مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نزع السلاح: سويسرا تدعو للخروج من المأزق

المشاركون في مؤتمر نزع السلاح يستمعون للكلمة التي توجه بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم 23 يناير 2008 في جنيف Keystone Archive

ترى سويسرا أن بإمكان مؤتمر نزع السلاح الخروج من المأزق الذي يتخبط فيه منذ سنوات لو وافقت الدول الأعضاء على الوثائق الثلاثة المطروحة للنقاش والتي ساهمت برن في إعدادها أثناء ترؤسها للمؤتمر العام الماضي.

وكان المؤتمر قد توصل في دورة يونيو الماضي إلى بلورة وثيقة توفيقية اقترحها الرؤساء الذين تداولوا على مؤتمر نزع السلاح في عام 2007، لكن تردد البعض حال دون ذلك.

يتساءل المراقبون في جنيف هذه الأيام هل سيتمكن مؤتمر نزع السلاح هذه المرة من التغلب على الخلافات القائمة بين أعضائه والتي شلت نشاطاته منذ عام 1996، والتوصل الى اتفاق بخصوص جدول أعمال يسمح له بمواجهة مشكلة من أهم المشاكل القائمة حاليا في العالم ألا وهي السباق من أجل التسلح سواء كان نوويا أو في الفضاء الخارجي أو حتى بأشكاله التقليدية؟

يمكن القول إن طرح تساؤل من هذا القبيل في الفترة السابقة للمشاورات التي دارت بين الأطراف المعنية في موفى شهر يونيو 2007 كان أشبه ما يكون بالرجم بالغيب وتعبيرا عن عدم الجدية. أما اليوم فهناك العديد من الدول (من ضمنها سويسرا) وكذلك الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، الذين يعتبرون أن الاقتراح المعروض على الدول الأعضاء منذ يونيو 2007 يشكل أرضية مقبولة لتحضير برنامج عمل لمؤتمر نزع السلاح يلبي تطلعات الجميع ويسمح للمؤتمر باستئناف نشاطاته التي سجلت صفحات زاخرة بالمكاسب والنجاحات حتى في فترة الحرب الباردة.

“إنكم أمام خطر ضياع الطريق”

وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد خاطب المؤتمر أثناء تواجده الأخير في جنيف في 25 يناير الماضي محذرا الدول الأعضاء من أن “مؤتمر نزع السلاح أمام خطر ضياع الطريق، في الوقت الذي مازال العالم في حاجة الى خدماته”. وأضاف بان كي مون قائلا: “إنه في الوقت الذي يعترف فيه الجميع بالمخاطر المحدقة بالسلم والأمن العالميين لم تتمكنوا أنتم من توحيد الصفوف لمواجهة تلك المخاطر”.

وقد ذكّر الأمين العام بأن “المؤتمر كان على وشك التوصل إلى اتفاق بخصوص المقترح الذي قدمه الرؤساء الستة للمؤتمر في العام 2007”.

وهذا الحل الوسط الذي توصل إليه الرؤساء الستة والمعروض اليوم على الدول الأعضاء للموافقة عليه كأرضية لتحديد أشغال المؤتمر في المستقبل، هو الذي كان محور تدخل السفير السويسري لدى مؤتمر نزع السلاح يورغ شترولي في الجلسة التي انعقدت صباح الثلاثاء 5 فبراير 2008في قصر الأمم بجنيف.

تجنب “الربط بين المواضيع”

السفير السويسري نوه إلى أن النقاش سوف لن يبدأ اليوم من الصفر نظرا لوجود وثيقة معروضة للموافقة تتعلق بفتح مفاوضات بخصوص التوصل إلى معاهدة لمنع إنتاج المواد الانشطارية لأغراض عسكرية.

ويعتبر السفير يورغ شترولي استنادا إلى مفاوضات العام الماضي التي شارك في قسم منها بصفته رئيسا للمؤتمر أن “المناقشات التي تمت بخصوص موضوع المواد الانشطارية، تعتبر الموضوع الأكثر نضجا وأنه وصل الى مرحلة تسمح بفتح مفاوضات”، لكن السفير السويسري يحذر من عدم ربط فتح مفاوضات بهذا الخصوص بأية شروط أخرى.

وجدير بالذكر أن هذا النزوع إلى “الربط بين المواضيع” هو الذي عرقل أشغال مؤتمر نزع السلاح، إذ أن الدول النووية ترغب في فرض حظر على إنتاج المواد الانشطارية بينما لا تقبل أن تطالبها الدول غير النووية بضرورة فتح نقاش حول نزع أسلحتها النووية. وهو موقف ترى فيه الدول غير النووية “التزاما في اتجاه واحد”، في الوقت التي تشعر فيه بأنها مهددة بهذه الأسلحة النووية.

سباق التسلح في الفضاء الخارجي

سباق التسلح في الفضاء الخارجي يعد من المواضيع المطروحة على النقاش منذ سنوات، ولكن بدون التوصل إلى جدول أعمال متفق عليه.

وإذا كان هذا الموضوع من المقترحات المعروضة على مؤتمر نزع السلاح للحصول على موافقة بشأن الخوض فيها، فإن سويسرا عبرت على لسان سفيرها عن الدعم الكامل لهذا المشروع نظرا لأن برن تعتبر – شأنها في ذلك شأن العديد من الدول – أن التطبيقات الفضائية أصبحت تقدم خدمات جليلة ومتنامية، وهو ما يفرض ضرورة الإبقاء على الفضاء الخارجي مفتوحا وبشكل مستمر في وجه الجميع.

كما عبرت سويسرا عن الأمل في فتح نقاش شفاف وشامل بين الدول الأعضاء، من أجل التوصل الى اتفاق يمنع نصب أسلحة في الفضاء الخارجي، وهذا خلال الدورات القادمة لمؤتمر نزع السلاح.

مشكلة نزع السلاح النووي المعقدة

من النقاط الأخرى التي أثارت جدلا كبيرا في مؤتمر نزع السلاح مشكلة فتح نقاش عام بخصوص نزع السلاح النووي وفي إطار مؤتمر نزع السلاح، وهو ما عارضته دوما الدول النووية التي ترى أن هذا الموضوع يجب أن يتم فقط بين الدول المالكة للسلاح النووي وخارج نطاق المؤتمر.

وهذا الموضوع يوجد أيضا من بين النقاط المعروضة على مؤتمر نزع السلاح ضمن الاقتراح الوسط المنتظر لموافقة الدول. وذكّر السفير السويسري بأن ما هو مطلوب في هذا الإطار هو “ضرورة فتح حوار حول إجراءات عملية لنزع السلاح النووي بشكل عام”.

وترى سويسرا من جهتها أن مؤتمر نزع السلاح يمكن أن يقدم اقتراحات عملية في هذا الإطار. كما طالبت برن جميع الدول الأعضاء في مؤتمر نزع السلاح بالمشاركة في حوار مفتوح وشفاف بخصوص الضمانات التي يجب أن تقدمها الدول النووية للدول غير النووية وحول المناطق المنزوعة السلاح النووي.

آمال وتطلعات

أخيرا، يعقد مؤتمر نزع السلاح الذي تترأسه تونس دورته الحالية آمالا على تدخلات عدد من كبار المسؤولين في دول مؤثرة الذين تمت جدولة كلماتهم أمام المؤتمر هذه الأيام. لذلك تسود أجواء من الترقب لتدخلات عدد من المسؤولين المهمين في بلدان النادي النووي لمعرفة التوجه الذي ستأخذه المحاولات الرامية لإخراج المؤتمر من جموده الذي طال.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

في عام 1940 طورت الولايات المتحدة السلاح النووي ثم تلاها الاتحاد السوفييتي في عام 1949 ثم بريطانيا في عام 1952، وفرنسا في عام 1960 ثم الصين في عام 1964.

شرعت الأمم المتحدة في مناقشة مشكلة السلاح النووي منذ العام 1950 وأسست وكالة الطاقة الذرية التي مقرها في فينيا في عام 1956.

أسس مؤتمر نزع السلاح في عام 1979 بوصفه المحفل الأممي الوحيد المكلف بمناقشة مواضيع نزع السلاح وحل مكان العديد من اللجان التي كانت مكلفة بمناقشة الموضوعات المرتبطة بمسألة نزع السلاح.

تمكن المؤتمر من تحقيق نجاحات كبيرة من بينها:
– معاهدة منع التجارب النووية في الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء لعام 1963
– معاهدة منع الانتشار النووي لعام 1968
– معاهدة الحد من التجارب النووية تحت سطح الأرض لعام 1974
– معاهدة التفجيرات تحت سطح الأرض لأغراض سلمية لعام 1976
– وآخرها معاهدة منع كل التجارب النووية لعام 1996

بعد هذه الإنجازات، أصيبت أشغال المؤتمر بالشلل منذ عام 1996، حيث لا زال يحاول التوصل الى برنامج عمل مقبول يحظى بموافقة جميع الدول الأعضاء.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية