مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تفاؤل بسنة اقتصادية جيدة

تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة عصب الاقتصاد السويسري، وتحركها قدما إلى الأمام ينعكس ايجابيا على بقية الفروع والأنشطة الاقتصادية والتجارية Keystone

كشف آخر استطلاع للرأي قام به بنك "يو بي اس" بين 300 شركة، عن انتعاش الاقتصاد المحلي، حيث أعربت أغلبيتها عن تفاؤلها بأن يتواصل ذلك التقدم حتى نهاية العام.

وقالت الدراسة التي نشرها البنك في 5 إبريل الجاري أن معدل النمو الاقتصادي في الربع الأول من هذا العام قد وصل إلى 2.2%، على عكس كافة التوقعات.

من يقرأ توقعات خبراء الاقتصاد في نهاية العام الماضي، وترقبات الشركات في بداية السنة الحالية، يفاجأ بالنتيجة التي حققتها بعض المؤسسات في الربع الأول من هذا العام، حيث كانت على عكس تلك التوقعات والترقبات السابقة، وذلك حسب ما أفاد به بنك “يو بي اس” UBS أكبر مصرف سويسري من خلال سبر للآراء يحرص على إجرائه بعد انقضاء الربع الأول من كل عام.

وكانت مجالات الميكنة والصناعات الدقيقة والإليكترونية في طليعة الشركات المستفيدة من هذا النمو الاقتصادي أو بالأحرى المتسببة في حدوثه، تلتها المنتجات الصيدلانية والكيماويات. أما المفاجأة، فكانت في صناعة الساعات التي لم يكن متوقعا لها أن ترتفع مبيعاتها هذا العام بسبب ارتفاع سعر صرف الفرنك السويسري مقابل الدولار.

ومن المفاجآت الإيجابية أيضا التي حملها سبر الآراء، أن نسبة الشركات التي أعربت عن مخاوفها من تراجع المبيعات قد انخفضت من 28% إلى 15% فقط، استنادا إلى المبيعات التي حققتها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، والطلبات التي يجب تسليمها حتى منتصف السنة.

نتائج ايجابية تشجع المستثمرين

هذا التفاؤل دفع بقرابة نصف الشركات المشاركة في استطلاع الرأي إلى التنبؤ بأن أرباحها ستزيد هذا العام، في مقابل 9% فقط من الشركات، التي رأت بأن هذه المؤشرات الإيجابية في بداية العام لن تتواصل حتى نهايته.

ومن المحتمل طبقا لتلك النتائج، أن ترتفع نسبة المبيعات في السوق المحلي الداخلي إلى جانب التصدير الذي قد تصل نسبته إلى 68% من إجمالي المنتجات السويسرية المتوجهة إلى الاتحاد الأوروبي وشرقي آسيا والولايات المتحدة.

ويعزو خبراء بنك “يو بي اس” هذا النمو الذي شهدته الصناعة السويسرية منذ مطلع العام إلى روح التفاؤل السائدة في الأسواق العالمية، والانتعاش الاقتصادي الطفيف في الدول الصناعية الكبرى.

ومن المؤكد أن تؤدي هذه النتيجة الإيجابية إلى تشجيع المستثمرين لضخ أموالهم في تمويل المشروعات أو تحريك التعامل في سوق الأوراق المالية، وهو ما ينظر إليه الخبراء على أنه من أهم الخطوات التي تؤدي إلى تخفيض نسبة البطالة في سويسرا، والتي بلغت معدلات لم تتعود عليها البلاد من قبل.

ومن أهم الإيجابيات التي تنعكس عن هذا النمو الصناعي المرتقب، رفع القوة الشرائية وهو ما استعدت له مصانع السلع الاستهلاكية بعد أن حققت أغلبها الأرباح المتوقعة منذ يناير الماضي وحتى الآن، ثم بدأت في وضع برامج جديدة لتطوير منتجاتها بشكل أفضل، أما سياستها في المبيعات، فستعتمد على تقليل هامش الربح وتوفير عدد كبير من الفرص الشرائية على مدار العام من خلال حملات دورية لتخفيض أسعار بعض السلع لفترة محدودة.

تحذير من المخاطر المتوقعة

لا يمكن النظر إلى هذه النتائج دون مراجعة الأخطار التي قد تعوق تحقيقها، ومن أبرزها حدوث تغييرات مفاجئة في الأسواق العالمية، نتيجة عدم الاستقرار الذي قد يحدث بسبب تقلبات سياسية على الساحة الدولية.

هذه المخاطر العامة تصحبها أخرى على حسب كل مجال تصنيعي. فالصناعات الكيماوية مثلا تخشى من زيادة التصنيع في الدول ذات العمالة الرخيصة، والمنافسة من الشركات غير الأوروبية، كما تنظر الصناعات التعدينية بعين قلقة إلى أسعار المواد الخام أو العثور على بدائل لها أقل تكلفة، مما يجعلها تشعر بعدم الارتياح إلى ما تنفقه من استثمارات.

في الوقت نفسه، تراقب صناعات الإليكترونيات والميكنة الدقيقة التقدم الهائل في هذا المجال خشية ضياع فرص تصنيعية منها، وتحاول الإبقاء على أسرار صناعتها لضمان تمسك عملائها بها.

وتؤدي هذه المخاوف بمجملها، وفي هذه المجالات تحديدا، إلى ما يمكن وصفه بالسباق المحموم للفوز بقصب السباق في مجال البحث العلمي بين المؤسسات السويسرية ونظيراتها في الخارج لتقديم كل ما هو مبتكر وحديث للحفاظ على الصدارة، أو على الأقل عدم التكلس في القوالب التقليدية القديمة، بينما تنتشر الإنجازات العلمية في الدول الصناعية الكبرى.

تفاؤل نسبة كبيرة من الشركات الصغيرة والمتوسطة بتواصل النمو الاقتصادي هذه السنة سيعمل على رفع الروح المعنوية في العديد من القطاعات، وخاصة لدى الرأي العام الذي يتخوف من استمرار الركود وتفشي البطالة التي تضرب بظلالها على جميع نواحي الحياة في سويسرا.

تامر ابوالعينين – سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية