The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

هل توجد أصغر مدينة أوروبية في فريبورغ السويسرية حقًا؟

قرية رو
صورة حقيقية من بطاقة بريدية: بلدة رو الصغيرة، التي تقع على قمة جبل صخري تعلوه قلعة من العصور الوسطى. Keystone / Stefan Hunziker

يحلو لبلدية رو، الواقعة في كانتون فريبورغ، تعريف نفسها بأنها "أصغر مدينة في أوروبا". لكن هذا اللقب تتنازعه مدنٌ أخرى، ومن الصعب جدًا التمييز بينها، لعدم وضوح معايير التصنيف.

تُعرف مدينة رو، التي تأسست خلال العصور الوسطى وتقع جنوب كانتون فريبورغ، قرب الحدود مع كانتون فو، عادةً بأنها “أصغر مدينة في أوروبا”. تفتخر البلديّة بهذا اللقب، وتعرضه على موقعها الرسمي. 

كما يُستخدم هذا اللقب على نطاق واسع لأغراض الترويج السياحي. وتعرّف هيئة السياحة السويسرية (Suisse Tourisme) مدينة رو بقولهارابط خارجي “تسحر أصغر مدينة في أوروبا الزوّار والزائرات بأزقتها التي تعود إلى القرون الوسطى، وقلعتها وشلالات شافانيت المحاذية لها”. أما على موقع مكتب السياحة بفريبورغ (Fribourg Tourisme)، فنقرأ: “تدعوكم.نّ مدينة رو، أصغر مدينة في أوروبا، لاكتشاف أزقتها التي تعود إلى القرون الوسطى”. 

وبالفعل، تتأكّد لمن يتجوّل في المكان صحة ما تقوله مكاتب السياحة. فالمكان عتيقٌ، وساحر، و… صغير. بُنيت المدينة حول نتوء صخري تعلوه قلعة. وتحيط بالأزقة الملتوية منازلُ حجرية تقليدية، وكنيسة، وعدد من المباني العامة، وأسوار، ومزارع خلابة. 

بعد عملية اندماج مع بلديات مجاورة، أصبحت قرية رو اليوم تتربّع على مساحة 23،2 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 1،600 نسمة. لكن لا يمثّل القلب الأثري العتيق سوى مساحة تغطي 0،2 كيلومتر مربع، ويقلّ عدد سكانه عن ألف نسمة (لا توجد إحصاءات منفصلة للبلدة بمفردها). 

محتويات خارجية

أما تصنيفها كمدينة، فيتحدد بعوامل تاريخية. ذلك أنّ رو تعد إحدى “المدن الجديدة” التي شيّدها نبلاء سافوي في القرن الثالث عشر، لتعزيز سلطتهم في المنطقة. 

عدة مدن تتنازع اللقب

للوهلة الأولى، لا يبدو القول بأنّ رو أصغر مدينة في أوروبا فكرة عبثية. فهذه المدينة صغيرة، بالنظر لمحدودية مساحتها وقلّة سكانها، خاصةً إذا ما قورنت بمدن مثل موسكو، أو لندن، أو برلين، أو حتى جنيف، أو زيورخ الأصغر حجمًا. 

ولكن تستطيع العديد من المدن الأخرى أيضًا المنافسة على حيازة لقب “أصغر مدينة في أوروبا”.  ومن بين الأسماء الأكثر تداولًا، نذكر  دوربي (بلجيكا)، وهيوم (كرواتيا)، ومدينة الفاتيكان. وعلى مواقع الترويج السياحي، توصف مدينتا دوربيرابط خارجي وهيومرابط خارجي بأنهما “أصغر مدينتين في العالم”. 

لكن يتعلّق الموضوع هنا بعملية تسويقية فقط؛ إذ لا يوجد ترتيب رسمي في الواقع. حتى موسوعة غينيس للأرقام القياسية لم تقم بإدراج مثل هذا التصنيف، رغم منحِها هذا اللقب سابقًا لهيوم. وحاليًا، يتضمن الدليل الشهير تعريفًا لأصغر دولة في العالمرابط خارجي أو حتى لأصغر عاصمة في العالمرابط خارجي، لكنه لا يحتوي على تصنيف محدّد لـ “أصغر مدينة”. 

ليس كلّ شبهٍ مَثلًا

ربما يعود غياب الترتيب الرسمي، إلى عدم استقرار المعايير التي ينبغي أخذها في الاعتبار عند التصنيف. فعند وصف مدينة بأنها “الأصغر”، على أيّ أساس يا تُرى: المساحة، عدد السكان، أم مزيج من الاثنين؟ 

وتوضّح المقارنةُ بين مدينتي رو بسويسرا، ودوربي ببروكسيل صعوبة إجراء مثل هذا التصنيف. فإذا أخذنا في الاعتبار المركز التاريخي، فإن المدينة البلجيكية هي الأصغر بالفعل. إذ يقلّ عدد سكانها عن 400 نسمة، وتبلغ مساحتها 2 هكتار (0،02 كم²). 

لكن عند تغيير السلّم والنظر إلى البلدية ككلّ، تظهر صورة مختلفة تمامًا. إذ تضم دوربي 41 قرية، ويعيش فيها أكثر من 11،000 نسمة على مساحة 157 كيلومترًا مربعًا. وهذا عدد كبير لا يتناسب مع ما يُفترض أن تتسع له “أصغر مدينة في العالم”. أما بلدية رو، فتضم سبع بلدات، أي ما مجموعه حوالي 1،600 نسمة، موزعين.ات على مساحة 23،2 كيلومتر مربع. 

مسألة حجم وعوامل أخرى

ويوجد عنصرٌ آخر يزيد من تعقيد عملية التصنيف. فمفهوم المدينة نفسه في تحوّل دائم. وتختلف معايير تصنيف بلدة ما كمدينة، باختلاف البلد والعصر. 

فالوضع معقّد في سويسرا نفسها. إذ ليس هناك قانون فدرالي يقدّم تعريفًا موحّدًا لمصطلح “المدينة”. وبحكم طبيعة النظام الفدرالي، يختلف التعريف والمعايير المطبّقة من كانتون إلى آخر. 

وتوصف بلدة ما بالمدينة، لإطلاق هذا اللقب عليها في الماضي البعيد، أو لأنها كانت في يوم من الأيام مركزًا حضريًا، مثلًا من خلال احتضان سوق إقليمي أو إدارة. 

وتضاف إلى هذه الاعتبارات التاريخية معايير حديثة، تستند إلى الإحصائيات. ففي العديد من الكانتونات، هناك ميلٌ إلى وصف بلدية ما بـ”مدينة” بمجرد تجاوُزِ عدد سكانها 10 آلاف نسمة. 

من جانبه، لا يستند المكتب الفدرالي للإحصاءرابط خارجي إلى عدد السكان فقط، وإنما أيضًا إلى حجم النشاط الاقتصادي، والسياحي. فلكي تصنّف بلدية ما كمدينة، يجب أن تصل إلى ما لا يقل عن 14،000 “نسمة مكافئة”. وهو مؤشر يُحسب على أساس عدد السكان المقيمين والمقيمات، وعدد الوظائف، وعدد الليالي الفندقية. كما يجب بلوغ كثافة السكان في المدينة 2،500 نسمة مكافئة على الأقل، لكل كيلومتر مربع. 

أمرٌ معقّد، أليس كذلك؟ معقّدٌ إلى درجة أنّ حتى أدوات البحث القائمة على الذكاء الاصطناعي، تصبح أحيانًا من غير فائدة أمام التعقيد السويسري. ولتتحقق.ي من ذلك، جرّب/ي أن تسألها السؤال التالي: “ما هي أصغر مدينة في سويسرا؟” أغلب الظن أنّك ستحصل على إجابات متنوّعة، وتأخذك في رحلة إلى أركان متفرقة من البلاد… 

تحرير: سامويل جابيرغ

ترجمة: موسى آشرشور

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلّي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية