مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“نعم” للمقاربة الثنائية في العلاقة مع أوروبا

Keystone

تمثل نسبة التأييد الحاسمة (56%) لاتفاق توسيع حرية التنقل لمواطني الدول الجديدة في الإتحاد الأوروبي قبولا شعبيا واضحاً بمنهج المقاربة الثنائية للعلاقة بين برن وبروكسل.

الملفت هذه المرة أن الاختلاف التقليدي في السلوك الانتخابي لسويسرا الناطقة باللغة الألمانية ونظيرتها الناطقة باللغة الفرنسية قد تضاءل كثيراً.

للمرة الثالثة على التوالي وافق جمهور الناخبين السويسريين على مبادرة سياسية أوروبية.

فبعد إقرار الناخبين للحزمة الأولى من الاتفاقيات الثنائية عام 2000، صوتت الأغلبية بنعم على انضمام سويسرا إلى معاهدة شنغن واتفاقية دبلن في يونيو الماضي، ثم جاء الدور على اتفاقية توسيع حرية التنقل لتشمل مواطني الدول العشر الجديدة الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، التي التحقت يوم الأحد 25 سبتمبر بالركب.

مثل هذه النتيجة الحاسمة القوية لم يتوقعها أحد، إذ وافق الناخبون السويسريون بنسبة 56% على مواصلة سويسرا السير في طريق العلاقات الثنائية بينها وبين الإتحاد الأوروبي.

ولأن أخر استطلاع للرأي أُجري قبل الانتخابات جاءت نتيجته غير حاسمة، كانت القناعة السائدة بصورة عامة تؤكد على وجود شريحة من الناخبين متأرجحة بين الموافقة والرفض. أما الآن فيبدو أن أعداداً كبيرة من هذه الشريحة قد صوتت بنعم في اللحظة الأخيرة.

جورج لوتز، الباحث في العلوم السياسية بجامعة برن بدا هو الآخر مندهشاً من هذه النتيجة. وهو يقدر أن نسبة التأييد الحاسمة إنما جاءت بسبب الحملة القوية الداعية للتصويت بنعم، ويقول: “كانت حملة مكثفة قوية حتى اللحظات الأخيرة”.

الفجوة تتضاءل

التغيير الواضح في السلوك الانتخابي السويسري تبدى واضحاً هذه المرة في الأنحاء الناطقة بالفرنسية والألمانية: فقد بدأ الاختلاف المزمن في أنماط التصويت بين الجانبين، الذي اعتاد عليه المراقبون في كل ما يتعلق بالعلاقات بين أوروبا وسويسرا (وملفات السياسة الخارجية عموما) في التراجع شيئا فشيئا.

هذا التراجع أخذ يتزايد منذ التصويت بالرفض على انضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي في ديسمبر من عام 1992، واليوم لا يفصل بين الجانبين اللغويين سوى بضعة نقاط في المائة لا أكثر ولا أقل.

المناطق الفرنسية، التي كانت تعتبر في السابق بوقاً مؤيداً لأوروبا، تبدو اليوم في تصويتها أكثر تشككاً ونقداً للإتحاد الأوروبي، على حين مرت سويسرا الألمانية في نفس الفترة الزمنية بمرحلة “نضوج”، بدت أثارها في طريقة تصويتها العملية والبراغماتية.

ويوضح الخبير لوتز قائلاً: “الكثير من الأصوات كانت تخشى من الإنعكاسات التي سيتسبب بها التصويت بـ “لا” على الاتفاقيات الثنائية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي”. وهو ما قد يفسر إلى حد كبير سبب ارتفاع نسبة التصويت بـ”نعم” يوم الأحد الماضي.

ومن المدهش أنه حتى الشريحة السكانية في الأرياف في الكثير من الكانتونات في سويسرا الألمانية قد تحركت في اتجاه التصويت بـ”نعم” في استفتاء 25 سبتمبر. أما جبهة الـ”لا” فقد تمحورت في مناطق سويسرا الداخلية وفي كانتوني أبنزل – رودس الداخلية والتيشينو (جنوب).

عودة إلى موضوع العضوية

ومما لا شك فيه أن إقرار الناخب السويسري لتوسيع مجال تطبيق مبدأ حرية تنقل الأشخاص مع الإتحاد الأوروبي سيؤدي مرة أخرى إلى إثارة الجدل حول قضية انضمام سويسرا إلى المنظومة الأوروبية.

ويبرز هنا احتمالان يقفان في الواجهة: إما التوقيع على اتفاق شامل مع الاتحاد الأوروبي، أو الانضمام إليه. وضمن هذا الإطار بدأت بعض الأصوات (اليمينية أساسا) تعلو مطالبة بسحب طلب الحكومة الفدرالية الانضمام إلى الاتحاد، الذي قدمته قبل 13 عاماً إلى بروكسل.

ووفقاً لتقارير إعلامية، فإنه من المقرر أن تنظر الحكومة الفدرالية في مسألة طلب الإنضمام في اجتماعها الدوري الأسبوع المقبل، كما يتوقع أن تلتقي وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – راي بنظيرتها الأوروبية بينيتا فيريرو فالدنر يوم الثلاثاء القادم.

من جهة أخرى، تعتزم الحكومة الفدرالية عقد لقاء ضمن إطار متكتم في موفى شهر أكتوبر أو مطلع شهر نوفمبر لمناقشة سياسة سويسرا تجاه أوروبا بشكل عام.

كل هذا لا يعني أن الوقت حان كي تعقد الأعراس لزف برن إلى بروكسل، على الأقل في المدى المنظور. لذلك يخفف الخبير لوتز من فورة حماس البعض قائلاً: “من الواضح للجميع أن انضمام سويسرا إلى الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي غير محتمل”.

سويس انفو

سوف يتوسع تطبيق الإتفاق المبرم بين برن وبروكسيل حول حرية تنقل الأشخاص الذي بدأ العمل به منذ فترة لمواطني الدول الأعضاء الخمسة عشر ليشمل مواطني الدول العشر الجديدة في الإتحاد

الدول الجديدة المعنية بالإتفاق هي: أستونيا و ليتوانيا وليتونيا والمجر وبولونيا وتشيخيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وقبرص ومالطا

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية