مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الضفة الغربية تشتعل غضبا بسبب الدمار في غزة

جنود اسرائيليون اثناء اشتباكات مع فلسطينيين بالقرب من رام الله بالضفة الغربية يوم 25 يوليو تموز 2014. تصوير: محمد تركمان - رويترز. reuters_tickers

من علي صوافطة

رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) – بينما يحترق قطاع غزة تشتعل الضفة الغربية المحتلة باشتباكات عنيفة بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية مما يثير شبح اندلاع انتفاضة جديدة بعد أن ساد هدوء نسبي لعدة سنوات.

وخلال ثلاثة أيام فقط أواخر الأسبوع الماضي قتل عشرة فلسطينيين وأصيب نحو 600 اثناء موجة احتجاجات غاضبة على الحملة العسكرية الاسرائيلية على القطاع.

وقالت الشرطة الإسرائيلية يوم الأحد إنها أحبطت هجوما فتاكا محتملا حين أوقفت سيارة محملة بالمتفجرات خلال محاولتها الوصول الى اسرائيل عبر نقطة تفتيش في الضفة الغربية بينما اندلعت أعمال شغب مرة أخرى في القدس الشرقية.

في الأوقات العادية كانت اخبار هذه التوترات ستهيمن على عناوين الصحف المحلية لكن في ظل توجه الأنظار الى غزة حيث قتل اكثر من 1031 فلسطينيا حتى الآن خلال القتال الذي بدأ قبل 20 يوما لم يثر التوتر المتزايد اهتماما يذكر.

ويقول فلسطينيون إنه اذا استمرت إراقة الدماء في غزة لفترة أطول فقد يكون من المستحيل أن تتمكن اسرائيل او الرئيس الفلسطيني محمود عباس من السيطرة على الغضب المتزايد في الضفة الغربية.

وقال المحلل السياسي في رام الله هاني المصري إن من السابق لأوانه وصف ما يحدث بأنه انتفاضة لكن الفلسطينيين تغلبوا على خوفهم ويتقدمون نحو نقاط التفتيش الإسرائيلية.

وخرج اكثر من عشرة آلاف فلسطيني في مسيرة الى حاجز قلنديا خارج رام الله ليل الخميس في اكبر مظاهرة منذ سنوات وانضمت عائلات بكاملها الى المظاهرة.

وهتفت الحشود “على القدس رايحين شهداء بالملايين” و”بالروح بالدم نفديك يا غزة.”

وفي المواجهات التي تلت هذا قذف الشبان الحجارة وأطلقوا الألعاب النارية صوب الجنود الإسرائيليين الذين ردوا بالطلقات المطاطية والرصاص الحي فقتلوا شابا في السابعة عشرة من عمره وأصابوا العشرات وفقا لما ذكره مسعفون فلسطينيون عالجوا المصابين.

تبدد الآمال

يريد الفلسطينيون إقامة دولة مستقلة في غزة والضفة الغربية عاصمتها القدس الشرقية.

وفشلت مفاوضات بوساطة الولايات المتحدة على مدى السنوات العشرين الأخيرة في التوصل الى اتفاق دائم. وانهارت أحدث جولة من المحادثات في ابريل نيسان بعد غضب الفلسطينيين من التوسع في النشاط الاستيطاني وغضب اسرائيل من توقيع عباس اتفاقا للوحدة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تهيمن على غزة.

وتزامن عدم التوصل الى حل للصراع في الشرق الأوسط الممتد منذ عشرات السنين مع تدهور الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية بقيادة عباس التي تعتمد على المساعدات مما غذى الغضب في الضفة الغربية التي كانت على شفا الانفجار بالفعل قبل الهجوم الإسرائيلي على غزة.

وفي يونيو حزيران وبعد مقتل ثلاثة شبان يهود ألقت القوات الإسرائيلية القبض على المئات في الضفة بحثا عن المشتبه بهم. وحملت اسرائيل المسؤولية لحماس لكن الحركة لم تؤكد او تنف مسؤوليتها عن قتلهم.

وقال وليد صقر وهو سائق سيارة أجرة في الخمسينيات من عمره “انتفاضة الشعب بدأت. لم يتركوا لنا خيارا آخر في ظل الفقر والبطالة من حولنا. الانتفاضة قادمة ولا يوجد مكان لمن يقولون لنتمهل فقد تتحسن الأوضاع. رباه… منذ كنا صغارا لم يتغير شيء.”

وقام الفلسطينيون بانتفاضتين.

بدأت الأولى عام 1987 واستمرت حتى 1993 ومهدت الطريق لاتفاقيات أوسلو للسلام بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية لتدشن فترة من الآمال والتوقعات لم تدم طويلا.

واندلعت الانتفاضة الثانية عام 2000 بعد فشل مساع بقيادة الولايات المتحدة للتفاوض على اتفاق نهائي للسلام. وعلى مدار السنوات السبع التالية قتل اكثر من الف اسرائيلي سقط نصفهم في هجمات انتحارية استهدف أغلبها المدنيين وقتلت القوات الإسرائيلية اكثر من 4500 فلسطيني.

وخسر الفلسطينيون تعاطفا على صعيد الرأي العام الدولي نتيجة لهذا وتراجع استعدادهم للمقاومة.

وتعهد عباس نفسه بألا يسمح بقيام انتفاضة أخرى قائلا إنها ستلحق مزيدا من الخراب بشعبه لكن الحملة الاسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة وضعته في موقف ضعيف.

وعباس خصم قديم لحماس التي طردت القوات التابعة له من غزة بعد هزيمتها في قتال لم يستغرق وقتا طويلا عام 2007 لكن من الواضح أنه يدعمها في الصراع الحالي وتبنى نفس مطالبها من أجل وقف دائم لإطلاق النار.

كما كانت دائرته الداخلية أكثر ضراوة في تصريحاتها التي هاجمت فيها اسرائيل. وقال ياسر عبد ربه المسؤول الكبير في منظمة التحرير ومساعد عباس إن غزة هي الدرع الثابت في وجه “فاشية وعنصرية وإرهاب” اسرائيل.

قوة شديدة

اتخذت قوات الأمن التابعة لعباس خطوة غير معتادة وهي السماح للمحتجين بالخروج في مسيرات صوب نقاط التفتيش الاسرائيلية دون محاولة منعهم كما كان الوضع فيما سبق. وانتقد الكثير من الفلسطينيين قوات عباس لتعاونها مع الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية.

وقال المصري إن القيادة الحالية تحاول ركوب هذه الموجة وتبني الدعوة للتظاهر.

لكن اسرائيل بدورها ترد على الاحتجاجات على ما يبدو باستعراض للقوة مستخدمة كما كبيرا من الذخيرة الحية ربما على أمل بث الرعب في نفوس الناس حتى لا ينزلوا الى الشوارع.

ويقول الجيش إنه لا يستخدم الذخيرة الحية الا حين تتعرض حياة جنوده للخطر مضيفا أنه يحقق في سقوط قتلى مؤخرا في الضفة الغربية بما في ذلك مقتل الشبان الاسرائيليين الثلاثة.

وتواجه قوات الأمن الإسرائيلية احتجاجات ليلية في المناطق التي يغلب على سكانها العرب بالقدس الشرقية وحين يبزغ الفجر تشهد الشوارع على العنف.

واختطف شاب فلسطيني من شوارع القدس في وقت سابق هذا الشهر وأشعلت فيه النار وهو حي في هجوم انتقاما على ما يبدو لمقتل الاسرائيليين الثلاثة.

وألقي القبض على ثلاثة اسرائيليين فيما يتصل بحادث الشاب الفلسطيني وينتظرون المحاكمة.

وتعرض فلسطينيان لضرب مبرح في المدينة خلال ليل الأحد في هجوم يعتقد أن شبانا يهودا نفذوه.

وعلى الرغم من الاضطرابات يقول فلسطينيون إن المواجهات الأخيرة لم تكن مخططة وإنها عفوية اذ لا تتطلع اي من الجماعات السياسية الرئيسية في الضفة الغربية الى تنظيم حملة ضد اسرائيل.

وقال علي صالح (30 عاما) وهو موظف بالقطاع العام في رام الله “اتخذت السلطة الفلسطينية قرارا سياسيا بالسماح للناس بالوصول الى نقاط الاحتكاك مع جيش الاحتلال لكن هذه المواجهات لا يمكن أن تستمر.”

واضاف “إنها مرتبطة بالوضع في غزة واذا هدأ فإن الأوضاع ستهدأ هنا أيضا.”

(إعداد دينا عادل للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية