ثورة الاتصالات تشعل التنافس
اشتعلت المنافسة بين شركة الاتصالات السويسرية "سويس كوم" وشبكة نقل قنوات الإذاعة والتلفزة عبر الكابلات الأرضية "كابل كوم"، بعد اقتحام كلا الشركتين لمجال نشاط الأخرى.
التحدي بين الطرفين أخذ أبعادا مختلفة، أما المستفيد في نهاية المطاف فهو المستهلك سواء لجهة ثراء العروض أو تخفيض الأسعار.
المفاجأة جاءت مساء الثلاثاء 8 يونيو عندما أعلنت “كابل كوم” عن بدء العمل رسميا اعتبارا من الفاتح من يوليو بتقديم خدمات الاتصال الهاتفي إلى العملاء بأسعار مكالمات ارخص من “سويس كوم” بنسبة تصل إلى 30% أثناء النهار ومجانا في الليل وأثناء عطلة نهاية الأسبوع، أما الاشتراك الشهري فسيقل بنسبة 20% عما هو عليه في شركة الاتصالات السويسرية.
وبهذه الباقة من الأسعار المخفضة يكون التحدي بين الشركتين قد بلغ سقفا جديدا، ليتجاوز المنافسة التقليدية في سوق خدمات الإنترنت ويدخل حلبة جديدة، فكابل كوم خططت سياسة أسعارها على أساس أنها لا تعتمد على الشبكة المركزية لخطوط الهاتف التي هي حكر على “سويس كوم”، وبالتالي فهي تضع سياسة أسعارها بعيدا عن أية رسوم يجب أن تسددها لشركة الاتصالات الوطنية، على عكس ما تفعل شركات خدمات الاتصالات الأخرى المنافسة.
وأكد رودلف فيشر رئيس شركة “كابل كوم” في مؤتمر صحفي عقده يوم 8 يونيو، أن هذه الأسعار الرخيصة ليست لجذب العملاء، ولن تبدأ الشركة في رفع تعريفة خدماتها من بعد، ومن المتوقع أن يصل عدد مستخدمي هذه الخدمة الجديدة إلى 800 ألف شخص حتى نهاية العام.
التقينات الحديثة تعزز التنافس
لقد فتح التطور السريع والمتلاحق في دنيا الاتصالات ونقل المعلومات آفاقا جديدة للشركات العاملة في تلك المجالات، لتطوير خدماتها وتقديم إمكانيات أوسع وافضل إلى المستهلك، وهي النتيجة الطبيعية لتطبيق ما يتوصل إليه العلم في الحياة العامة.
إلا أن اتساع طيف الإمكانيات التي يتيحها الآن عالم الاتصالات ونقل المعلومات، جعل الشركات لا تكتفي فقط بتحسين الخدمات وأداء الأنشطة المتخصصة التي تعمل فيها، بل تجاوزتها إلى مجالات أخرى قد تكون بعيدة عن اختصاصاتها الأصلية.
فكانت البداية عندما أدخلت الشركة المحتكرة لنقل قنوات الإذاعة والتلفزيون عبر الكابلات الأرضية “كابل كوم” خدمة الإنترنت من خلال نفس الكابل الأرضي الذي يحمل برامج الإذاعة والتلفزيون، ولاقت الفكرة رواجا كبيرا، لأنها تقدم الاتصال بالإنترنت بسرعة فائقة وعلى مدار الساعة دون توقف.
ولم يتواصل هذا النجاح كثيرا إذ استخدمت شركة “سويس كوم” تقنية الاتصالات الفائقة السرعة مستخدمة حزمة عريضة لنقل المعلومات سواء على الشبكة الرقمية أو التقليدية ولعبت على ورقة الاسعار وخدمة العملاء الجيدة والسريعة وانتشار خطوط شبكتها في جميع انحاء سويسرا.
بعد ذلك، مالت الكفة مؤقتا لصالح “سويس كوم” لتقديمها أيضا نوعية جيدة من الحماية ضد اختراق أجهزة الحاسوب، إلى أن فوجئ المستهلكون بإعلان “كابل كوم” اقتحامها لعالم الاتصال الهاتفي واستعمال نفس الكابل الأرضي في المحادثات الهاتفية إلى جانب الإنترنت وبرامج الإذاعة والتلفزيون، عبر استخدام التقنية الرقمية، ونجحت في إقناع 32000 شخص في المشاركة في المرحلة التجريبية للمشروع التي انطلقت في شهر فبراير الماضي.
البقاء للأرخص أم للأفضل؟
ولم تنتظر “سويس كوم” طويلا لرد اعتبارها، فقد أعلنت أنها ستقدم خدمات تزويد عملائها بباقة كبيرة من محطات التلفزيون تصل إلى 500 قناة من خلال خطوط الهاتف، في مشروع تبلغ تكلفته مليار فرنك، ليبلغ التحدي بين الشركتين سقفا جديدا.
فشركة “سويس كوم” تعتمد على أنها تصل من خلال شبكتها الهاتفية إلى أكثر من 3 ملايين بيت في جميع أنحاء سويسرا، أي ما يمثل ثلاثة أضعاف عملاء “كابل كوم”، كما تعول “سويس كوم” على استغلال نقاط الضعف لدى منافستها الجديدة، فاحتكار “كابل كوم” لنقل قنوات الإذاعة والتلفزيون في جميع أنحاء سويسرا جعلها تتحكم فيما يراه حرفاؤها، ولا يتجاوز عدد القنوات التي توزعها 50.
أما “سويس كوم” فتريد من خلال مضاعفة هذا العدد 10 مرات الدخول في التحدي من باب أوسع سيكون من الصعب على مجاراتها فيه، علاوة على ثقة المستهلكين في إمكانيات سويس كوم التقنية وخدمة العملاء الجيدة والالتزام بالكفاءة والجودة.
إلا أن هذه الخطوة لا تعتبر ردا حقيقيا على المنافسة، فإذا عززت كابل كوم مصداقيتها لدى العملاء وأصلحت من سلبياتها في مجال خدمة الزبائن وتأكد خلو نظامها الجديد من المشاكل التقنية، فسوف تحتل المركز الأول بين شركات خدمات الاتصالات في سويسرا، الذي يفوق حجم التعاملات فيه سنويا عن 3 مليارات فرنك، ومن المحتمل أن تستقطب نصف عملاء “سويس كوم” لا سيما من الشريحة التي تعتمد في عملها على الاتصالات مثل الشركات والمؤسسات بمختلف أنواعها وأحجامها.
يُـشـار إلى أنه من المؤشرات الايجابية التي تلت الإعلان عن خدمة الاتصالات الهاتفية من خلال كابل كوم غياب أي تأثيرات سلبية على أسعار أسهم سويس كوم في سوق الأوراق المالية، وهو ما رأى فيه المراقبون دليلا على ثقة المستثمرين بأن شركة الاتصالات السويسرية قادرة على مواجهة التحدي بشكل عقلاني ومتريث.
هذا التحدي القائم بين الجانبين لن يقف عند هذا الحد، بل قد يكون مجرد مرحلة أولى في مضمار التنافس بين الشركتين الذي قد يتطور ليصل إلى مرحلة من سيقدم باقة الخدمات الرباعية أي تلك التي تضم خدمات الهاتف واستقبال قنوات الإذاعة والتلفزيون والاتصال بالإنترنت بأسعار أرخص من الأخرى، وطبقا لقواعد اقتصاد السوق المعمول به في سويسرا فسيكون البقاء والاستمرارية للأرخص والأفضل معا.
تامر أبو العينين – سويس انفو
فتح تحرير قطاع الاتصالات الباب على مصراعية للتنافس بين الشركات حول تخفيض الأسعار، وكانت آخر الشركات المنافسة كابل كوم، التي تنقل بث قنوات الإذاعة والتلفزيون إلى أكثر من مليون بيت في سويسرا.
تعول سويس كوم على امتداد شبكتها إلى أكثر من 3 ملايين بيت في سويسرا وتستعد لطرح مشروع جديد لتوفير 500 قناة تلفزيونة عبر الخطوط الهاتفية (!) لتشتعل بذلك المنافسة بين الشركتين بعد أن بدأت قبل فترة في مجال خدمات الانترنت.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.