الاتحاد الأوروبي يحاول انتزاع اتفاق بشأن المناخ قبيل “كوب30”
يجتمع وزراء البيئة الأوروبيون مساء الثلاثاء في بروكسل في محاولة لتفادي “كارثة” عبر انتزاع اتفاق بشأن تقليص انبعاثات بلدان الاتحاد الأوروبي لغازات الدفيئة بين عامي 2035 و2040، قبيل انطلاق قمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب30” في البرازيل.
تحاول بلدان الاتحاد الأوروبي منذ أشهر التوافق على هدفين منفصلين لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، أوّلهما للعام 2035 والآخر للعام 2040.
وقالت وزيرة البيئة الفرنسية مونيك باربو لصحافيين في بروكسل “إنه يوم غاية في الأهمية”، محذّرة من أن التوجّه إلى المؤتمر المناخي الأممي الذي يقام بين العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر والحادي والعشرين منه في بيليم من دون اتفاق على الأهداف سيشكّل “كارثة” بالنسبة للاتحاد الأوروبي.
يحتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الثالثة على صعيد أكثر البلدان والتكتلات إصدارا للانبعاثات خلف الصين والولايات المتحدة والهند، لكنه كان الأكثر التزاما من بين كبار الملوّثين بالتحرّك من أجل المناخ، وقد وخَفَض الانبعاثات بنسبة 37 في المئة مقارنة مع العام 1990.
لكن مع صعود الأحزاب اليمينية، بات اهتمام البلدان الأوروبية يتركز على الدفاع والتنافسية على حساب قضايا المناخ، في ظل المخاوف من آثار سلبية محتملة للانتقال قد يحملها التحول نحو اقتصاد صديق للبيئة على النمو في أوروبا.
وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي في بروكسل في وقت متأخر الثلاثاء “إن الوضع صعب جدا”.
ويبدو أن الدنمارك، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد، تبذل جهودا حثيثة لكسب تأييد إيطاليا، إحدى الدول الأكثر تشكيكا في الأهداف المقترحة.
ودعا المفوض الأوروبي للعمل المناخي فوبكه هويكسترا لدى توجهه لحضور محادثات الثلاثاء إلى تعاون دول التكتل الـ27.
ولعل التحدي الأبرز الماثل أمام الوزراء يكمن التوصل إلى اتفاق بالإجماع على هدف الانبعاثات للعام 2035 يُعرف بالمساهمة المحددة وطنيا التي يُفترض بأن تأتي بها البلدان الموقعة على اتفاقية باريس للمناخ إلى قمة البرازيل.
وقال وزير البيئة الألماني كارستن شنايدر لدى وصوله “أريد أن يتوجه رؤساء دولنا وحكوماتنا إلى البرازيل بتفويض قوي جدا وبدور قيادي واضح لأوروبا”.
كما يأمل الاتحاد في حشد دعم أغلبية بلدانه الرئيسية من أجل تحقيق هدف المناخ المقبل الذي حددته المفوضية الأوروبية على مسار بلوغ الحياد الكربوني بحلول العام 2050.
وأفادت المفوضية في تموز/يوليو بأنها تسعى لخفض الانبعاثات بنسبة 90 في المئة بحلول العام 2040 مقارنة مع مستويات العام 1990، في خطوة رئيسية باتّجاه الوصول إلى صافي صفر انبعاثات.
لكن عواصم التكتل ما زال عليها دعم هذه الخطوة التالية، ما سيتطلب تغييرات واسعة في الصناعة والحياة اليومية في ظل القلق المتزايد من التداعيات السلبية على الاقتصاد الأوروبي.
وتدعم إسبانيا ودول الشمال مقترح أهداف العام 2040 كما تدعمه ألمانيا مع بعض التحفظات. لكن المجر وبولندا والجمهورية التشيكية وإيطاليا تعارضه بحجة المخاطر التي يحملها على الصناعات لديها.
في الأثناء، يبقى موقف فرنسا غامضا، إذ تطالب باريس بالحصول على ضمانات بألا تؤثر الأهداف سلبا على قطاعها النووي بناء على خطط الانتقال البيئي والتمويل للصناعات الصديقة للبيئة، وبمساحة للمناورة بشأن الانبعاثات في حال امتصاص غابات أوروبا للكربون بدرجة أقل من المتوقع.
– إجراءات “مرنة” –
وفي مسعى لإقناع المشككين، ستغطي محادثات الثلاثاء مجموعة إجراءات “مرنة” بالنسبة للدول الأعضاء، بما يشمل السماح للدول باحتساب أرصدة الكربون التي تُشترى لتمويل مشاريع خارج أوروبا ضمن إجمالي الانبعاثات التي تساهم هذه الدول في خفضها.
وفشل تعهّد المفوضية بأرصدة كربون تغطي ما يصل إلى ثلاثة في المئة من خفض انبعاثات أي دولة بحلول العام 2040، في إقناع المتمسّكين برفضهم للخطوة، في وقت تطالب بلدان بينها فرنسا بنسبة أعلى تبلغ خمسة في المئة.
كما تطالب بعض البلدان ببند يتيح إعادة النظر في هدف العام 2040 كل عامين.
إلا أن المجموعات المدافعة عن البيئة اتّهمت الحكومات بتقويض طموحات التكتل المناخية عبر ترك ثغرات.
لكنّ دبلوماسيا مشاركا في العملية دافع عن التسوية التي تتبلور في بروكسل، مقرا في الوقت عينه بأنها “ليست جيّدة بالضرورة”.
وأضاف الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن هويته “نحاول تحقيق شيء جيد في واقع موحل وفوضوي وسيئ”.
ومع بدء العد العكسي لـ”كوب30″، اتفقت بلدان الاتحاد الأوروبي في أيلول/سبتمبر على “إعلان نوايا” غير ملزم ينص على خفض التكتل الانبعاثات بما بين 66,25% و72,5% بحلول العام 2035.
وفي مسعى لتجنّب بلوغ طريق مسدود، يُتوقع بأن يقر الوزراء رسميا الثلاثاء هذه النسب على اعتبارها المساهمة المحددة وطنيا الملزمة قانونا بناء على اتفاقية باريس.
ويشدد الاتحاد الأوروبي على أنه ملتزم بدوره الرائد عالميا في مجال المناخ بعدما جمع 31,7 مليار يورو (36,6 مليار دولار) كتمويل عام في مجال المناخ في 2024، ما جعله أكبر جهة مانحة في العالم.
ادك/لين-س ح/ع ش