مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 آفاق واعدة للشركات الصغرى

 الصناعات الصغيرة لا غنى عنها لاستكمال ما تعتبره الشركات الكبرى غير مجدي، ولسد احتياجات صغار المستهلكين Keystone

أظهر استطلاع للرأي قام به بنك UBS أن الشركات المتوسطة والصغيرة على ثقة بأنها تمارس دورها التقليدي في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في سويسرا، وأنها تسير في الاتجاه الصحيح.

المقصود بالشركات الصغيرة والمتوسطة هي تلك التي تضم أقل من مائتين وخمسين عاملا وتشتغل في مختلف القطاعات مثل الخدمات العامة للمواطنين، إما مباشرة أو كطرف وسيط بين المؤسسات الكبرى وصغار المستهلكين، أو في مجال التصدير مثل تصنيع الساعات لحساب الغير أو مكاتب الرحلات والسفر. كماتمكنت بعض تلك الشركات من إثبات وجودها خارج حدود سويسرا اعتمادا على تقنية تنفرد بها أو إنتاج أجهزة متخصصة في مجالات تقنية مثل الطب أو الصيدلة.

وكانت هذه الشركات قد تعرضت لأزمات في السنوات الخمس الماضية بسبب تراجع الطلب على خدماتها واندماج عدد من الشركات الكبرى لتكوين مؤسسات عملاقة اكتسحت بعض المجالات بسبب ما تقدمه من أسعار زهيدة لا تستطيع الشركات الصغيرة منافستها.

لكن أغلب تلك الشركات الصغيرة تماسكت واستطاعت الصمود أمام هذه الصعوبات بسبب تعاون بعض منها التي تعمل في مجال واحد أو بسبب دعم من الشركات الكبرى بالتنازل عن التعاقدات الصغيرة لا سيما في تصدير الاجهزة الدقيقة وصناعات الكهرباء أو تلك المتعلقة بقطاع البناء والتشييد. كما عرفت المطابع بعض الصعوبات في الحصول على تعاقدات جديدة إما بسبب اللجوء إلى الطباعة في الخارج أو انتشار برامج الحاسب الآلي التي توفر هذه الخدمات لبعض المستهلكين.

جميع مناطق سويسرا تتساوى في الخسائر و الارباح

وعلى عكس الشركات الكبرى التي تتمركز في مناطق أو مدن بعينها، تنتشر الشركات الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء سويسرا وبالتالي فإن نجاحها أو فشلها يكون متساويا تقريبا في جميع المناطق، حتى أن بعضا من هذه الشركات لا سيما من شرقي سويسرا المتحدث بالألمانية لجأ إلى المناطق الغربية لسد فراغ في مجال ما في سويسرا الروماندية.

ويشير سبر الآراء الذي أعده بنك UBS إلى أن منطقة زيوريخ الكبرى، امتدادا إلى وسط سويسرا، تعتبر من أكثر المناطق التي ترحب بنشاطات تلك الشركات مهما اختلفت مجالات عملها وتوجهاتها، نظرا للكثافة السكانية العالية نوعا ما في هذه المناطق وانتشار الصناعات الكبرى هناك، مما يسهل عمليات التسويق للشركات التي تعتمد على التعامل مع المستهلكين مباشرة أو التواصل مع الشركات الكبرى للعاملين في المجال التقني.

أكثر القطاعات نشاطا خلال الفترة الأخيرة، حسب استطلاع الآراء، كان في مجال نقل السلع والبضائع والشركات العاملة في مجال المعلوماتية والحاسب الآلي وبرمجياته، بينما يتعشم قطاع البناء في أن تخف موجة الجفاف التي يعاني منها ويعود إلى سالف عهده، بعدما اكتفت أنشطته في السنوات الأخيرة على أعمال الترميم والمقاولات البسيطة.

صوت واحد … وهدف واحد والنجاح أكيد

ويمثل منتدى الاقتصاد السويسري، Swiss economic forum صوت المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة، إيمانا بدورها في خدمة الاقتصاد الوطني للقضاء على البطالة وتلبية احتياجات السوق المحلية أو التصدير في بعض المجالات السابق ذكرها، حيث يخصص المنتدى ملتقى سنويا في مدينة تون جنوبي العاصمة برن تحرص اغلب الشركات على المشاركة فيه لطرح برامجها ومناقشة المشاكل التي تواجهها، كما تشارك فيه بعض الشركات العالمية من داخل سويسرا وخارجها.

وربما يكون اختيار مدينة تون لاستضافة الملتقى السنوي لهذا المنتدى راجعا إلى التأكيد على دور هذه الشركات في التصدي للأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها منطقة بأكملها، حيث شهدت منطقة تون أزمة اقتصادية حادة في مطلع التسعينيات وتمكنت بفضل تكاتف الشركات المتوسطة في اجتياز الأزمة.

ولعل عدد المشاركين هذا العام، والذي يناهز ألفا وثلاثمائة شخص يعكس مدى أهمية هذا المنتدى، الذي يناقش موضوع كيفية التعامل مع السرعة البالغة التي يتطور بها عالم المال والأعمال وانعكاس ذلك على تلك الشركات، لا سيما وان أغلبها لا يتمتع بما لدى الشركات الدولية الكبرى من إمكانيات تواكب بها هذه المتغيرات.

بقاء هذه الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم على الساحة ونجاحها في مواجهة الصعوبات التي واجهتها سابقا واستعداداتها لما سيواجهها مستقبلا، دليل على أن هناك مجالا للوقوف في زاوية بعيدة عن طوفان العولمة وأن إظهار الأسماك لمكامن قوتها بإمكانيات محدودة يمكنه إبعاد الحيتان عنها… و لو إلى حين.

تامر أبو العينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية