مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عزوف سويسري عن فواكه إٍسرائيل

يبدو أن المشاهد المُتكررة لتدمير منازل وأشجار زيتون الشعب الفلسطيني من قبل الدبابات الإسرائيلية قد أثرت على بعض خيارات المستهلك السويسري.

فقد دفع انخفاض مبيعات الفواكه الإسرائيلية في متاجر سويسرا، بعض التعاونيات إلى إخفاء علامة “صُُنع في إسرائيل” وتعويضها بأسماء ماركات لا تدل على بلد المنشأ.

بات واضحا أن المُستهلك السويسري لم يعد يكتفي بحَمل سلّة أو دفع عربة لدى دخوله إلى المتاجر الاستهلاكية، بل أصبح يتخطى عتبة هذه المحلات برصيد من التوجهات السياسية. فهو لن يشتري بضاعة تتعارض مع قناعاته وأفكاره. وإن كان من معارضي سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، فهو لن يمس أي بضاعة تحمل علامة “صُنع في إسرائيل”.

ويبدو بالفعل أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وصور تدمير المنازل والحقول الزراعية وأشجار الزيتون الفلسطينية من قبل الدبابات الإسرائيلية، قد تحولت إلى إحدى أهم العوامل التي أصبحت تتحكم في خيارات المستهلك العادي في سويسرا.

وقد لاحظت أبرز المتاجر الغذائية في الكنفدرالية العزوف المتزايد للمواطنين عن البضائع الإسرائيلية وخاصة الفواكه التي لم تعد تقوى على استيراد كميات كبيرة منها.

للمُستهلكين شروط

ويقول رئيس أرفف الفواكه والخضر في أحد المراكز الكبيرة لسلسلة متاجر “ميغرو” في جنيف: “منذ بضعة أسابيع، قللنا من نسبة طلبياتنا من فاكهة “الأفوكا” (Avocat) الإسرائيلية باثنين إلى ثلاث مرات مقارنة مع الكميات المعهودة لأننا نجد صعوبة في بيعها”.

ومع تشدد سياسة حكومة أرييل شارون، ينفر المزيد من المستهلكين من المنتجات التي تحمل علامة “صُنع في إسرائيل”.

هذا ما تؤكده أيضا المتحدثة باسم متاجر “ميغرو” في جنيف إزابيل فيدون بالقول: “هذا صحيح، نستنتج انخفاضا هاما لمبيعات “الأفوكا” الإسرائيلية في محلاتنا. المستهلكون يفضلون الأفوكا الإسبانية ونحن نحترم اختيارات الزبائن”.

نفسُ الاستنتاج توصل إليه متجر “مانور” حيث شدد المسؤول الثاني عن قسم الفواكه والخضر الطرية في متجر “مانور” بجنيف كريستوف غريتات على أن عددا كبيرا من السيدات يتذمر من الاضطرار لشراء فواكه وبهارات إسرائيلية.

وأضاف السيد غريتات “إن هؤلاء الأشخاص يطلبون نفس المنتجات شرط أن يكون جنيُها قد تم في بلد آخر. وإن لم نوفر لهم ذلك فلا يشترون المنتوج ببساطة”.

علامات تجارية مُبهمة

وتدرك كبريات التعاونيات الزراعية الإسرائيلية أن “البامبلوموس” (الليمون الهندي) والأفوكا التي تُصدرها لأوروبا لا تتمتع بصورة جيدة في أوساط المستهلكين. فكلما ازداد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حدة، كلما ازدادت هذه الصورة سوءا وكلما كان لها تأثير سلبي على المُستهلك.

وبهدف الحد من انخفاض المبيعات لأسباب سياسية، تحاول شركة “اغريكسكو”، أكبر مصدر للمنتجات الزراعية في إسرائيل، الإبقاء على نوع من الغموض حول العلامة التجارية “صنع في إسرائيل”. ويقول المسؤول عن قسم الإعلام في الشركة هايم كيللر في تل أبيب “نحن لا نريد أن يكون للسياسة تأثير على مبيعاتنا من الفواكه. يجب أن تظل الجودة المعيار الوحيد”.

وفي محاولة للتحقُّق من شفافية سياسة تحديد مصدر البضائع في المتاجر السويسرية، قامت مؤخرا صحيفة “لوتون” التي تصدر بجنيف بتجربة استهلاكية حيث اشترت من أربعة متاجر معروفة (هي “ميغرو” و”كوب” و”مانور” و”غلوبوس”) حوالي ثلاثين فاكهة مُختلفة تم جنيها خارج أوروبا. ثلاثٌ منها فقط لم يكن مُسجلا عليها إسم البلد المُنتج، واتضح بعد الفحص والتدقيق أن جمعيها جُنيت في إسرائيل!

فبدل وضع علامة “صنع في إسرائيل” على هذه المنتجات، قررت التعاونيات الإسرائيلية تعويضها بعلامات جودة محايدة لا تحمل إسم البلد المُصدر. فبالنسبة للبامبلُومُوس اختارت علامة “يافا” (Jaffa)، وللأفوكا علامة “كارميل” (Carmel). ولنوع خاص من البامبلوموس لجأت هذه التعاونيات إلى علامة (Bonbon) التي لا توضح أي مرجع أو رقم على الأغلفة.

تجارة غير شرعية؟

وتقول السيدة ايزابيل أيشنبرغر باسكيي، المسؤولة عن المنتجات الزراعية في رابطة المستهلكين الرومانديين “إن المُستهلك يُخدع مرارا بمعلومات مُبهمة، خاصة فيما يتعلق بمصدر الإنتاج”.

وبناء على ذلك، طالبت الرابطة المكتب الفدرالي للصحة العمومية بتعديل القانون حول المنتجات الاستهلاكية من أجل تقديم المزيد من المعلومات للمُشترين حول مصدر وتسلسل الإنتاج.

من جهتها، تشدد الجمعيات السويسرية المُساندة للمزارعين الفلسطينيين على خطورة هذه المشكلة وتدعو إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية.

وفي هذا السياق يوضح كريستوف دولمير، عضو تجمع إغاثة فلسطين في جنيف أن دولة إسرائيل تنتهك اتفاق الشراكة المُبرم مع سويسرا بتصديرها لمُنتجات تمت زراعتها في المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المُحتلة.

وينص هذا الاتفاق على أن المنتجات القادمة من تراب إسرائيل فقط هي التي يمكن أن تستفيد من أسعار جمركية تفاضلية.

وشدد السيد دولمير على أن “الفواكه التي تحمل علامة “يافا” و”كارميل” تصل إلى الأسواق السويسرية من دون أي تمييز من إسرائيل أو مستوطناتها التي تقوم بطريقة غير شرعية في فلسطين”.

التحقق من المصدر..”أمر سياسي”

في المقابل، تلقى البضائع الفلسطينية التي تتمكن نادرا من الوصول إلى الأسواق السويسرية إقبالا كبيرا، حيث لاحظت صحيفة “لوتون” من خلال التحقيق الذي قامت به أن توت الأرض الذي عرضته في فبراير الماضي متاجر “ميغرو” في كانتون فو، وكُتب على أغلفته “توت أرض من فلسطين” نفذ بسرعة كبيرة.

غير أن السيد سامي ضاهر، عضو اللجنة المركزية في جمعية الصداقة الفلسطينية السويسرية، وجمعية زيت الزيتون الفلسطيني التي تستعد لإطلاق حملتها الرابعة هذا العام في سويسرا، شكك في مصدر هذه البضاعة حيث قال في تصريح لـ”سويس انفو”: “لا أعتقد بتاتا أنه بإمكان الفلسطينيين أن يصدروه (توت الأرض) من فلسطين لأن كل المنتجات الفلسطينية التي تصدر من فلسطين تحتاج إلى وقت طويل، فهي تُعوق دائما في كل مراحل التصدير في الميناء أو في مراحل المواصلات حتى تصل إلى ميناء أشدود، وتحتاج بعض الأحيان إلى شهرين”.

وهذا ما دفع السيد ضاهر إلى التساؤل “كيف يمكن تصدير توت الأرض الفلسطيني بهذه الجودة إذا احتاج إلى شهرين حتى يصل إلى الميناء فحسب”؟

ويرى السيد ضاهر أن عمليات التحقق من مصدر مثل هذه البضائع في سويسرا تقع ضمن مسؤوليات الغرف التجارية داخل الكنفدرالية، حيث شدد على ضرورة التحقق من أن “المنتجات التي تصل إلى سويسرا هي منتجات إسرائيلية وليست من منتجات المستوطنات وان تكون المنتجات التي يُكتب عليها “من فلسطين” حقا من فلسطين..هذا أمر سياسي”.

إصلاح بخات – سويس انفو مع صحيفة “لوتون”

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية