مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 عقبات امام استقرار سوق الألبان

لعبت صناعة الألبان ومشتقاتها دورا رئيسيا في دعم الاقتصاد السويسري على مدى عقود طويلة Keystone

قطع وزير الاقتصاد السويسري عطلته الصيفية وتوجه يوم الأربعاء إلى مقر الحكومة ليعقد مؤتمرا صحفيا حول مستقبل صناعة الألبان في الكنفدرالية والجدل بين الحكومة والمنتجين.

وقد عبر وزير الاقتصاد في المؤتمر الصحفي عن قلقه البالغ من “الاوضاع غير المستقرة التي تمر بها صناعة الألبان السويسرية ومشتقاتها والمضاعفات التي يمكن أن تؤثر عليها بشكل سلبي”.

وسبب هذا الأرق، هو تعثر عملية بيع شركة منتجات الألبان السويسرية Swiss diary food إلى شركة ايمي، على الرغم من الأزمة المالية التي تمر بها الأولى، وذلك بسبب إصرار هيئة مراقبة الاحتكارات السويسرية على دراسة ملف الصفقة بعناية بالغة وهو ما قد يستغرق ما بين 4 و 9 أشهر على أقل تقدير.

ويتزامن هذا القرار مع إعلان كبرى شركات صناعة الألبان تخفيض سعر شراء الحليب من المنتجين، وهو ما سيشكل بدوره ضغطا على الحكومة التي تنوي – بتوصية من وزير الاقتصاد – تخفيض دعمها للفلاحين في مطلع العام القادم، وهو قرار على ما يبدو لا ينوي الوزير كوشبان التراجع عنه، على الرغم من إعلانه في اكثر من مناسبة عن دعمه المطلق لصناعة الألبان السويسرية.

الحلول المقترحة

بدت الحيرة واضحة على وزير الاقتصاد وهو يعلن في المؤتمر الصحفي أن انعكاسات هذه الأوضاع المضطربة والمتداخلة غير واضحة!

إلا أن كوشبان ألمح إلى رؤيته للخروج من الأزمة والتي تتمثل في خطوتين هامتين: الأولى، ضرورة توصل منتجي الألبان ومصنعيها إلى اتفاق يحدد سعر الحليب الخام ويقبل به الطرفان، في الوقت الذي أشار فيه الوزير إلى رغبته في عدم التراجع عن تخفيض أسعار شراء الألبان من الفلاحين.

والثانية، هي ضرورة إزالة العقبات التي من الممكن أن تقف حائلا أمام إتمام عملية بيع شركة منتجات الألبان السويسرية إلى شركة ايمي، وإن كان الوزير لم يخف تأييده للصفقة إنقاذا لقرابة ألفي موطن عمل وحفاظا على مستقبل 7000 فلاح يوردون لها الألبان. إلا أنه في الوقت نفسه، لا يريد أن يتدخل في قرار هيئة مراقبة الاحتكارات التابعة لوزارته، وترك للمسؤولين فيها تقييم الموقف بشكل محايد ومستقل عن القرار السياسي.

 نتائج متوقعة:

وتتمثل صعوبة الموقف في الأوضاع المتداخلة في سوق منتجات الألبان. فسويسرا، بحكم الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي، فتحت أسواقها لمنتجات الألبان من دول الجوار والتي كانت أرخص بنسبة 30 في المائة من المنتج السويسري. في الوقت نفسه، رفع المنتجون المحليون أسعارهم بمعدل فرنكين للكيلو الواحد لتغطية فرق الدعم الذي رفعته الحكومة عنهم، فكانت النتيجة الطبيعة أن يتوجه المستهلك نحو المنتوج الرخيص بغض النظر عن مصدره.

ويتزامن هذا مع تراجع صادرات سويسرا من منتجات الألبان إلى ألمانيا بنسبة 25% في النصف الأول من هذا العام مع انخفاض سعر اللبن الخام داخل الاتحاد الأوروبي بمقدار عشرة سنتات.

وفي حال إصرار الفلاحين السويسريين على عدم تخفيض سعر الألبان الخام وتمسكهم بالدعم المالي المقدم لهم من الحكومة، ستتعرض صادرات سويسرا من الألبان إلى الاتحاد الأوروبي إلى صعوبات جمة، لا سيما مع اقتراب انضمام دول زراعية هامة إليه مثل المجر وجمهورية التشيك وبولندا، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة من خلال رفع الدعم وتخفيض أسعار الإنتاج الخام إلى الثبات أمام المنافسة الاجنبية.

وإن كان من شأن هذه الخطة أن تقضى على مستقبل صغار الفلاحين ويفرض عليهم التحول إلى حرفة أخرى ويقلّل عدد المزارع إلى الحد الذي يسمح ببقاء من يمكنه الاعتماد على النفس دون دعم حكومي، وهو ما يعني بشكل آخر، تغيير شبه جذري على المدى المتوسط في تركيبة الإنتاج الفلاحي السويسري.

ربما تكون هذه الأزمة هي أول نتائج دخول الاتفاقيات الثنائية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، ومن المؤكد أن انعكاسات أخرى لهذه الاتفاقيات ستظهر مع مرور الوقت لتفتح مجددا الجدل حول مستقبل سويسرا مع الاتحاد الأورربي.

تامر أبو العينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية