صدامات جديدة في تونس الثلاثاء بعد وفاة رجل خلال احتجاجات اجتماعية
تجددت الصدامات مساء الثلاثاء في تونس، لا سيما في طبربة غرب العاصمة تونس حيث توفي رجل أمس خلال مواجهات ليلية على هامش احتجاجات شعبية ضد إجراءات التقشف التي اعتمدتها الحكومة أخيرا، وبعد سبع سنوات على الثورة التي أرست نظاما ديموقراطيا في البلاد.
ونزل مئات الشبان الى الشوارع في طبربة حيث انتشرت تعزيزات كبيرة من القوى الامنية والعسكرية التي ردت على رشقها بالحجارة بإطلاق قنابل مسيلة للدموع، حسبما افاد صحافي في وكالة فرانس برس.
كما شهدت مناطق أخرى فقيرة في القصرين وجلمة القريبة من سيدي بوزيد التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة الشعبية اواخر عام 2010 وبداية “الربيع العربي”، صدامات وإطلاق قنابل مسيلة للدموع ورشقا بالحجارة.
في سيدي بوزيد (وسط)، تم إغلاق طرق بالاطارات ورشق بالحجارة أيضا، كما أفاد مراسل لفرانس برس.
وتم الثلاثاء تشريح جثة الرجل البالغ من العمر 45 عاما الذي نقل الى مستشفى بعد إصابته اثناء مشاركته في تظاهرة الاثنين، لتحديد أسباب وفاته.
ونفت وزارة الداخلية ما تم تداوله بأن الرجل قتل بأيدي الشرطة، مؤكدة عدم وجود أي آثار عنف عليه. وقال الناطق باسمها العميد خليفة الشيباني إن الرجل كان يعاني من مشاكل “ضيق تنفس”.
وقال رئيس الوزراء يوسف الشاهد لاذاعة “موزاييك أف أم” الخاصة “البارحة ليلا، لم نر احتجاجات. البارحة رأينا أناسا يكسّرون ويسرقون ويعتدون على التونسيين”.
وأضاف “في الديموقراطية ليست هناك احتجاجات بالليل. حق التظاهر مضمون في الدستور، والحكومة مستعدة للاستماع، لكن أي شخص… يجب ان يتظاهر بطريقة سلمية”.
وتأتي هذه الحوادث على خلفية مطالب اجتماعية في تونس وخصوصا احتجاجا على إجراءات تقشف دخلت حيز التنفيذ في الاول من كانون الثاني/يناير، وتتضمن زيادة على ضريبة القيمة المضافة وضرائب جديدة.
وشارك حوالى مئة شخص الثلاثاء في تظاهرة في وسط العاصمة بدعوة من تجمع منظمات من المجتمع المدني، لم يتخللها أي حوادث.
وردد المتظاهرون، وغالبيتهم من الشبان، هتافات بينها “زاد الفقر زاد الجوع يا مواطن يا مقهور”، و”نظامك أكله السوس”، و”يا حكومة الالتفاف الشعب يعاني في الارياف”، و”الاسعار شعلة نار”.
وقال حمزة نصري، عضو حملة “فاش نستناو” (ماذا تنتظرون)، لفرانس برس خلال التظاهرة “أتينا الى هنا اليوم … لنعبّر عن رفضنا وتنديدنا باغتيال الشهيد الأول في انتفاضة 2018”.
وأضاف “أبرز مطالبنا هي إيقاف العمل بقانون المالية لسنة 2018 وإعادة الأسعار الى ما كانت عليه وتوظيف فرد من كل عائلة محتاجة”.
وأكد وزير المالية رضا شلغوم لوكالة فرانس برس إن “رئيس الحكومة تعهد عدم زيادة (أسعار) المنتجات ذات الاحتياجات الاولية، والضرائب لا تطال بشيء سلة المنتجات الغذائية لانها خارج اطار الضريبة على القيمة المضافة”.
وأضاف “بين مكتسبات الديموقراطية، هناك احتمال التظاهر لكن لدينا ايضا التزام بالعمل من أجل اقتصاد تونسي سليم لكي تتعزز مؤشرات النمو التي ظهرت عام 2017، ونتمكن من خلق وظائف”.
– “عنف ونهب”-
وأعلن الشيباني لإذاعة “شمس” توقيف 44 شخصا على الاقل بينهم 16 في القصرين و18 آخرون في أحياء شعبية قرب العاصمة، معتبرا ان الاضطرابات “لا علاقة لها بالديموقراطية او المطالب الاجتماعية”.
واشار الى أن منفذي الاضطرابات ألحقوا أضرارا بمقار قوات الامن في منطقة في جنوب البلاد.
من جانب آخر، قال الناطق الرسمي باسم الأمن الوطني العميد وليد حكيمة لوكالة فرانس برس “إن 11 عنصرا من الامن الوطني أصيبوا برشق الحجارة والمقذوفات وقنابل المولوتوف، فيما تضررت أربع آليات للشرطة” خلال الصدامات الليلية.
وأضاف “هذه التحركات جرت بهدف ما يسمى الاحتجاج على ارتفاع الاسعار وموازنة 2018، لكن بالواقع هناك أشخاص يهاجمون الشرطيين ويرتكبون أعمال عنف ونهب”.
ويتم التداول بالدعوات الى التظاهر على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ “فاش_نستناو”.
وقال الشيباني ردا على سؤال لوكالة فرانس برس، “ما حصل أمس مخالف للقانون نظراً الى أننا في حالة طوارئ في تونس”، معتبرا أن “الاحتجاجات مرتكزة على عملية تجييش من خلال وسائل التواصل الاجتماعي”.
ويشهد كانون الثاني/يناير عادة تعبئة اجتماعية في تونس منذ ثورة 2011 وسط أجواء يشوبها توتر مع اقتراب اول انتخابات بلدية في فترة ما بعد الثورة، وقد تقرر اجراؤها في أيار/مايو بعد تأجيلها مرات عدة.
وبعد سبع سنوات من الثورة، لا تزال تونس تواجه صعوبات في إنعاش اقتصادها. وحصل البلد الوحيد الناجي من ثورات وانتفاضات واضطرابات الربيع العربي، في 2016 على قرض جديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 2,9 مليار دولار على اربع سنوات، في مقابل تنفيذ برنامج اصلاحات.
وأقر مجلس النواب التونسي في 9 كانون الاول/ديسمبر قانون المالية لسنة 2018 الذي يتضمن خفض عجز الميزانية الى 4,9 بالمئة مقابل اكثر من 6 بالمئة في 2017 الى جانب توقعات بتحقيق نمو بنسبة 3 بالمئة، لكنه نص على زيادة الضرائب.