مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

طالبان تعلن أن محادثاتها في موسكو مع سياسيين أفغان كانت “ناجحة جدا”

الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي يتحدث إلى نائب الرئيس السابق محمد يونس قانوني خلال افتتاح المحادثات بين طالبان ومسؤولين أفغان في 5 شباط/فبراير 2019 afp_tickers

أعلنت حركة طالبان الأربعاء أن محادثاتها غير المسبوقة مع سياسيين أفغان والتي استمرت يومين في موسكو كانت “ناجحة جدا”، رغم الخلافات حول حقوق المرأة ومطالبتها بتطبيق الشريعة الاسلامية في أفغانستان.

والمحادثات التي عقدت في موسكو هي الأعلى مستوى التي تجريها طالبان مع سياسيين أفغان منذ سنوات، وقد اتّفق الجانبان في ختامها على اجراء محادثات جديدة لضمان إرساء “سلام دائم” في أفغانستان.

ولم يُدعَ أي مسؤول حكومي إلى المحادثات التي شارك فيها عدد من كبار السياسيين الأفغان ومن بينهم الرئيس السابق حميد كرزاي.

وتجاهل مسؤولو الحركة المسلحة الرئيس أشرف غني وجلسوا مع خصومهم الرئيسيين في اجتماع استثنائي شهد اداء كرزاي وغيره من أعداء طالبان الصلاة مع مسؤولي الحركة المتشددة.

وهي المرة الثانية التي يتم فيها استبعاد الرئيس الأفغاني من محادثات سلام مع طالبان بعد إجراء الولايات المتحدة حوارا مع الحركة في الدوحة من دون مشاركة مسؤولين في الحكومة الأفغانية.

ونادراً ما كان قادة الحركة يشاهدون في العلن، ولذلك فإن مشهد مسؤولي طالبان بعماماتهم السوداء وهم يطرحون رؤيتهم على الحاضرين أمام عدسات التلفزيون هو أمر نادر.

وترأس شير محمد عباس ستانيكزاي وفد طالبان وشوهد إلى جانب كرزاي في ظهور علني نادر له أمام وسائل الإعلام الدولية.

وقال ستانيكزاي “كانت (المحادثات) ناجحة جدا. اتفقنا على نقاط عدة وآمل بان نحقق نجاحا أكبر مستقبلا ونتمكن من التوصل الى حل في نهاية المطاف عبر إرساء سلام شامل في افغانستان”.

وصدر عن المجتمعين بيان مشترك أبدوا فيه تأييدهم للمحادثات التي تعقد في الدوحة مع مفاوضين أميركيين كان وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء بـ”البناءة”.

كذلك اتّفق المشاركون على انسحاب كافة القوات الأجنبية من أفغانستان بشكل كامل.

وقال ستانكيزاي إن الانسحاب “لم يحدد موعده بعد… لكننا نتفاوض بشأنه”.

وقالت طالبان الأربعاء إن الولايات المتحدة وافقت في الدوحة على سحب نصف جنودها المنتشرين على الأرض، بنهاية نيسان/ابريل — وقد بدأت العملية.

وقال عبد السلام حنيفي، نائب مدير المكتب السياسي لطالبان في الدوحة للصحافيين في موسكو إن “الأميركيين وافقوا على سحب نصف جنودهم فورا. سيبدأ الانسحاب من الأول من شباط/فبراير ويستمر لغاية نهاية نيسان/ابريل”.

ونفت الولايات المتحدة والحلف الأطلسي اتفاقاً من هذا القبيل.

– بداية تقارب مع كابول –

وأشارت الوفود المشاركة في مؤتمر موسكو إلى احتمال مشاركة الحكومة في جلسات مقبلة على الرغم من رفض طالبان القاطع لأي محادثات مع كابول.

وقال أحد أبرز خصوم غني، محمد حنيف أتمر الذي شارك في الاجتماع إن “العملية يجب أن تشمل الجميع ما يعني أن الحكومة يمكن أن تُدعى ويمكن أن تشارك”.

وتعتبر طالبان الحكومة الأفغانية دمية بيد الأميركيين لكن حلفاء غني في واشنطن يصرّون على أن الأفغان هم من يجب أن يقودوا عملية السلام.

كما أن الجهود الطويلة التي قامت بها الولايات المتحدة للحوار مع طالبان كان الهدف المعلن منها هو إقناعهم بالتفاوض مع الحكومة في كابول.

وأكد جنرال أميركي بارز ضرورة إشراك كابول في المحادثات لإنجاح أي مساع للسلام.

وصرح الجنرال جوزف فوتيل رئيس القيادة المركزية الأميركية أمام الكونغرس الأميركي “في النهاية نريد أن نصل إلى حوار بين طالبان وأفغانستان .. فهم وحدهم القادرون على حل مسائل أساسية في الخلاف”.

وتحدث غني مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في وقت متأخر من الثلاثاء، وقال إنه “أكد الأهمية الكبيرة لضمان مركزية الحكومة الأفغانية في عملية السلام”.

إلا أن غني أعرب عن احباطه من تهمشيه فيما يتشارك أعداؤه السياسيون في الصلاة والمآدب مع طالبان وهم يناقشون مستقبل بلاده.

وصرح لإذاعة “طلوع نيوز” الأفغانية في وقت متأخر الثلاثاء أن الاجتماع في روسيا “لا يعدو كونه مجرد وهم. لا يمكن لأحد أن يقرر دون موافقة الشعب الأفغاني”.

– مشاهد غير مألوفة –

واعتبر كرزاي الذي نصّبته الولايات المتحدة رئيسا لأفغانستان بين 2001 و2014 الاتفاق الذي تم التوصل إليه في موسكو “جوهريا للغاية”، مبديا سعادته “لنتائج الاجتماع”.

وقال إن البيان صدر بشبه إجماع لكن الخلافات لا تزال قائمة بشأن مطالبة طالبان بدستور يضعه علماء مسلمون، وبشأن نظرتها للنساء.

قالت فوزية كوفي، وهي واحدة من امرأتين دعيتا إلى الاجتماع، إن على طالبان “التأقلم مع أفغانستان عصرية”، وقد رفضت تعهّد الحركة بالمحافظة على حقوق النساء “بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية”.

وقالت كوفي، رئيسة اللجنة البرلمانية الأفغانية حول النساء وحقوق الإنسان “لقد عشت في افغانستان خلال عهد طالبان وأعرف أن لديهم تفسيرا مختلفا لحقوق النساء”.

وقد صوتت كوفي ضد البيان المشترك لكنها قالت إن المشاركين وعدوها بطرح هواجسها في المفاوضات المقبلة.

وحدّت طالبان أثناء حكمها من حريات النساء ومنعتهن من العمل أو الدراسة في المدارس ومنعتهن من الخروج من منازلهن بدون رجل يرافقهن وهن يلبسن البرقع.

وفي مشاهد استثنائية استمع مسؤولو طالبان لنساء تحدثن في اجتماع موسكو، وهو الأمر الذي لم يكن يمكن تصوره إبان حكم طالبان الذي أطاحت به القوات التي تقودها الولايات المتحدة في 2001.

ويعتبر هذا الاجتماع بين طالبان ومسؤولين أفغان الأهم في الذاكرة المعاصرة، وهو حدث نادر للجماعة المتشددة التي منعت التلفزيون عندما كانت تحكم أفغانستان بين 1996 و2001.

كما وعدت الحركة بوقف زراعة الخشخاش في أفغانستان واتخاذ خطوات لمنع سقوط ضحايا من المدنيين في النزاع الذي اوقع عشرات الآف القتلى والجرحى.

ووعدت الحركة بعدم السعي للاستئثار بالسلطة وإقامة “نظام إسلامي شامل” للحكم في أفغانستان.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية