مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خبراء أمريكيون يدربون العراقيين على إبطال مفعول المفرقعات

معسكر التاجي (العراق) (رويترز) – يعيد الانسان الآلي ذو المهام الاستكشافية والرجل الذي يرتدي خوذة ويمشي متثاقلا الى الأذهان صورة السفر الى الفضاء.. لكنهما في هذه الصحراء العراقية التي تشبه في تضاريسها سطح القمر مجرد جزء من تدريب على احدى أخطر المهام على الأرض..إبطال مفعول المفرقعات.
ففي معسكر التاجي وهو قاعدة عسكرية امريكية تقع قرب بغداد يعكف نزع فتيل المفرقعات على تعليم العراقيين القيام بهذه المهمة بعد انسحابهم المقرر بحلول 2012 في اطار اتفاقية امريكية عراقية.
ورغم ان العنف تراجع بشدة في العراق بعد ذروته التي أعقبت الانسحاب الامريكي عام 2003 فلا تزال القنابل تقتل عشرات الأشخاص كل شهر. وقتل تفجيران ضخمان بشاحنتين ملغومتين في وسط بغداد نحو 100 شخص في 19 اغسطس اب وحده.
وأُعيد بناء الجيش العراقي من جديد منذ سقوط صدام حسين وستكون المهارات التي ينقلها خبراء مكافحة المفرقعات لنظرائهم العراقيين حاسمة في إنقاذ الأرواح.
الخطوة الأولى المعتادة في التعامل مع المادة التي يُشتبه بأنها قنبلة هي فحصها عن طريق انسان الي يجري التحكم فيه عن بعد ثم غالبا بواسطة خبير في التخلص من المتفجرات يرتدي سترة مدرعة تلفه من رأسه حتى قدميه.
وقال السارجنت ديفيد هوجي وهو قائد فريق أمريكي من خبراء المفرقعات “هناك خبير في التخلص من المتفجرات يقول (متى ارتدى قائد فريق سترة التخلص من القنابل تبدأ مسيرة طويلة).” في إشارة الى النهج الذي يتسم بالتوتر والحذر والذي يتعين على خبير المفرقعات اتباعه في نزع فتيل مادة متفجرة فيما يتخذ زملاؤه سواتر.
وتسبب هذه السترة الاختناق في حر العراق القائظ وتقيد صفائحها المدرعة الحركة. لكن الخبراء أصبحوا على وعي كبير بكل ما يدور حولهم حتى رغم ارتدائهم الخوذة التي تشبه خوذة رواد الفضاء.
وقال هوجي “تتسابق الاف الاشياء الى عقلك. (تصبح) حواسك اكثر حدة ووعيك بالموقع يتجاوز كل التوقعات. فأنت تلحظ كل شيء..حفيف أوراق الأشجار.. هبوب الرياح..دقات قلبك.”
وتلقى فريق من اربعة جنود عراقيين تدريبا هذا الاسبوع بمعسكر التاجي على يد فريق امريكي من خبراء التخلص من المتفجرات ولم يقلقهم خطر التعامل مع القنابل التي عادة ما يزرعها المسلحون في المناطق المكتظة بالسكان مثل الأسواق.
وقال جندي عراقي يتدرب على التحكم في انسان آلي يفحص القنابل “لم أشعر مطلقا بالعصبية أو الفزع.”
وجاهد الانسان الآلي – الذي يمشي متثاقلا ويصل ارتفاعه حتى خصر الانسان العادي ويتكون من كاميرات وذراع ميكانيكية مُثبتة على دبابة صغيرة – لانتزاع قطعة معدنية رافعا اصبعه في الهواء.
واضاف الجندي “اذا فكرت في الأخطار فلن أتمكن من العمل..خطأ واحد وينتهي كل شيء.”
وقتل الشهر الماضي 11 من القوات العراقية في واقعة تخلص من المفرقعات في شمال العراق. ومن الواضح ان القوات العراقية لا تزال تتعلم.
ولا يواجه خبراء التخلص من المتفجرات القنابل التي يزرعها المسلحون فحسب بل ايضا الذخائر التي ترجع لعهد صدام حسين والتي لا تزال متناثرة في ارجاء العراق.
وفي التاجي يضم متحف مؤقت للذخائر التي ابطل مفعولها صواريخ يبلغ طولها ستة اقدام والغاما وقذائف مورتر ومنصات اطلاق.
وقال اللفتنانت كلاي كيركباتريك عضو فريق التخلص من المتفجرات “توجد ضغوط كبيرة.. عندما تتعامل مع متفجرات.. هناك عادة فرصة واحدة لتصحيح الأمور. هناك مقولة في مجال التخلص من المتفجرات (نجاح من البداية والا الفشل الذريع).”
ولدى خبراء التخلص من المتفجرات أسباب كثيرة للقيام بمثل هذا العمل الخطير القي الضوء عليها مؤخرا فيلم أشاد به النقاد ويحمل اسم “هيرت لوكر” The Hurt Locker وهو عن قائد فريق للتخلص من المفرقعات في العراق.
وقال جندي انه يستمتع بالشق الفني في إبطال مفعول مادة متفجرة فيما أبدى آخر اعجابه بالعمل تحت ضغط.
اما كيكباتريك فله سبب مختلف وهو “انك تعتاد على استخدام المتفجرات. ان تعيش حلم كل صبي في العاشرة من عمره وهو ان تجعل شيئا يحدث دويا.”
من محمد عباس

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية