مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اعدام 47 شخصا في السعودية بينهم رجل دين شيعي وايران تندد بشدة

صورة للشيخ نمر باقر النمر خلال تظاهرة امام السفارة السعودية في صنعاء ضد حكم الاعدام بحقه في 18 تشرين الاول/اكتوبر 2014 afp_tickers

نفذت السعودية السبت احكام اعدام بحق 47 شخصا مدانين ب”الارهاب” بينهم جهاديون مرتبطون بتنظيم القاعدة ورجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، احد وجوه المعارضة للسلطات في المملكة، ما اثار انتقادات حادة في ايران والعراق.

وتوعدت طهران على الفور بان السعودية ستدفع “ثمنا باهظا” لاعدامها رجل الدين الشيعي، ما دفع وزارة الخارجية السعودية الى استدعاء السفير الايراني وتسليمه “مذكرة احتجاج شديدة اللهجة”.

والشيخ نمر النمر (56 عاما) احد اشد منتقدي العائلة الحاكمة في السعودية، كان من اهم شخصيات الاحتجاجات في شرق المملكة حيث تعيش غالبية الاقلية الشيعية في 2011. وتشكو هذه المجموعة من التهميش في المملكة.

وقالت وزارة الداخلية السعودية في بيان رسمي ان المحكومين هم 45 سعوديا ومصري وتشادي، اعدموا في 12 مدينة في المملكة.

وقد صدرت عليهم احكام بالاعدام كما تقول السلطات في قضايا عدة وخصوصا لتبنيهم الفكر “التكفيري” المتطرف والالتحاق “بمنظمات ارهابية” وتنفيذ “مؤامرات اجرامية”.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي في مؤتمر صحافي ان “التنفيذ تم داخل السجون”.

وردا على سؤال عن كيفية التنفيذ قال التركي “في بعض المناطق بالسيف ومناطق اخرى رميا بالرصاص” مضيفا “تم تمكين المحكوم عليهم بكتابة واثبات وصاياهم”.

واضاف “التنفيذ على كل محكوم تم بمعزل عن الاخرين”.

اما علي النمر ابن شقيق الشيخ نمر باقر النمر، الذي كان قاصرا عند توقيفه ما اثار موجة انتقادات شديدة من منظمات مدافعة عن حقوق الانسان في العالم، فليس بين الذين تم اعدامهم.

وفور اعلان النبأ، اعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية حسين جابر انصاري ان السعودية ستدفع “ثمنا باهظا” لاعدامها رجل الدين الشيعي.

واضاف ان “اعدام شخصية مثل الشيخ النمر لا تملك من الوسائل لمتابعة اهدافها السياسية والدينية سوى الخطاب يدل على مدى تهور (المملكة) ولا مسؤوليتها”.

وردت الرياض على الموقف الايراني باستدعاء السفير الايراني لدى المملكة وتسليمه “مذكرة احتجاج شديدة اللهجة” حيال التصريحات الايرانية “العدوانية”.

ونقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية قوله ان الوزارة “استدعت اليوم السفير الإيراني لدى المملكة وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة حيال التصريحات الإيرانية العدوانية الصادرة تجاه الأحكام الشرعية التي نفذت بحق الإرهابيين في المملكة”.

وتجمع مئات الاشخاص من الرجال والنساء مساء السبت في مدينة القطيف ذات الغالبية الشيعية في شرق المملكة وهم يحملون صور الشيخ النمر.

ونددت منظمة العفو الدولية بتنفيذ احكام الاعدام.

وقال مدير المنظمة في الشرق الاوسط فيليب لوثر لوكالة فرانس برس “تقول السلطات السعودية انها نفذت احكام الاعدام هذه للحفاظ على الامن. لكن اعدام الشيخ نمر باقر النمر يوحي انها تستخدم الاعدامات لتصفية حسابات سياسية (…) تحت غطاء مكافحة الارهاب”.

من جهتها، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ان “الحالة الخاصة للشيخ نمر النمر تثير قلقا بالغا حيال حرية التعبير واحترام الحقوق المدنية والسياسية الاساسية والتي ينبغي ان تصان في كل الحالات، بما في ذلك اطار مكافحة الارهاب”.

وقد حكم على رجل الدين الشيعي بالاعدام في تشرين الاول/اكتوبر 2014. وكانت السلطات تتهمه بقيادة احتجاجات في المنطقة الشرقية حيث تقطن الاقلية الشيعية و”اشعال الفتنة الطائفية” و”الخروج على ولي الامر” وغيرها من التهم.

وكان توقيفه في تموز/يوليو 2012 تم في اجواء من التوتر وقتل اثنان من مؤيديه خلال التظاهرات التي نجمت عن ذلك.

من جهته اكد محمد النمر شقيق رجل الدين الشيعي لوكالة فرانس برس ان اعدام شقيقه “سيثير حفيظة الشباب”، مشيرا الى ان الشيخ النمر “كان له موقعية كبيرة ومتميزة وتأثير على الشباب”.

واضاف “نتمنى ان تكون حركة احتجاج سلمية، نرفض العنف والاصطدام بالسلطة كما رفضها الشيخ الشهيد”.

واثار اعدام رجل الدين الشيعي ايضا غضبا واسعا في العراق حيث طالب بعض قادة البلاد باغلاق سفارة الرياض في بغداد التي اعيد افتتاحها حديثا.

وقال خلف عبد الصمد رئيس كتلة الدعوة في البرلمان العراقي ان “اعدام الشيخ النمر سيخلف عواقب وخيمة وسيشكل نهاية لحكم آل سعود، وان هذه الجريمة ستجلب النقمة على بلادهم”. ودعا الى “غلق السفارة السعودية وطرد السفير وإعدام كافة الارهابيين السعوديين المتواجدين في السجون العراقية وذلك رداً على جريمتهم الطائفية الارهابية”.

وتظاهر مئات الاشخاص في مدينة كربلاء الشيعية المقدسة بوسط العراق تعبيرا عن غضبهم لاعدام الشيخ نمر.

وفي اليمن حيث تقود السعودية تحالفا عسكريا ضد المتمردين الشيعة، دانت رابطة علماء الدين المرتبطة بالحوثيين اعدام الشيخ نمر بحسب موقع الحوثيين الالكتروني.

من جانب اخر اكدت البحرين تضامنها مع السعودية ووقوفها الى جانبها “في كافة ما تتخذه من اجراءات رادعة ولازمة لمواجهة العنف والتطرف” وذلك في بيان نشرته وكالة الانباء البحرينية الرسمية.

واستخدمت الشرطة البحرينية الغاز المسيل للدموع لتفريق مجموعات من المتظاهرين كانوا يحتجون على اعدام النمر في السعودية، وفق ما افاد شهود.

وحذرت وزارة الداخلية البحرينية في بيان انها ستتخذ “كافة الإجراءات القانونية اللازمة تجاه أي إساءة أو تعاط سلبي من خلال بيان أو تصريح بشأن تنفيذ الأحكام القضائية التي صدرت في المملكة العربية السعودية الشقيقة، باعتبار ذلك يشكل إثارة للفرقة والفتنة وتهديدا للسلم الأهلي”.

في الاطار نفسه اكد وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان “تاييد دولة الامارات الكامل ووقوفها الراسخ والمبدئي مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في ما تتخذه من اجراءات رادعة لمواجهة الارهاب والتطرف” بحسب بيان نشر على وكالة الانباء الاماراتية.

وفي بيروت ندد حزب الله اللبناني باعدام الشيخ النمر بناء على “حجج واهية واحكام فاسدة”، داعيا المجتمع الدولي وهيئاته ومنظماته الى ادانة هذه “الجريمة النكراء”.

– “ستسفك دماء” –

وبين الذين تم اعدامهم السبت ايضا محكومون بعمليات اسفرت عن سقوط قتلى تبناها تنظيم القاعدة في 2003 و2004 وبينهم مصري وتشادي.

وتضم اللائحة ايضا فارس آل شويل الذي كانت وسائل اعلام سعودية قدمته على انه رجل دين في تنظيم القاعدة في المملكة حيث اوقف في آب/اغسطس 2004.

وكانت السلطات السعودية انشأت في 2011 محاكم خاصة لمحاكمة عشرات السعوديين والاجانب المتهمين بالانتماء الى تنظيم القاعدة والمشاركة في سلسلة اعتداءات اسفرت عن سقوط اكثر من 150 قتيلا في المملكة بين 2003 و2006.

واشرف ولي العهد الامير محمد بن نايف بنفسه على ملاحقة تنظيم القاعدة ونجا شخصيا من اعتداء استهدفه.

وكان فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حذر في الاول من كانون الاول/ديسمبر السعودية من اعدام عدد من المحكومين بتهم الارهاب والانتماء اليه.

وهي اول احكام بالاعدام تنفذ في 2016 في المملكة المحافظة المتشددة.

وكان عدد الذين نفذت فيهم احكام بالاعدام في المملكة في 2015 وصل الى 153 شخصا بحسب احصاء لوكالة فرانس برس استنادا الى بيانات رسمية، متجاوزا بكثير عدد الاعدامات في 2014 الذي بلغ 87 اعداما.

وبحسب منظمة العفو الدولية فان عدد اعدامات سنة 2015 هو الاعلى منذ العام 1995، حين اعدم 192 شخصا. والسعودية هي بين اكثر الدول تنفيذا لعقوبة الاعدام مع الولايات المتحدة والصين وايران.

وتعاقب السعودية بالاعدام جرائم الاغتصاب والقتل والردة والسطو المسلح وتجارة المخدرات وممارسة السحر.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية