The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

سويسرا ترسم مسارًا جديدًا في مجال الطب المراعي للنوع الاجتماعي

الطب المراعي للنوع الاجتماعي
وغالبًا ما يتم تشخيص النساء في وقت متأخر، وغالبًا ما يتم تشخيص النساء في وقت متأخر، ويبلغن عن آثار جانبية أكثر من الرجال. Keystone / Christian Beutler

يسعى الطب المراعي للنوع الاجتماعي ليصبح ممارسة طبية معترف بها وممارسة على نطاق واسع. لكن نقص التمويل وردود الفعل السياسية يجعلان هذا الأمر صعب التحقيق. ومع ذلك، تواصل مجموعة بارزة من الأطباء والطبيبات في سويسرا العمل نحو تحقيق هذا الهدف.

في العام الماضي، أصبحت كارولين ليرشنمولر أوّل من يشغل منصب أستاذة في الطب المراعي للنوع الاجتماعي في سويسرا. آنذاك، صرَّحت لسويس إنفو (Swissinfo.ch) بعدم إرادتها أن تكون شخصية رمزية، بل تريد إرساء الطب المراعي للنوع الاجتماعي، بصفته “تخصصًا أكاديميًا متكاملًا”.

وخلال “المنتدى السويسري الأوّل حول الطب المراعي للنوع الاجتماعي”، المنعقد في برن منتصف الشهر الماضي، جدَّدت ليرشنمولر هذه الرسالة. وقالت طبيبة أمراض القلب الألمانية في جامعة زيورخ: “في البداية، نحتاج إلى روّاد لتمهيد الطريق. أمَّا الاستمرار، فيتطلب عدم ربط الطب المراعي للنوع الاجتماعي بالأفراد، بل ترسيخه على مستوى المؤسسات”.

الطب المراعي للنوع الاجتماعي هو مجال طبّي حديث. ومن حيث المبدأ، يربط هذا المجال الصحة والمرض بعوامل الجنس البيولوجية، وكذلك بالعوامل الاجتماعية والثقافية المرتبطة بالنوع الاجتماعي. ويهدف إلى دمج هذه الجوانب في البحث، والممارسة الطبية، والتعليم.

وفي هذا المجال، يشير الجنس إلى الخصائص البيولوجية مثل الكروموسومات، والهرمونات، والبنية التشريحية. وتؤثر هذه الخصائص، مثلًا، في تطوّر الأمراض، وفي كيفية استقلاب الأدوية داخل الجسم. أمّا النوع الاجتماعي، فيشير إلى الأدوار، والهويات الاجتماعية والثقافية. ويؤثر، مثلًا، في كيفية طلب الرعاية الصحية، وفي التعبير عن الأعراض وتفسيرها، وفي نوعية المخاطر والضغوط المواجهة للفرد.

إنجازات سويسرية وتحديات دولية

وقالت ليرشنمولر لسويس إنفو، تحقّقت خطوات كثيرة في هذا الاتجاه. فقد تأسَّست “الجمعية السويسرية لصحة النوع الاجتماعي”، المشروع الوطني لأبحاث الطب المراعي للنوع الاجتماعي. بالإضافة إلى مسوّدة إرشادات، تأخذ في الاعتبار اختلافات الجنس، والنوع الاجتماعي في طب القلب.

ولكنها تضيف أنّ المجال يواجه رياحًا معاكسة على الصعيد العالمي. فمثلًا، شَنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ توليه المنصب، حملة واسعة ضد سياسات التنوع والشمول في أماكن العمل والبحث العلمي. ونتيجة لذلك، ألغت وكالات الصحة والعلوم في الولايات المتحدة تمويل مئات المشاريع، وحجبت صفحات إرشادية ومواقع إلكترونية متعلقة بالتنوع الجندري. كما خففت شركات الأدوية من استقطاب التأييد، والأهداف المتعلقة بالتنوع، والمساواة، والإدماج، نتيجة الضغوط الكبيرة الممارسة عليها.

وتقول ليرشنمولر إنّها لم تتأثر بشكل مباشر. ولكن “حين تُجري أكبر جهة تمويل حكومي في العالم تخفيضات كبيرة، تطال التداعيات الجميع”.

ومع ذلك، تبقى متفائلة لوجود كثيرين يريدون المضي قدمًًا بمجال الطب المراعي للنوع الاجتماعي. وأضافت، أصبح عددٌ كبيرٌ من الخبراء والخبيرات في الولايات المتحدة الآن أكثر حرصًا على العمل مع الجهات الأوروبية المتعاونة. و “اكتسبت سويسرا حضورًا أكبر في هذا المجال. فقد ظلَّت، على مدى عقد، تحث القيادات على التعامل مع الموضوع بجديّة”.

وقد تجلّى ذلك في أوّل منتدى سويسري حول الطب المراعي للنوع الاجتماعي، المنعقد في 20 و21 أكتوبر في برن. وشارك في المؤتمر حوالى 280 شخصًا من الأوساط الأكاديمية، والصناعية، والقطاع العام. وبلغت نسبة المشاركة من خارج سويسرا 12%. 

الطب المراعي للنوع الاجتماعي
منتدى الطب المراعي للنوع الاجتماعي Swiss Gender Medicine Symposium/Sandra Blaser

تحدّيات في الطريق

ما زال أمام مجال الطب المراعي للنوع الاجتماعي في سويسرا طريق طويل من العمل. فبالإضافة إلى التحديات والرياح السياسية المعاكسة في الولايات المتحدة، لا يتوفر سوى تمويل محدود جدًا.

وقد أطلقت المؤسسة السويسرية الوطنية للعلوم، البرنامج الأوّل حول “الطب المراعي للنوع الاجتماعي” في نهاية عام 2023. وبلغت ميزانيته 11 مليون فرنك سويسري (13 مليون دولار أميركي)، من إجمالي ميزانية سنوية رابط خارجيرابط خارجي تبلغ 1 مليار فرنك سويسري. وقدّم 389 باحثًا وباحثة حوالى 140 اقتراحًا. ولكن لم تكن الميزانية كافية إلا لتمويل 19 مشروعًا فقط.

وقالت ليرشنمولر للحضور: ”يُعتبر عدد الاقتراحات المقدّمة إشارة إلى اهتمام الأشخاص، وقدرتهم على إجراء بحث حول الموضوع في سويسرا. نحن بحاجة فقط إلى مزيد من التمويل لتحقيق ذلك”.

ويُعدّ إنفاق 11 مليون فرنك على مدى خمس سنوات، مبلغًا لا يُذكر إذا ما أخذنا بالاعتبار إنفاق حديقة حيوانات زيورخ 57 مليون فرنك سويسري على حظيرة الفيلة في عامين. وقالت أنطونيلا سانتوسيون شادا، طبيبة و عالمة أعصاب أسّست “وومن براين فاوندايشنرابط خارجيرابط خارجي” (Women’s Brain Foundation)، في بازل: “الموضوع معقّد للغاية، ويحمل الكثير من المخاطر. وبالتالي، يُعتبر المبلغ المُنفَق مثيرًا للسخرية. ندين للنساء بقرن من البحث العلمي”.

المزيد
امراة في مختبر للأدوية

المزيد

مراعاة الفوارق الجنسانية عند تطوير الأدوية: توجّه يزداد الاهتمام به في سويسرا

تم نشر هذا المحتوى على يختلف تأثير الدواء في النساء عن تأثيره في الرجال، ولكن نادرًا ما يؤخذ الجنس والنوع بعين الاعتبار عند تطوير الأدوية. تنشأ الآن تحركات للتغيير، كما في سويسرا.

طالع المزيدمراعاة الفوارق الجنسانية عند تطوير الأدوية: توجّه يزداد الاهتمام به في سويسرا

ولا يزال البرنامج الوطني يشكّل خطوة إلى الأمام بالنسبة إلى سويسرا المتخلِّفة عن البلدان الأخرى. ورغم بدء بعض الجامعات السويسرية بتقديم دورات في الطب المراعي للنوع الاجتماعي منذ أكثر من 20 عامًا، لم تنشئ سويسرا  مراكز، أو مناصب أكاديمية مخصصة لهذا المجال، إلّا في السنوات الأخيرة. وقد جاء ذلك متأخرًا مقارنة بجامعات في الولايات المتحدة، وألمانيا، والسويد، السابقة في هذا المجال منذ وقت طويل.

تخفيف الانقسام

تقول ليرشنمولر، يتمثّل التحدي في محاولة إفهام الناس حدود ومتطلبات الطب المراعي للنوع الاجتماعي. وتتابع: ”قد يكون مصطلح النوع الاجتماعي مثيرًا للجدل بالنسبة إلى البعض. وقد يعود السبب إلى عدم فهم معناه في مجال الطب”.

ويعتبر الجرَّاح غيلدو بيلدي، من مستشفى إنزلشبيتال الأكبر في برن، أنّ ثمة أسباب عملية للغاية، بل منقذة للحياة، تدعو إلى أخذ الجنس والنوع الاجتماعي في الحسبان، لاسيما في حالة عملية زراعة الكبد.

المزيد
مختبر، تم تصويره خلال حفل افتتاح مركز روش الجديد للأبحاث والتطوير في بازل.

المزيد

الوصول إلى الأدوية

هل تعيق أوامر ترامب التنفيذية تطوير الأدوية في سويسرا؟

تم نشر هذا المحتوى على قد يؤثر التخلي عن أهداف التنوع في الأبحاث السريرية سلبًا على تطوير الأدوية ويؤدي إلى تأخيره لعدة عقود.

طالع المزيدهل تعيق أوامر ترامب التنفيذية تطوير الأدوية في سويسرا؟

ويستشهد بمثالين: يُفرز الأدرينالين بشكل أسرع لدى المرضى الذكور، ما يساهم في حمايتهم عند انخفاض ضغط الدم أثناء الجراحة. وفي المقابل، تفرز النساء الكورتيزول، هرمون التوتر” الرئيسي، لفترات زمنية أطول، ما يساعد في الشفاء. ويشرح سبب تعافي النساء من الجراحة بسرعة أكبر.

وتتجاوز الاختلافات حدود التشريح. وشرح للحضور في المنتدى أنّ إحالة النساء إلى الجراحة تتمّ في وقت متأخر، ولا تُعرض عليهنّ أنواع الجراحات الأكثر تقدّمًا في كثير من الأحيان. وقال بيلدي: “يحدّد جنس المريض كيفية الاستجابة للجراحة. ويحدّد النوع الاجتماعي متى تتمّ معالجة المرضى، وكيف”. لذلك، لا بدّ من أخذ العوامل الاجتماعية والبيولوجية بالاعتبار، لضمان تلقي المرضى الرعاية الشخصية المصمّمة خصيصًا لكل حالة.

وقال بيلدي لا تزال هناك مسائل كثيرة عن الاختلافات بين الجنسين، لا سيما في أعمار مختلفة، ما يتطلّب مزيدًا من الأبحاث.

ويعي الأطباء الرواد والطبيبات الرائدات في المجال في سويسرا، أنّ الطب المراعي للنوع الاجتماعي لا يزال مصطلحًا مشحونًا سياسيًا. ويأملون.ن أن يصبح المؤتمر حدثًا سنويًا يجمع القيادات في السياسة والأعمال، وألّا يكون مخصّصًا للعاملين والعاملات في القطاع الصحي فقط.

وقالت كارول كلير، الطبيبة في المركز الجامعي للطب والصحة العامين في لوزان “يونيسانتي”، ورئيسة اللجنة التوجيهية للبرنامج الوطني حول الطب المراعي للنوع الاجتماعي: “هناك خطر من ردود فعل عكسية في سويسرا عند الحديث عن النوع الاجتماعي، لا سيما عند مشاهدة ما يحصل في الولايات المتحدة. وعلينا تخفيف حدّة الاستقطاب في النقاش حول الموضوع”.

تحرير: فيرجيني مانجن

ترجمة: ناتالي سعادة

مراجعة: ريم حسونة

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية