قانون حيازة الأسلحة ضروري.. لكن نجاعته محدودة
بمصادقتها على اتفاقيات شنغن، اعتمدت سويسرا آليا، التشريع الأوروبي المتعلق بالأسلحة. لكن ليس هناك قانون يمكن أن يحول دون حدوث مذابح أو عمليات مروعة.
هذا الأمر تؤكّـده الأحداث الأليمة التي عرفتها أخيرا بلجيكا، كما أن حمّـام الدم الذي شهدته مدينة تسوغ قبل خمسة أعوام، لم يكن من السهل تجنبه.
في صباح 11 مايو 2006، اشترى طالب شاب من مدينة أنفيرس ببلجيكا بندقية صيد وبعض الذخيرة، وانطلق في عملية تصيّـد رهيبة للبشر، مطلِـقا النار على أشخاص ملوّنين.
أول ضحاياه، كانت سيدة من أصل تركي، أصابها بجروح بليغة، ثم أطلق النار بدم بارد على فتاة شابة ذات بشرة سوداء وعلى الطفل الذي كانت ترعاه ولا يزيد سنه عن عامين.
القاتل اشترى سلاحه بشكل شرعي في محل متخصص في بيع الأسلحة، لكن القوانين الأوروبية فيما يتعلق بمسك الأسلحة (صدرت في عام 1991)، تحدّد أنه فيما يتعلق بـ “مراقبة وترويج وحمل الأسلحة النارية”، فإن مسك الأسلحة يجب أن يكون مرخّـصا من طرف السلطات، أما فيما يتعلق ببيع أسلحة الصيد أو الرياضة، فلا يجب الإعلان عنها، إلا عند اقتنائها.
حمام دم في البرلمان
سويسرا عرفت أيضا بعض المآسي من هذا القبيل. ففي يوم 27 سبتمبر 2001، اقتحم شخص قاعة الاجتماعات للبرلمان المحلي في تسوغ حاملا سلاحه بيده، الرجل قتل 15 شخصا، من بينهم 3 أعضاء في الحكومة المحلية و11 نائب في البرلمان المحلي.
أقدم منفّـذ المجزرة على العملية بشكل منفرد، ثم وجّـه سلاحه إلى نفسه بعد وقت قليل من عمليته المجنونة. لقد كانت بندقيته العسكرية الأداة التي استُـعملت في مذبحة تسوغ، التي أحدثت صدمة لدى كل سكان سويسرا.
هذه المأساة أشعلت الجدل مجددا في الكنفدرالية حول الأسلحة العسكرية، التي يُـحتفظ بها في البيوت وحول ضرورة تعزيز إجراءات الأمن حول البرلمانات المحلية في الكانتونات الـ 26.
في نفس السياق، حصُـلت ردود فعل مشابهة بعد مقتل البطلة السابقة في رياضة التزلج على الجليد، كورين ري – بيلي على يد زوجها الذي استعمل مسدسه العسكري.
الإطار القانوني لشنغن
يجدر التنويه إلى أن التوجيهات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي في مجال حمل الأسلحة وحيازتها، تُـمثل قوانين الحد الأدنى فحسب، إلا أن بعض البلدان الأعضاء مثل بريطانيا، سنّـت قوانين أشد صرامة حول الأسلحة.
التشريعات الأوروبية في هذا المجال تعتبر جزءً من الترسانة القانونية المترتبة عن اتفاقيات شنغن، ولهذا السبب يتعيّـن على سويسرا أن تعتمدها حال انضمامها رسميا إلى فضاء شنغن.
المواطنون السويسريون، الذين سبق لهم أن صوّتوا يوم 5 يونيو 2005 لفائدة اتفاقيات شنغن، صادقوا بالتالي على التشريعات الأوروبية في مجال حمل وحيازة الأسلحة. والآن، جاء الدور على الحكومة الفدرالية لتُـصدر المراسيم التطبيقية لهذه التشريعات، حسب القوانين السويسرية.
تشديد طفيف
عمليا، لا يفرض الانضمام إلى شنغن على سويسرا، أكثر من تشديد طفيف لمواد القانون الحالي، وعلى كل حال، فإن أي شخص يتلقى قطعة سلاح أو يقتنيها من عند أحد الخواص، يجب عليه أن يحصُـل ترخيص لحمل السلاح.
ويقول يورغ بوهلر، نائب رئيس دائرة التحليل والوقاية في المكتب الفدرالي للشرطة، “يتعلق الأمر بتحسّـن واضح. فعن قريب، ستُـصبح عملية تبادل أسلحة بين خواص، التي تتم بشكل سريع وبدون رقابة في محطات الاستراحة على الطرق السريعة، غير قانونية.
في المقابل، لن تكون هناك حاجة لترخيص بحمل السلاح بالنسبة لبنادق الصيد أو البنادق الرياضية. فعلى الرغم من أن هذه النوعية من الأسلحة فيها قدر من الخطورة، إلا أنه سيكون كافيا قيام أصحابها بإعلام السلطات عنها.
استعمال نادر
يشير يورغ بوهلر إلى أن “السلاح الذي يسمح بالقضاء على خنزير وحشي، يمكن أن يؤدي إلى قتل إنسان”، لكنه يضيف أن “الإحصائيات تشير إلى أن البنادق وغيرها من أدوات الصيد نادرا ما تستعمل لارتكاب جرائم”، وهذا السبب “هو الذي دفع المشرع السويسري إلى التفريق بين الأمرين وإلى الاكتفاء بإطار قانوني في الحد الأدنى”.
المؤكّـد أن مبررات سياسية أدت إلى توجّـه الحكومة الفدرالية والبرلمان إلى اعتماد تكييف “الحد الأدنى” للتوجيهات الأوروبية المتعلقة بالأسلحة، تجنّـبا لمصادمة وإثارة حساسية جمعيات الرماية والصيد، القوية في سويسرا، وخاصة عشية التصويت على اتفاقيات شنغن، وهو ما أدى إلى اقتصار المعارضة للانضمام إلى شنغن على جزء محدود من لوبي الأسلحة في سويسرا.
تغير العقليات في بلجيكا
في بلجيكا، يوجد عدد كبير من أصحاب السلاح، وهم منظمون بشكل جيّـد. إلا أن الصدمة التي نجمت عن الهيجان القاتل ذي الطابع العنصري، الذي شهدته مدينة أنفيرس، أدّت إلى تغيير في العقليات في البلد. فقد ألغى البرلمان البلجيكي، عن طريق إجراء مستعجل، البيع الحر لبنادق الصيد.
وفي الوقت الحاضر، تحاول السلطات استعادة السيطرة على ما يقارب من مليوني قطعة سلاح غير مسجلة من خلال وضع سجلّ رسمي لها. وقد جاء الدليل على ضرورة اتخاذ إجراء من هذا القبيل قبل أسبوعين فقط، حيث اكتشفت السلطات البلجيكية خلية عسكرية تضم متطرفين من أقصى اليمين تمكّـنت من جمع ترسانة ضخمة خاصة عبر عمليات تهريب غير مشروعة للأسلحة.
سويس انفو – سيمون ثونين – بروكسل
(ترجمه وعالجه كمال الضيف)
يقدّر رقم المعاملات الدولي المرتبط بإنتاج الأسلحة بحوالي 7،4 مليار دولار سنويا.
يتراوح عدد الأسلحة المصنعة في العالم بين 7،5 و8 مليون قطعة.
هناك 98 بلدا لديه القدرة على إنتاج أسلحة خفيفة وذخائر.
الولايات المتحدة والصين وروسيا، هم أكبر منتجي الأسلحة في العالم.
تصنّـف سويسرا ضمن 30 بلدا، تعتبر منتجا متوسطا للأسلحة، أما فيما يتعلق بإنتاج الذخيرة، فهي على قمة الترتيب على المستوى الأوروبي.
لا توجد أرقام دقيقة حول ترسانات الأسلحة الخاصة في أوروبا، إلا أن مجموعة العمل، التي تحمل اسم “مرصد الأسلحة الخفيفة” ومقرها جنيف، تقدر أن عدد الأسلحة النارية المتداولة في الدول الـ 15، الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (قبل عملية التوسيع الأخيرة)، يناهز 67 مليون قطعة.
الفنلنديون الذين يتوفرون على 39 قطعة سلاح لكل مائة ساكن، هم أكثر المواطنين الأوروبيين “تسلحا”، ويأتي وراءهم في الترتيب الفرنسيون والألمان بـ 30 قطعة سلاح لكل مائة شخص، أما الهولنديون فلا يتوفرون إلا على قطعتي (2) سلاح لكل مائة شخص.
يبلغ المعدل في سويسرا 16 قطعة سلاح لكل مائة شخص، وهو ما يضعها في منتصف الترتيب على المستوى الأوروبي، لكن لو تم احتساب الأسلحة العسكرية، التي يحتفظ بها جنود جيش الميليشيا السويسري في بيوتهم، لأصبحت سويسرا بمليوني قطعة سلاح، خاصة وعسكرية، ضمن كوكبة الدول الأكثر تسلحا في أوروبا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.