الرد جاء سريعا
في رد فعل سريع على اغتيال وزير السياحة رحبعام زئيفي، قتل الجيش الإسرائيلي مساء الخميس ثلاثة أعضاء من حركة فتح بالقرب من بيت لحم في الضفة الغربية من بينهم عاطف عبيات المسؤول في الحركة والذي طالبت إسرائيل بتسليمه قبل يومين. وجاء مقتل الاعضاء الثلاثة اثر غارات بالمروحيات طبقا لما اوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
يبدوا أن عملية اغتيال الوزير الإسرائيلي اليمني المتطرف زئيفي، قد أعطت شارون المبرر الذي كان ينتظره من اجل وضع حد لحالة الهدوء النسبي، الذي ساد في الأيام الأخيرة والذي ربما كان مسؤولا عن بداية تفسخ في الحكومة الإسرائيلية باستقالة عضوين منها، أحدهما زئيفي نفسه.
هذا لا يعني أن شارون كان سوف ينتظر بالضرورة مبررا للتصعيد، فقد عمل على استمرار العنف، لا سيما مع تواصل سياسة الاغتيالات التي طالت ثلاثة فلسطينيين خلال الأسبوع الماضي، وسياسة الحصار الأكثر قسوة المفروضة على الشعب الفلسطيني المستمرة منذ عام.
ولقد أعطت إسرائيل، السلطة الفلسطينية مهلة لمدة أسبوع هي فترة الحداد على زئيفي. خلال هذاالأسبوع، وحسب التهديد الإسرائيلي على السلطة أن تعتقل المسؤولين عن الاغتيال، اعتقال قادة الجبهة الشعبية، تسليم المشاركين بالعملية لإسرائيل، واخيرا إخراج منظمات منها حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية عن القانون، وحتى تعطي إسرائيل انطباعا جادا بتهديداتها، فقد حاصرت مدينة رام الله التي توجد فيها قيادة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية وكذلك قادة الجبهة الشعبية، وبدأت بعمليات اقتحام بطيئة من مدخلين للمدينة، أدى ذلك لاستشهاد شخصين على الأقل والقصف والاشتباكات لازالت جارية.
لن يكون من السهل على السلطة الفلسطينية تسليم أي فلسطيني لإسرائيل، وهي لم تفعل ذلك ولا مرة حتى الان. كذلك لن يكون بمقدورها إخراج هذه التنظيمات خارج القانون، ربما تعتقل بعض عناصر او كوادر للجبهة الشعبية، لكن ليس قادتها وامينها العام الجديد كما تطلب إسرائيل، لذلك سوف يؤدي هذا التطور الى رفع وتيرة التوتر وعودة العنف الإسرائيلي الفلسطيني مجددا. فهذه الاقتحامات والقصف، والاغتيالات الإسرائيلية المتوقعة سوف تؤدي الى ردود فعل فلسطينية بدون شك.
لكن من ناحية أخرى، فقد أدت هذه التطورات الى بعض التوتر الداخلي الفلسطيني، وخلقت جدالا حول توقيت هذه العملية التي أتت اثناء محاولات جادة من قبل القيادة الفلسطينية لوقف إطلاق النار وتهدئة الوضع، وبعض أواسط السلطة الفلسطينية تتساءل، عن حق تنظيم معين أن يتصرف بعكس الاتجاه العام للسياسة الرسمية الفلسطينية في هذا الوقت الحساس.
كذلك عن الضرر الذي سيلحقه هذا التصرف بمحاولات القيادة الفلسطينية، جني بعض المكاسب السياسية الناتجة عن توجهات جديدة أمريكية وبريطانية، وهذا في المحصلة محاولة مشروعة لاستثمار تضحيات العام المنصرم وكذلك التطورات العالمية بعد انفجارات الحادي عشر من أيلول وما أدت له من تداعيات.
ويوجد حتى في الشارع الفلسطيني من يؤيد هذا التحفظ تجاه عملية الاغتيال او بالذات توقيتها، لكن هناك اتجاه آخر يعتقد بان من حق أي شاء من القوى الفلسطينية، ان تستمر في النضال والكفاح في سياق هذه الانتفاضة طالما استمر الاحتلال، وان السلطة او القيادة التي لا تشرك قيادة القوى المشاركة في الانتفاضة حين تتخذ قراراتها السياسية، لا تستطيع ان تستخدم الانتفاضة عندما تشاء وتوقفها عندما تشاء.
السلطة الفلسطينية هي الهدف الاساسي للرد الاسرائيلي
الاستماع إلى قرارات الحكومة الإسرائيلية مساء أمس، حين اجتمعت لتنظر في الرد الإسرائيلي على اغتيال أحد أعضائها، يؤدي إلى الاستنتاج بأنهم ينظرون للأمر بقدر كبير من الجدية والخطورة، وانهم يهيئون الجو لان يشمل الانتقام، السلطة الفلسطينية نفسها.
بالطبع حكومة شارون كانت تحاول سابقا أن تشمل ضرباتها السلطة كأن تلغيها أو تطرد رئيسها أو ان تحصر وجودهم في غزة مثلا، لكن الولايات المتحدة كانت تقف حائلا دون ذلك. وهذه المرة، سوف يتوقف الرد الإسرائيلي على طبيعة الخطوط الحمراء والخضراء التي تضعها واشنطن أمام إسرائيل.
واضح أن الولايات المتحدة تحتاج في هذه الفترة إلى السلطة الفلسطينية ورئيسها عرفات، لاعطاء شرعية للإسناد الحكومي العربي للمجهودات الحربية الأمريكية في الشرق الاقصى.
هناك صعوبات أخرى تواجه الولايات المتحدة في التعامل مع ردة الفعل الإسرائيلية تجاه مقتل زئيفي، تتعلق بهوية الوزير السياسية،اذ يعتبر زئيفي من ممثلي أقصى اليمين الفاشي الإسرائيلي، فهو أول من نادى علنا بسياسة تهجير الفلسطينيين بقوة إلى خارج بلادهم، كذلك هو الذي نادى بسياسة القتل ضد الفلسطينيين وربما يفيد التذكير انه استقال قبل يومين من اغتياله تحديدا واحتجاجا على وقف إطلاق النار. هذه الطبيعة لزئيفي، تجعل الأمر صعبا حتى على السلطة الفلسطينية التي ستحرج كثيرا إذا عاقبت أشخاصا فلسطينيين لأنهم قتلوا زئيفي تحديدا.
غسان الخطيب - القدس

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.