأسيس حزب جديد في ندوة صحفية عقدها في مكتبه بالقدس يوم 21 نوفمبر 2005) swissinfo.ch

بقراره الإنسحاب من "الليكود" واعلانه تشكيل حزب وسط يميني جديد في إسرائيل يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون أحدث تغييرا جوهريا في اللعبة السياسية.

ولا يتردد خصوم وحلفاء شارون – على حد السواء – في وصف خطوته الجديدة بأنها “هـزة أرضية” ستؤدي برأي مراقبين إلى خلط لأوراق اللعبة السياسية في إسرائيل وتسديد ضربة قاصمة لليمين.

وبنظر كثير من المحللين والمراقبين في إسرائيل، فإن الحزب الجديد الذي يحمل اسم “كديما” أي “الى الأمام” يضيف جديدا الى الخارطة السياسية الإسرائيلية التي اقتصرت الى الآن على الحزبين الكبيرين “الليكود” (يمين)، و”العمل”(يسار).

ويرى هؤلاء أن اختيار “الى الأمام” اسما لحزب شارون الجديد يدلل على أهداف هذا الحزب ومهامه والتي حصرها شارون بمهمتين رئيسيتين أولاهما: ارساء الأسس للتسوية السلمية مع الفلسطينيين يتم بموجبها إقامة دولتين بحدود دائمة لا تتعدى حدود الدولة الفلسطينية فيها الـ 42% من مساحة الضفة الغربية الحالية. وثانيهما معالجة مشكلات إسرائيل الداخلية :الجريمة والفقر والعنف.

أما شعار الحزب الجديد فهو “شارون قوي للسلام” – كما يقول الصحافي الإسرائيلي آفي ساخاروف المراسل السياسي للإذاعة العامة العبرية، شعار يختصر التوجهات المستقبلية لشارون وحزبه. ويضيف: “من الواضح أن شارون سيخاطب جمهوره بشعارات السلام غير المألوفة سابقا في قاموس هذا الرجل، لكنه سيسعى من خلال هذا الشعارات الى تحقيق هدفه في جبهة داخلية قوية تحقق الرخاء والازدهار الإقتصادي اضافة الى الأمن”.

ويتوقع ساخاروف “ليكودا” أكثر تطرفا بعد انسحاب شارون منه بالنظر الى أن الزعيم الجديد لهذا الحزب (نتنياهو يبدو الأوفر حظا) سيتقرب أكثر من الدائرة الأكثر تطرفا سواء داخل هذا الحزب أو الأحزاب القومية المتطرفة الأخرى أمثال “اسرائيل بيتنا” و”الإتحاد القومي” ما يعني تآلفا غير مسبوق بين الليكود وهذه الأحزاب، منعا لتشظيات وانقسامات جديدة قد تنهي دورها على الساحة السياسية الإسرائيلية.

زلزال سياسي

وتشير أحدث استطلاعات الرأي في اسرائيل الى أن حزب “الليكود” أو ما تبقى منه سيخسر أكثر من 50% من قوته الحالية، مقابل فوز متوقع لحزب شارون بنحو يتراوح ما بين 27 -30 مقعدا وهو ما سيعد انجازا كبيرا لشارون الذي نجح في انتزاع 14 عضوا من “الليكود” من أصل 40، وانضمام حاييم رامون من قادة حزب “العمل” الى حزبه الجديد.

وتشير التوقعات غلى أن يحظى شارون بدعم اضافي آخر على المستوى الداخلي الحزبي عدا الدعم الخارجي الذي تلقاه سواء من الرئيس الأمريكي جورج بوش، وحتى من قبل الرئيس المصري محمد حسني مبارك اللذين باركا لشارون تأسيس الحزب الجديد وهنآه بهذه الخطوة..

ويرى نواف مصالحة النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي عن حزب “العمل” أن خطوة شارون ستعزز من سيطرة الحزب الجديد وحزب “العمل” على الحلبة السياسية في الدولة العبرية في حين سيتم تحييد الأحزاب الدينية واليمينية الأكثر تطرفا.

ويصف داني روبنشتاين المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية خطوة شارون بأنها “زلزال سياسي” وانقسام خطير في اليمين هو الأهم منذ العام 1967. ويضيف: “صحيح أن انقساما في اليمين حدث بعد الإنسحاب الأسرائيلي من سيناء لكن انقسام اليوم هو الأهم، وتداعياته هي الأخطر” حسب رأيه.

رسائل واضحة إلى الجميع

فلسطينيا، قوبلت خطوة شارون بالإنسلاخ عن “الليكود” وتأسيس حزب جديد بحذر شديد من قبل مسؤولي السلطة الوطنية كما ورد على لسان نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني الذي اعتبر التطورات الأخيرة في اسرائيل بأنها “شأن داخلي”، مضيفا: “سننتظر لنرى البرنامج السياسي للحكومة الأسرائيلية القادمة هل ستكون حكومة سلام، أم ستبقى تماطل وتتهرب من عملية السلام”.

هذا الحذر الفلسطيني رد عليه شارون بوضوح وصراحة حين أعلن أن حركته الجديدة التي أعلن عن تأسيسها ستخدم اسرائيل لسنوات قادمة. وقال: “سيوفر منهجنا الأمل لاسرائيل في تشكيل حكومة مستقرة، وفي تحقيق الرخاء والهدوء والسلام”. وأضاف: “رسالتي للفلسطينيين هو التمسك بالسلام العادل وبـ”خارطة الطريق” لكن عليكم أولا تفكيك منظماتكم الأرهابية”، على حد تعبيره.

ومع هذا الوضوح في خطاب شارون داخليا وخارجيا، يرى كثيرون في إسرائيل أن هذا الرجل يواصل تقدمه “الى الأمام” تماما كما تفعل “البلدوزر” –وهو مصطلح أطلقه ألأسرائيليون عليه- في اشارة الى انجازاته وانتصاراته وما عرف عنه من تصميم ليس في أرض المعركة فحسب – حيث قاد معظم انتصارات اسرائيل – بل وفي الحلبة الحزبية والسياسية حيث تغلب على كافة خصومه..

أما في ذاكرة الفلسطينيين فهو المسؤول عن كثير من المجازر أشهرها صبرا وشاتيلا في ضاحية بيروت، وهو من أخرج منظمة التحرير الفلسطينية وقواتها من لبنان، وهو أيضا من تسبب بانتفاضة الأقصى بدخوله المستفز للمسجد الأقصى عام 2000، بل إنه الزعيم الأسرائيلي الذي الغى اتفاقيات أوسلو دون أن يعلن عن ذلك صراحة .. لكنه أيضا هو من اتخذ قرارا بالأنسحاب من قطاع غزة وهو قرار ما كان ليتخذه أي زعيم اسرائيلي آخر.

محمد عبد ربه – القدس

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية