The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

لا نظارات للدجاج … وقوانين سويسرية غريبة أخرى لحماية الحيوانات

حماية الحيوان
مشهد من الفيلم الكرتوني "فرّوج القِلَّة" (Chicken Little). إهداء من إيفريت، مجموعة إيفريت. Copyright Walt Disney Co.

تتميز سويسرا بقوانينها الصارمة في مجال حماية الحيوانات، وهي تُعتبر أحيانًا أكثر تقدمًا من تلك الموجودة في دول أخرى. ولكن، هل هي بالفعل فريدة من نوعها؟ على سبيل المثال، ينص القانون على حظر استخدام النظارات أو العدسات اللاصقة للدجاج. 

في وقت سابق، نشر برنامج “مُثير للعجب” (Quite Interesting)، التابع لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، على صفحته في فيسبوك معلومة تقول: “إن القوانين في سويسرا تمنع إلزام الدواجن المنزلية ارتداء النظارات أو العدسات اللاصقة.”. 

وأثار الخبر العديد من التساؤلات: عدسات لاصقة ونظارات للدجاج؟ متى حدث ذلك أصلًا؟ هل من المعقول أن يقع فريق التحرير في هيئة الإذاعة البريطانية في خطأ كهذا؟ 

وكان الجواب بالنفي؛ لم يرتكب الفريق أيّ خطأ. في الواقع، تنص المادة 20 من اللائحة السويسرية لحماية الحيوان (OPAn)، على حظر ممارسات تتعلق بالطيور الداجنة. وقد ذكر البرنامج واحدة من هذه المحظورات، المتمثّلة في “استخدام النظارات والعدسات اللاصقة، وتركيب أجهزة تمنع إغلاق المنقار”. 

وترتبط هذه القاعدة بممارسات ما زالت قائمة في بعض الدول، وإن لم تعد واسعة الانتشار. 

دجاج آكل لبني جنسه

وتشير سيبيل كونو، من مؤسسة حقوق الحيوان (Tier Im Recht) ومقرها زيورخ، إلى أن وضع النظارات أو العدسات اللاصقة على الطيور كان محاولة لأقلمتها مع ظروف تربية “غير عادلة وتنال من حقوقها”. 

فعند حشر مجموعة من الديوك والدجاج في مساحات ضيقة، دون توفّر وسائل إلهاء كافية، فإنها تميل إلى الشجار وقد تتطور لديها ميول “لافتراس بني جنسها وبناته”. ولمنع ذلك، ما زالت بعض المزارع حول العالم تلجأ إلى قصّ مناقير الطيور. وتستخدم مزارع أخرى “النظارات”، التي لا تهدف إلى تحسين الرؤية بل لتقليصها، عبر عدسات حمراء أو حتى حاجبات للرؤية. 

حماية الحيوان
في إحدى المزارع التابعة للشرطة المسلحة، بمقاطعة جيانغسو شرقي الصين، أُجبر الدجاج على ارتداء نظارات خاصة لتفادي العراك والافتراس. Fei Bojun – Imaginechina

ظهرت فكرة العدسات الملوّنة في الولايات المتحدة مطلع القرن العشرين، بهدف منع الدواجن من تمييز لون الدم. فآنذاك، كان يُعتقد على نطاق واسع أن لون الدم يخلق سلوكًا عدوانيًا لدى الدواجن. 

فيديو (1947) يروِّج لنظارات الدجاج من إنتاج الشركة الوطنية للشرائط والوسوم (National Band and Tag Company) الأمريكية:

محتويات خارجية

غير أن تركيب هذه الأجهزة، باستخدام مشبك أو إبرة تخترق المنقار، يسبب ألمًا شديدًا للحيوانات، ويعرضها لخطر الاصطدام بالأشياء التي لم تعد تراها بوضوح، كما توضح كونو. 

أمَّا العدسات اللاصقة فتؤدي الغرض نفسه. ففي الثمانينات، سجّلت شركة “عدسات الحيوانات” (Animalens) الأمريكية براءة اختراعرابط خارجي  لعدسات حمراء خاصة بالدواجن. 

وطرحت الشركة منتجها في السوق، زاعمةً أنه يعزز إنتاج البيض، ويقلل من استهلاك العلف، ويخفض معدلات النفوق. لكن  أثبتت الدراسات التي أجريت  لاحقًا، أن النتيجة الوحيدة لاستخدام العدسات هي زيادة معدلات التهابات العين لدى الدجاج. 

حماية الحيوان
براءة اختراع لنظارات الدجاج (1903). رسم يوضح جهازًا صممه أندرو جاكسون الابن، لحماية عيون الدجاج من نقر الدجاجات الأخرى. مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأمريكي / مكتبة الصور العلمية

تفرُّد لغوي لا أكثر 

بناءً على ما سبق، لم يكن من المستغرب حظر سويسرا هذه الممارسة من خلال تعديل اللائحة الفدرالية لحماية الحيوان، عام 2008. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى احتواء قوانين دول أخرى، مثل المملكة المتحدة، على قواعد مشابهة أيضا. 

ومع ذلك، لا يمكن لوم هيئة الإذاعة البريطانية على تقديمها هذه القاعدة كأنها “خصوصية سويسرية”. فالتشريعات البريطانيةرابط خارجي  تستخدم مصطلحات تقنية معقّدة، مثل: “يُحظر تركيب أي جهاز يهدف إلى الحدّ من رؤية الطائر، باستخدام أساليب تخترق الحاجز الأنفي أو تشوّهه”. 

أمَّا مصطلح “نظارات الدجاج”، فهو في الواقع ظاهرة لغوية أكثر منها قانونية. ويبدو أن سويسرا اعتمدت لغة أبسط، وأكثر مباشرة في نصوصها القانونية. (انظر.ي إطار المعلومات)  

كرامة الحيوان

رغم  أن منع استخدام النظارات والعدسات اللاصقة للدجاج ليس خاصًا بسويسرا فقط، إلا أنها تبرز على الساحة الدولية بسبب قوانينها الأكثر صرامة في مجال رعاية الحيوانات. 

ومن أبرز الأمثلة على ذلك، خنازير غينيا. ففي سويسرا، يمنع القانون امتلاك خنزير غيني واحد؛ إذ تتسم هذه الحيوانات بطبيعتها الاجتماعية، مثل الأرانب، والقوارض، والببغاوات، وتواجه صعوبات إذا لم تعش مع أفراد نوعها. 

أشارت دراسة حديثة للمقارنة بين الإيطالية المتداولة في سويسرا، وتلك المتداولة في إيطاليا، إلى أن النصوص القانونية السويسرية أكثر وضوحًا.

وتؤكد أنجيلا روسي، أستاذة اللسانيات في جامعة بازل، منجزة الدراسة في سبتمبر 2024، هذا الاستنتاج. وتقول: “تكاد النصوص الرسمية الصادرة عن الكنفدرالية بالإيطالية، تكون دومًا ترجمات عن الألمانية أو الفرنسية. والمفاجئ، أن هذا لا يشكّل عائقًا، بل يفتح المجال أمام تواصل أعلى جودة”. 

وأضافت روسي، في تصريح لوكالة الأنباء Keystone-SDA، أن فرق الترجمة في الحكومة الفدرالية، تراجع النصوص بدقة لضمان وضوحها. وأشارت إلى تدخّل هذه الفرق عند الحاجة، لتصحيح النصوص أو تحسينها. كما أوضحت أن فرق الترجمة تنجز هذه النصوص بالتوازي مع صياغة النسخ الأصلية، ثم يناقشها البرلمان، ويعدّلها عند الحاجة. 

وأقرّت سويسرا هذا القانون ضمن تعديل لائحة حماية الحيوان عام 2008. وجاءت هذه المراجعة بعد تعديل كبير على القانون الفدرالي لحماية الحيوان عام 2005. 

حماية الحيوان
زوج من خنازير غينيا داخل قفص. Ole Berg-Rusten / Ntb

ومثّلت هذه المراجعة إنجازًا مهمًا للجمعية السويسرية المركزية لحماية الحيوان، إذ جرى إدراج العديد من مطالبها في نص القانون، كما أوضح هاينتس ليونهارد، الذي كان آنذاك مديرًا للجمعية، في حديث مع سويس إنفو (Swissinfo.ch). 

أما الجانب الأهم الذي تميزت به سويسرا، وفقًا لسيبيل كونو، فهو مفهوم “كرامة الحيوان”، إذ  اُعتمد  هذا المفهوم في تعديل قانوني عام 2005، حيث تم إدراجه في الفقرة (أ) من المادة (3) من قانون حماية الحيوان السويسري . وتوضح الخبيرة أن مفهوم صون كرامة الحيوان يشكل نقطة تحول في تشريعات حمايته، وهو خطوة نحو إطار يركز على الكائنات الحية، إذ يمنح الحيوانات قيمة قانونية محمية، بغض النظر عن قدراتها الإدراكية. ومع ذلك، تعتقد أنه لا يزال هناك مجال كبير للتحسين. 

ومع ذلك، ترى كونو أن هناك مجالًا واسعًا للتحسين، وتضيف: “فمثلًا، وبسبب غياب نص جنائي محدّد، كما هو الحال في قانون حماية الحيوان الألماني، يبقى قتل أي حيوان دونَ سبب وجيه فعلًا، لا يعاقب عليه القانون السويسري”. 

سقف للمبيعات السنوية من الحيوانات

واصلت سويسرا سنّ القوانين منذ عام 2008. ومن أبرز التعديلات على لائحة حماية الحيوان ما أقرّته السلطة التشريعية في فبراير 2025، في دقة تعكس الطابع السويسري. إذ حدّد التعديل عدد الحيوانات الممكن بيعها إلى أطراف ثالثة سنويًا، وألزم مديري.ات المزراع بطلب تصريح من السلطات المحلية عند تجاوز هذا الحد. 

فمثلًا، ينصّ البند الرابع على سقف أقصاه “300 فأر، أو جرذ، أو قَدَّاد (هامستر)، أو جربوع”. لكن تتضاءل هذه الدقة مقارنة بالبند السابع المقيِّد لاقتناء الطيور الغريبة، بما يلي: “لا يزيد على نسل 25 زوجًا من الطيور الصغيرة (بحجم الكروان أو أصغر)، ولا أكثر من 10 أزواج من الطيور الأكبر حجمًا، ولا يزيد على خمسة أزواج من طيور المكاو أو الكوكاتو”. 

المزيد
النشرة الإخبارية السياسة السويسرية

المزيد

السياسة السويسرية

نشرتنا الإخبارية المتخصصة في السياسة السويسرية

السياسة في الكنفدرالية: الاقتراعات، النقاشات والقرارات البرلمانية والأفكار الجديدة بإيجاز ووضوح. كل ما يحتاجه المرء ويساعده على الإدلاء برأيه في نشرة إخبارية واحدة.

طالع المزيدنشرتنا الإخبارية المتخصصة في السياسة السويسرية

وهكذا تواصل الجهات التشريعية عملها الدؤوب من أجل الحيوانات، حتى وإن لم تتمكَّن أحيانًا من مواصلة العمل بجدية. 

فمثلًا، تحدَّثت النائبة جيرالدين سافاري عام 2015، خلال جلسة لمجلس الشيوخ نوقش فيها استيراد زعانف القرش، وقالت مازحة: “لقد أصبحنا حديقة حيوانات من كثرة الحديث عن الحيوانات”. وبعد وقت قصير، حين اضطرت لطلب موافقة الجلسة العامة على مقترح لمكافحة مرض “خراف” الأغنام، لم تتمكّن من كتم الضحك. 

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: زينو زوكّاتيلّي

هل سمعت يومًا شيئًا غريبًا عن سويسرا أثار اهتمامك؟

هل هناك حكاية عن سويسرا أثارت اهتمامك؟ شاركنا وشاركينا بها، فقد نقوم بتسليط الضوء عليها في مقال قادم!

55 إعجاب
43 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: دانيالي مارياني

ترجمة: ريم حسونة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية