المعاناة من تنظيم الدولة الاسلامية تبعد بعض سكان الموصل المحررين عن رجال الدين

دفعت الممارسات الاسلامية المتطرفة التي فرضها تنظيم الدولة الاسلامية خلال سيطرته لاكثر من عامين على الاحياء الشرقية لمدينة الموصل، ببعض السكان بعد تحررهم من التنظيم الجهادي الى التعامل بسلبية مع دعوات رجال الدين الى ممارسة الشعائر الدينية.
وفرض تنظيم الدولة الاسلامية بعد سيطرته على الموصل في حزيران/يونيو 2014، قواعد صارمة مجبرا الجميع على اداء الصلاة وحظر التدخين ومنع المرأة من الخروج الا بارتداء النقاب، كما اعدم المثليين علنا وطبق قطع اليد على السارق.
واراد الجهاديون بذلك جعل السكان اكثر تمسكا بالدين، لكن النتيجة كانت معاكسة تماما بالنسبة لبعضهم.
ورغم الدعوة الى الصلاة التي تعالت من مكبرات صوت احد مساجد شرقي الموصل، فان احد القصابين واصل عمله منكبا على تقطيع اللحم، الامر الذي كان مستحيلا في ظل تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال ان “الموصل مدينة اسلامية وغالبية الشبان كانوا يؤدون الصلاة” قبل دخول مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية اليها، الا انه يندد بالاكراه قائلا “ارغمنا (…) وبات علينا الذهاب الى المسجد رغم ارداتنا”.
وكانت المحال التجارية، قبل استعادة السيطرة على الجانب الشرقي من الموصل، تغلق خمس مرات يوميا تزامنا مع مواعيد الصلاة.
وتمكنت القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، من استعادة شرقي الموصل في اطار عملية واسعة انطلقت في 17 تشرين الاول/اكتوبر.
ويضيف القصاب متذكرا فترة سيطرة التنظيم الجهادي “في احد الايام، تعرض الشاب الصغير الذي كان يعمل معي ل 35 جلدة لانه لم يلب الدعوة الى الصلاة”.
واضاف “الان، لم نعد مجبرين على اغلاق محلاتنا (…) ان نصلي او لا نصلي، الامر يعود الينا”.
ومنع الجهاديون الشيخ محمد الغانم، امام احد المساجد في شرق الموصل، من ان يؤم المصلين في مسجده لرفضه مبايعة تنظيم الدولة الاسلامية.
وبعد خروج الجهاديين عاد الغانم الى مسجده الا انه لم يعد يرى سوى قلة من المصلين.
قال في هذا الصدد “بعض الناس باتوا يكرهون اوقات الصلاة لان تنظيم الدولة الاسلامية كان يجبرهم” عليها.
ــ “ضغط كبير” ــ
وعن رفض البعض ممارسة الشعائر الدينية، قال الشيخ الغانم “انهم يرفضون هذه الامور لانها تذكرهم بتنظيم الدولة الاسلامية”، مضيفا “ان الضغط الكبير يولد الانفجار”.
واشار الغانم، الى ان تثقيف الناس حول الممارسات الاسلامية وتصحيحها ان لزم الامر، كان جزءا من عمله قبل سيطرة الجهاديين على الموصل.
وتابع “الان نتجنب ان نفعل ذلك” لانه قد ياتي بنتيجة عكسية.
وفي حي اخر من شرقي الموصل، يقول احد ائمة المساجد، بانه غير بالكامل طريقة تعامله مع المؤمنين في حيه.
وقال “بتنا نخشى تقديم النصح للناس لانهم لا يشعرون بالارتياح فور رؤيتهم رجال الدين”، مشيرا الى ان هذا الامر ينطبق على غيره من الائمة في الجانب الشرقي من الموصل.
واعرب هذا الامام عن تفهمه لردود الفعل هذه لكنه بدا واثقا بان الاوضاع “ستعود الى طبيعتها تدريجيا”.
وتابع “ان عدد المصلين يتزايد تدريجيا وسيعودون جميعا” بعد وقت من الزمن.
وقال محمد (25 عاما) احد سكان الجانب الشرقي من المدينة “سيعود الناس شيئا فشيئا لان لدى الامام ذهنية جيدة ويتحدث لنا بشكل حسن”.
وتابع “انهم يعودون الى المساجد لانهم اختاروا ذلك” من دون ارغام من تنظيم الدولة الاسلامية.