مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحكومة السودانية تؤكد إحباط محاولة انقلاب نفذها ضباط من “فلول النظام البائد”

صورة مأخوذة عن التلفزيون السوداني لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك في 21 أيلول/سبتمبر 2021 خلال حديثه عن المحاولة الانقلابية. afp_tickers

أعلنت الحكومة السودانية إحباط “محاولة انقلابية” جرت فجر الثلاثاء، متهمة “ضباطا من فلول النظام البائد” بتنفيذها، في إشارة الى نظام الرئيس المخلوع عمر البشير المعتقل منذ أكثر من سنتين بعدما أطاح به الجيش تحت ضغط حركة شعبية احتجاجية عارمة.

وقال رئيس الحكومة السوداني عبد الله حمدوك خلال اجتماع لمجلس الوزراء إن “تحضيرات واسعة” سبقت المحاولة الانقلابية، وتمثلت “في الانفلات الأمني بإغلاق مناطق إنتاج النفط وإغلاق الطرق التي تربط الميناء ببقية البلاد”.

وقال وزير الإعلام والثقافة حمزة بلول المتحدث باسم الحكومة السودانية في كلمة مقتضبة بثها التلفزيون السوداني “تمت السيطرة (…) على محاولة انقلابية فاشلة قامت بها مجموعة من الضباط في القوات المسلحة من فلول النظام البائد”.

وأضاف “نطمئن أن الأوضاع تحت السيطرة التامة، وتم القبض على قادة محاولة الانقلاب من العسكريين والمدنيين ويتم التحقيق معهم”.

وأكدت القوات المسلحة السودانية اعتقال 11 ضابطًا وعدد من الجنود المشاركين في المحاولة.

وأضاف بيان صادر عنها أنه “تمّت استعادة كل المواقع التي سيطر عليها الانقلابيون”، و”ما زال البحث والتحري جاريًا للقبض على بقية المتورطين”.

وأوضح حمدوك أنه كان “انقلابا مدبرا من جهات داخل وخارج القوات المسلحة”، وأنه “امتداد لمحاولات فلول النظام البائد لإجهاض الانتقال المدني الديموقراطي”.

وزار رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان معسكر الشجرة حيث بدأت، وفق بعض التقارير، المحاولة الانقلابية. وتحدث الى الجنود قائلا “لو نجح ما حدث اليوم، لكانت له نتائج مدمرة على وحدة الجيش ووحدة القوات النظامية ووحدة البلد”.

وأضاف “نحن حريصون على حماية” المرحلة الانتقالية و”نؤيد تسليم البلد الى (سلطة منبثقة من) إرادة شعبية وتأتي بانتخابات حرة نزيهة”.

ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء محاولة الانقلاب في السودان محذّرا من كل من شأنه تقويض “العملية الانتقالية السياسية”.

من جهته، حثّ رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد “بقوة على التمسّك بالسلطات الشرعية للمرحلة الانتقالية النابعة من ارادة كافة القوى الوطنية مدنية كانت أو عسكرية”.

وعقب الإطاحة بالبشير في نيسان/ابريل 2019 إثر انتفاضة شعبية استمرت شهورا، وقّع المجلس العسكري الانتقالي الذي تسلم الحكم وقادة الحركة الاحتجاجية المدنيون في آب/اغسطس من العام نفسه اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا حتى نهاية 2023 بعدما أبرمت الحكومة السودانية اتفاقات سلام مع عدد من حركات التمرد المسلحة في البلاد.

وتتألف السلطة الحالية من مجلس السيادة برئاسة البرهان، وحكومة برئاسة حمدوك، ومهمتها الإعداد لانتخابات عامة تنتهي بتسليم الحكم الى مدنيين.

وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس في بيان إن المنظمة الأممية ترفض “أي دعوات الى قيام انقلاب عسكري او تبديل الحكومة الانتقالية بحكم عسكري”.

وأعلنت دول الترويكا (الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج) رفضها المحاولة الانقلابية. وقالت في بيان مشترك “نرفض أي محاولة لعرقلة أو تعطيل جهود الشعب السوداني لإنشاء مستقبل ديموقراطي”، مشيرة الى أن “شركاء السودان الدوليين يقفون بحزم خلف شعب السودان وحكومته الانتقالية”.

وحكم عمر البشير السودان بقبضة من حديد لمدة ثلاثين عاما.

– “لا لحكم العسكر” –

وخرجت تظاهرات في عدد من المدن السودانية احتجاجًا على الانقلاب.

وروى محمد حسن، وهو من سكان مدينة بورتسودان في شرق البلاد، لفرانس برس أن عشرات الشبان والشابات خرجوا في وسط مدينة بورتسودان يرفعون أعلام السودان ويهتفون: لا لحكم العسكر، مدنية مدنية، لا للانقلاب”.

كذلك أفادت أمال حسين من القضارف في شرق البلاد عن “تجمع تلاميذ مدارس ومواطنين حملوا أوراقًا كُتب عليها لا لحكم العسكر”.

وتظاهر العشرات في مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، ضد الانقلاب.

وقال حمدوك إن المحاولة الانقلابية “كشفت ضرورة إصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية”.

وقال “سنتخذ إجراءات فورية لتحصين الانتقال ومواصلة تفكيك” نظام البشير الذي “لا يزال يشكل خطرا على الانتقال”.

وعدّد بين هذه الإجراءات “تعزيز ولاية الحكومة على كل الموارد وتوجيهها لتحسين الأوضاع المعيشية”، واستكمال إنشاء المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية.

وشهدت العاصمة وبعض مدن البلاد خلال الشهور الماضية تظاهرات احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية.

وأشار حمدوك في حزيران/يونيو إلى وجود حالة من “التشظي” داخل المؤسسة العسكرية.

وقالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية سامنثا باور خلال زيارة إلى الخرطوم في آب/أغسطس، “الولايات المتحدة تؤكد أن السودان يجب أن يكون لديه جيش واحد وتحت قيادة واحدة”.

وأضافت “سندعم جهود المدنيين لإصلاح المنظومة الأمنية ودمج قوات الدعم السريع والمجموعات المسلحة للمعارضين السابقين”.

وبدت حركة المواطنين والسيارات الثلاثاء عادية في وسط العاصمة حيث مقر قيادة الجيش، وفق مراسل لوكالة فرانس برس.

غير أن الجيش أغلق جسرا يربط الخرطوم بمدينة أم درمان على الضفة الغربية لنهر النيل. ويوجد في أم درمان مقرّا الإذاعة والتلفزيون الرسميان.

وشاهد مراسل فرانس برس دبابتين متوقفتين عند مدخل الجسر باتجاه أم درمان.

وبثت الإذاعة الرسمية “راديو ام درمان” و”تلفزيون السودان” الرسمي منذ الصباح أغاني وطنية.

ودان حزب الأمة القومي، أكبر الأحزاب السودانية، المحاولة الانقلابية.

وللسودان تاريخ مع الانقلابات العسكرية منذ استقلاله في عام 1956. فقد حكمه الفريق عبود من عام 1958 الى 1964، ثم المشير جعفر نميري من 1969 الى 1985، والبشير من عام 1989 الى 2019.

وأطيح بكل الحكومات العسكرية بانتفاضات شعبية في أعوام 1964 و1985 وأخيرا 2019.

والبشير موجود حاليا في سجن كوبر بالعاصمة السودانية. وأعلنت الحكومة السودانية استعدادها لتسليمه الى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت في 2009 مذكرة توقيف في حقه بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع المسلح في دارفور.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية